الأب رفيق جريش
بمناسبة الجدل المثار حاليًا فى المجتمع المصرى والعربى حول فيلم «أصحاب ولا أعز»، وبعيدًا عن النقاش الدائم حول إجازة مشاهدته أو عدم إجازة ذلك، خاصة أن كل فرقة تستطيع أن تسوق مئات الأسباب لمشاهدته، وفى المقابل الفرقة الأخرى تستطيع أن تسوق مئات الأسباب لعدم مشاهدته، وكل عنده حججه التى تبدو منطقية، وبعيدًا أيضًا عن الجدل حول جنسية الفيلم أو قيمته الفنية، وإلى آخر التعليقات التى ملأت الصحف ووسائل التواصل الاجتماعى، أدعو نفسى وأدعوكم لأن نضع بعض الأسئلة لتكون كالنقاط على الحروف، حتى لا نكون مجتمعًا يضع رأسه فى الرمال ثم يدعى الفضيلة، فعلينا أن نرى الأشياء كما هى ونعترف بها حتى نعمل على تصحيحها، وهى على سبيل المثال لا الحصر:
س: هل هناك خيانات زوجية داخل مجتمعاتنا؟
ج: نعم.
س: هل الموبايلات والاستعمال الإدمانى والسيئ لها مزق وحدة الأسرة؟
ج: نعم مزق.
س: هل هناك عائلات تعيش علاقات موازية لمؤسسة الزواج؟
ج: نعم هناك.
س: هل هناك مثليون ومثليات فى مجتمعنا؟
ج: نعم هناك.
س: هل نسبة الطلاق تزيد؟
ج: نعم تزيد، خاصة فى حديثى الزواج، وأصبحت تقلق رئيس الدولة والحكومة والمؤسسات الروحية والتعليمية والاجتماعية.
إذن فلندخل إلى العمق، الموضوع أعمق من إجازة الفيلم أو عدم إجازته.. الموضوع أن مجتمعنا المصرى والعربى مصاب ببعض العطب، خاصة فى مواضيع الزواج والجنس... إلى آخره، فقد كانت دومًا مواضيع تابوهية لا يصح أن نتكلم فيها، وهذا الصمت أدى إلى كثير من الضحايا، خاصة الفتيات (ليس الآن مجال سردها)، فى عصرنا هذا داهمتنا الشبكات الإلكترونية والفضائية عابرة القارات والقرى، فقد أصبح كل شىء متاحًا فى كف اليد الواحدة، فإذا أردنا أن نقى مجتمعنا وشبابنا من ذلك فعلينا أن نعمل على رفع الوعى لديهم تجاه هذه المواضيع، وذلك من قبل متخصصين فيها يستطيعون أن يشرحوا هذا العطب ويعطونا ويعطوا الشباب الفهم الصحيح لها، بدءًا من المدارس فى إعدادى وثانوى، والجامعة، وفى مراكز الشباب والمراكز الثقافية، وكذا الكنائس والمساجد وغيرها من تجمعات الشباب، وبصفتى راعيًا فقد اخترت منذ سنوات طويلة شرح هذه المواضيع من قبل متخصصين حتى لا يغرر بهم أصدقاء السوء أو يستقوا معلوماتهم من الشارع أو تلك المواقع الإباحية، وكانت النتيجة إيجابية عند الشابات والشباب، كذلك من الضرورى والمُلح إلزام المقدمين على الزواج بحضور دورات خاصة للإعداد للزواج من جميع الوجوه الشرعية والطبية والعلاقاتية والنفسية حتى يعى المقدمون على الزواج المسؤولية الملقاة عليهم.
لماذا لا ننتج أفلامًا تبرز جمال العلاقة بين الزوج والزوجة، وتدحض الأفكار العجيبة والغريبة على مجتمعنا؟ لماذا لا تأخذ الدولة والأزهر الشريف موقفًا شجاعًا فى تقنين الطلاق والعمل على حماية الأسرة من أهواله وسلبياته؟ لماذا ندين الآخرين ولا نفرق بين الخاطئ والخطية؟ حتى الفيلم وبعد أن خرج القمر من كسوفه ينتهى تاركًا نهاية مفتوحة، فرغم كل الدراما بين الأصدقاء على مائدة العشاء، إلا أن الجميع رجع إلى بيته قابلًا بالوضع الذى هو فيه، حتى لو كان تمرد عليه على المائدة، إلا أن الجميع استأنف الحياة كأن شيئًا لم يحصل.
نقلا عن المصرى اليوم