ويعد فيلم "وجدة" هو أول فيلم يتم تصويره بالكامل داخل الأراضي السعودية و بطاقم سعودي كامل.
كما يمثل الفيلم اول تجربة انتاج أوروبي سعودي مشترك، اذ اشتركت في انتاجه شركة ريزر فيلم الألمانية (التي وقفت وراء بعض الافلام التي حصدت جوائز غولدن غلوب و ترشيحات الأوسكار أمثال فيلم "رقصة الفالس مع بشير "و الجنة الآن")، بالتعاون مع ستوديوهات روتانا من السعودية وبمشاركة يونايتد تلنت إيجنسي الأمريكية، و ماتش فاكتري من ألمانيا.
والمنصور هي أول امرأة مخرجة في المملكة العربية السعودية، تحمل درجة البكالوريوس في الأدب المقارن من الجامعة الأمريكية في القاهرة، كما نالت درجة الماجستير في الإخراج السينمائي من جامعة سيدني العريقة بإستراليا.
اخرجت المنصور قبل وجده عددا من الافلام القصيرة امثال: "من؟"، "الرحيل المر"، "أنا والاخر" و"نساء بلا ظل" الذي اثار الكثير من الجدل في السعودية.
تصف المنصور نفسها بأنها من خلال أفلامها وعملها سواء في التلفزيون والصحافة المكتوبة "كانت شغوفة باختراق جدار الصمت الذي يحيط بحياة النساء السعوديات وتوفير منصة لأصواتهن غير المسموعة".
* سألنا المنصور في بداية حوارنا معها عما يمثله عرض فيلمها في الدورة الحالية لمهرجان البندقية السينمائي الدولي بالنسبة اليها؟
ـ هذا الاختيار يمثل بالنسبة إلي شيئا كبيرا. لقد عملت على هذا الفيلم مدة طويلة نحو خمس سنين في كتابة السيناريو والتفاصيل الانتاجية والبحث عن التمويل. ويعد هذا الفيلم أول فيلم يصور داخل السعودية حيث صورناه في الرياض.
وكانت تجربة صعبة بالنسبة لنا لأن السعودية منطقة غير سينمائية، إذ واجهتنا مصاعب كثيرة في التصوير، لكننا ، جميع العاملين، نشعر اننا تمكنا رغم كل هذه المصاعب ان نقدم فيلما جيدا ويعترف به في مهرجان البندقية ويدخل في اختيار رسمي ضمن مهرجان من مهرجانات الصف الاول، جاء ذلك تتويجا لرحلة عملنا هذه.
"منطقة غير سينمائية"
* قلت إن السعودية منطقة غير سينمائية وواجهتك صعوبات كثيرة، ما طبيعة هذه الصعوبات وهل كان من بينها ايجاد نساء سعوديات يوافقن على التمثيل في الفيلم، أو صعوبة الحصول على بيئة مناسبة للتصوير.. هل لك ان تشرحي لنا ذلك؟
"ثمة جيل جديد من النساء السعوديات، ليس في السينما فقط بل في الكتابة والرواية والشعر والرسم والفنون، أي مجموعة من النساء اللاوتي يرغبن في أن يكون لهن صوتهن الخاص،ويسعدني جدا ان اكون جزءا من هذا الظاهرة"
المخرجة هيفاء المنصور
ـ طبعا، التصوير في السعودية صعب لأنه ليست هناك كوادر مدربة للعمل في السينما، ولا يوجد مناخ سينمائي ولا توجد معدات او معامل تحميض. كل هذه الاشياء تفتقدها السعودية وكل العاملين في المنطقة هم من العاملين في التلفزيون، وهناك اختلاف كبير بين آليات التلفزيون وآليات السينما.
وايجاد ممثلات سعوديات كان صعبا، لكننا كنا محظوظين جدا في أن تكون معنا الممثلة السعودية المشهورة ريم عبد الله، وريم تخلصت في هذا العمل من الأداء التلفزيوني واعطتنا اداءً سينمائيا جميلا الى جانب الطفلة وعد محمد، التي واجهنا صعوبة كبيرة في الوصول اليها.
لقد أجرينا اختبارات كثيرة في الشرقية والرياض ومناطق سعودية أخرى، وفي آخر اسبوع لنا جاءت الطفلة وعد التي كان حضورها هو ما نبحث عنه ولها روحية الطفلة التي نتحدث عنها في الفيلم.
لقد لعب الحظ معنا دورا كبيرا، لأنك لا تستطيع في السعودية ان تجري دعوة مفتوحة لاختيار الممثلات والممثلين "اوبن كول كاستنغ"، فالعملية تتم من خلال اشخاص يعرفون اشخاص اخرين، لذا تكون عملية اختيار المواهب محدودة.
*طيب، هل ان افلامك مقتصرة على العرض في المهرجانات؟ وفي بلد لا توجد فيه صالات سينمائية كيف تصلين الى جمهورك؟
ـ لا طبعا، الفيلم كان إنتاجا ألمانيا سعوديا مشتركا. وستكون لدينا عروض سينمائية في اوروبا. كما تولت مؤسسة يو تي أية عملية التوزيع في امريكا الشمالية ،وتتولى شركة روتانا عملية العرض في الشرق الاوسط، وهي شركة كبيرة وبالتأكيد لديها خطة لوضع الفيلم على خارطة العرض ولوضعه في دور العرض.
ولكن في السعودية أتوقع أن يكون العرض عبر "الدي في دي" والتلفزيون فقط . نحن نحاول ان نعمل ضمن النسق السائد ولا نتحدى كثيرا بقدرما نطمح لأن نعمل فيلما جميلا يصل الى الناس ونجعل الناس هم من يطلب مشاهدته، أي أن يكون فيلما انسانيا بالدرجة الاولى وليس فيلما يحاول ان يثير الناس ويثير غضبهم.
مجتمع مغلق
* كانت المرأة موضوعة أثيرة لديك في افلامك، وفي هذا الفيلم قاربت موضوع المرأة من خلال حكاية بسيطة لفتاة تطمح بركوب دراجة هوائية فتصطدم بمحظورات المجتمع التقليدي. ما الذي اردت قوله عبر هذه الحكاية؟ وهل ستظل المرأة موضوعة افلامك الأثيرة أم ان هناك موضوعات اخرى ستتناولينها في افلامك القادمة؟
بقدم الفيلم حكاية بسيطة عن فتاة تطمح بركوب دراجة هوائية فتصطدم بمحظورات المجتمع التقليدي
ـ اتكلم عن المرأة لأن هذا الموضوع قريب مني. فأنا تربيت في السعودية ودرست في مدارس سعودية، ونشأت في مدينة صغيرة هناك، فأهلي ووالدي من الزلفي وهي مدينة صغيرة في ضواحي الرياض، ووالدتي كذلك من مدينة صغيرة جدا. فأنا اشعر ان هذه الاشياء قريبة مني.
كنت دائما اعيش في محيط نسائي معين، واشعر أنني افهم جيدا هذا المحيط، كما أشعر أن هذا المحيط مغلق يبدو اشبه بالسر ولا تعرف الناس الكثير عنه.
فالمجتمع السعودي ليس مجتمعا ضد الاختلاط بل مجتمع مغلق تماما فلا ترى أي شيء ولا تعرف أي شيء عن هذا الجزء من المجتمع. أحس ان هناك قصصا شيقة تحدث في هذا الجزء من المجتمع واستطيع ان أرويها
* هل تشعرين انك بذلك تؤدين دورا تنويريا بالنسبة للمرأة في السعودية؟
لا اميل الى أن استخدم عبارات من قبيل دوري تنويري، فأنا نفسي نخبوية، بقدر ما أحاول تقديم فن يحبه الناس.
حاولت في هذا الفيلم تناول موضوعة المرأة واعطاءها بعدا انسانيا ابتعد فيه عن الجدل النخبوي، أعني أن ترى الفيلم وتتعاطف مع هذه الفتاة وتحس بأحلامها وطموحاتها وتكون جزءا من رحلتها الى النجاح.
في بداياتي عملت فيلم "أنا والاخر" وكان فيلما كله شباب، ويتكلم عن قضية التعايش الفكري بين الاطياف المختلفة في السعودية.
أحس انني اقدم قضايا افهمها، واحس ان الاحساس والشعور مهم جدا في تقديم فيلم سينمائي، ليست لدي اجندة محددة بقدر ما عندي توجه لتقديم قصص شيقة، قصة تلمس مشاعر الناس وتهمهم واحس انها قصة مهمة وليست معلقة في الهواء. هذه الاشياء التي تجعلني اقدم افلاما. لكن لا اعتقد أنني ساكرس عمري لتقديم افلام نسائية فقط.
العلاقة بالمحافظين
*ما هو موقف المجتمع التقليدي الذي عارض الاختلاط وعمل المرأة مما تقومين به وهل تعرضت الى محاربة المحافظين ورجال الدين في هذا المجتمع السعودي؟
"التيار المحافظ نفسه يستخدم الانترنت ويستخدم مختلف اشكال التكنولوجيا التي فيها صورة وليس شيئا تجريديا، أي انهم يستخدمون الصورة فلماذا لا نستخدمها نحن."
المخرجة هيفاء المنصور
ـ طبعا المجتمع السعودي مثلما ذكرت مجتمع محافظ وتقليدي، وأحس أحيانا انني "قطبية"، أي ان هناك اناس معي تماما واناس ضدي كليا. لكنني احترم التيار المحافظ واتمنى منهم أن يحترموني، دائما يكون بيننا احترام وجدل.
أرفض التطاول على هذا التيار كما أرفض أن يتطاولوا علي، وأتمنى ان يكون بيننا حوار دائم واحترام. وانا اشعر انهم يحترمونني، لا أحس انني من الشخصيات التي لا يحترمونها لأنني لا اقدم شيئا مبتذلا، ولم احاول ابدا إثارة الجدل لمجرد اثارة الجدل. انا مواطنة سعودية ولدي اهتمامات ولدي نتاج ولدي صوت واتمنى انهم يحترمون هذا الشيء.
* لكن ثمة إعتراض على الوسط الذي تستخدمينه نفسه، اعني السينما، إلى جانب الاعتراض على انتاج المرأة، وكونها في منزلة هامشية فكيف تواجهين كل ذلك؟
عرض فيلم وجدة في تظاهرة افاق في مهرجان البندقية السينمائي
ـ بالضبط السينما هنا شيء شائك، ولا نستطيع أن نقول ان السينما سيئة بالمطلق، هذا تعميم مرفوض. هم يركزون على أن يكون هناك شيء يحترم خصوصية السعودية، على سبيل المثال السعودية بلد يمنع الاختلاط، لذا يجب أن تكون هناك دور عرض للنساء واخرى للرجال اذا فكروا باقامة دور عرض سينمائي. نحن مع هذا الشيء ولسنا ضده، ولكنني ضد التعميم بأن السينما شيء سيء.
ولا اتوقع أن أي انسان ذا تفكير سليم يستطيع القول إن السينما شيء سيء بالمطلق. فالتيار المحافظ نفسه يستخدم الانترنت ويستخدم مختلف اشكال التكنولوجيا التي فيها صورة وليست شيئا تجريديا، أي انهم يستخدمون الصورة فلماذا لا نستخدمها نحن.
* الان اصبحت لك الريادة في مجال الاخراج السينمائي النسوي في السعودية. لقد كان هذا المجال النادر في بلادكم حكرا على الرجال، كيف تنظرين إلى المستقبل؟ هل ترين ان نساء اخريات سيسرن في الطريق الذي سرت فيه؟
ـ أنا متفائلة جدا بالمستقبل، لم يكن قصدي أن اكون أول امرأة سعودية تدخل مجال العمل السينمائي، ولا ان اكون صاحبة اول فيلم يصور في السعودية اطلاقا، الامر حصل ضمن رحلة الحياة.
ودائما ما اجد اناسا في طريقي، خصوصا من الفتيات اللائي يرغبن في أن يكن سينمائيات واتمنى ان اكون جزءا من رحلتهن لصنع افلام جيدة ومعرفة خبايا المهنة.
واشعر بالفخر والاعتزاز لذلك واتمنى أن أمهد لهن الطريق وامد لهن يد المعونة واكون الى جانبهن.
ثمة جيل جديد من النساء السعوديات، ليس في السينما فقط بل في الكتابة والرواية والشعر والرسم والفنون، أي مجموعة من النساء اللواتي يرغبن في أن يكون لهن صوتهن الخاص،ويسعدني جدا ان اكون جزءا من هذا الظاهرة.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.