هاني لبيب
بعد مرور سنتين تقريبا على مزاحمة فيروس كوفيد 19 والمعروف إعلاميًا بـ «كورونا» لأنشطة حياتنا اليومية.. حدثت تغيرات عديدة سواء فى سلوك التعامل أو التجمعات واللقاءات أو استمرار شكل العمل بصورته التقليدية، وفى مقدمتها الحضور اليومى لعدد محدد من ساعات العمل، والتى تعتبر ضمن أولويات المتابعة لإدارات الموارد البشرية للتأكد من انتظام الحضور والانصراف منعًا للخصم من المرتب.

أثبتت تجربة الإجراءات الاحترازية التى تمت خلال 2020 و2021 أن الشكل التقليدى لبيئة العديد من الأعمال ليست كما نتصور، وأصبح من المقبول العمل من المنزل بأسلوب الـ «Online» لعدد محدد من الساعات حسب المتفق عليه، كما يمكن الحوار والنقاش من خلال العديد من التطبيقات على غرار «Zoom». ولم يتأثر سير العمل فى العديد من الشركات والمؤسسات بهذا الأسلوب. كما لم يتأثر سير العمل فى العديد من الجهات التى خفضت عدد حضور العاملين إلى 50% يوميًا بالتبادل بينهم.

ما سبق، يحتم علينا الانتباه إلى التطور الذى سيحدث قريبًا فى أشكال العديد من مجالات العمل.. خاصة مع الـ 5G ومع تقنية الميتافيرس. من المؤكد أنه خلال سنوات قليلة جدًا قادمة.. سيشهد العالم اختفاء العديد من الأعمال.. مثلما حدث مع العديد من الصحف والمجلات التى توقفت ورقيًا تدريجيًا، واستمرت إلكترونيًا.

من الأعمال المتوقع اختفاؤها خلال الفترة القادمة الصحفى بشكله التقليدى الذى يعتمد فى متابعته على الحضور بنفسه والتغطية الصحفية المرتبطة بالملاحظات الشخصية. الآن أصبحت غالبية الوزارات أو الشركات والمؤسسات الخاصة.. تعلن عن نفسها أو تعبر عن أعمالها وإنجازاتها من خلال بيانات رسمية، وهو ما ينشر فى كافة وسائل الإعلام حسب أسلوب وصياغة كل مكان.. ولكن بالمحتوى نفسه. وأصبح هناك شبه اتفاق على نشر معلومات تلك البيانات الرسمية كما هى دون تدخل أو تجويد حرصًا على عدم الإخلال بالمضمون. وأصبح الأمر يحتاج إلى محرر ليقوم بنشر البيان. وهو ما يجعلنى أعتقد أن العمل الصحفى الإعلامى سيحتاج فى هذا الشكل الجديد إلى صحفيين لديهم القدرة على التحليل وتقديم وجهة نظر جديدة ومستقبلية، فى ظل إتاحة المعلومات للجميع بالمضمون نفسه، وتراجع فكرة الأخبار الخاصة أو الحصرية. وسيرتقى التميز فى تقديم وجهة نظر متميزة إلى مرتبة الانفرادات.

من الأعمال التى ستتراجع أيضًا فكرة المحامى بشكله التقليدى، بعد أن تحول العديد من الإجراءات إلى الشكل الإلكترونى الذى لا يحتاج إلى التواجد الشخصى بقدر ما يحتاج إلى مهارات التعامل مع المكتبات القانونية الرقمية، وإنجاز الإجراءات واستخراج الأوراق المطلوبة وتقديم مذكرات الدفاع إلكترونيًا، وهو ما يتطلب إعادة النظر فى أعداد الملتحقين بكليات الحقوق. وفى كل الأحوال سيبقى وينبغ المتميزون من أصحاب المهارات الإلكترونية.

كما ستنتهى أعمال الحراسة للبنوك والشركات وغيرها بشكلها التقليدى، بعد التطور المذهل فى تقنيات كاميرات المراقبة المنتشرة فى كل الشوارع الآن. وهو ما يعنى أن كل شىء مسجل بالصوت والصورة. وهو الأمر الذى سيعنى اختفاء أمناء شرطة المرور قريبًا من الشوارع.. خاصة بعد أن تحولت غالبية الطرق إلى محاور دون إشارات، وفى ظل الملصق الإلكترونى الذى يحدد هوية السيارة وقائدها.

نقطة ومن أول السطر..
فى عصر الـ 5G والميتافيرس.. سنتحول جميعًا إلى حالة المواطن الرقمى.. ليس بالاسم، ولكن بالرقم القومى الذى أصبح أرشيفًا وتوثيقًا لمعاملاتنا اليومية وحياتنا بالكامل.
نقلا عن المصرى اليوم