حمدى رزق

ورد إلى الشيخ سؤال من زوجة، يفيد بأن زوجها توفى أثناء العلاقة الزوجية، وهو فى حالة جماع معها، فهل هذا يدل على سوء الخاتمة؟.

وقال الشيخ فى إجابته، ردًا على هذا السؤال، إنّ الموت أثناء العلاقة الزوجية أو فى حالة الجماع مع الزوجة ليس علامة على سوء الخاتمة.
 
لا ضير من تصدى كثير ممن يمتهنون الفتوى لأسئلة على هذه الشاكلة، ما بين المرء وزوجه، ما يسمى تجاوزا «أسئلة غرف النوم»، ومعلوم غرف النوم أسرار، والمفتى هنا كالطبيب صموت لا يذيع سرا اؤتمن عليه، يجيب بما تقتضيه الحاجة إلى الكتمان.
 
ابتلينا بمن يستقبل مثل هذه الأسئلة ويجيب عنها لتذاع وتنشر، ويعيد ويزيد فى التفاصيل وصولا لأدق الخصوصيات، ويجيب، ويستجيب لشروحات مثيرة، ما يستجلب المزيد من المشاهدات الإلكترونية، وهكذا صارت أسئلة غرف النوم عرضا مستمرا، وهل من مزيد، طلبا لتريند مرزول.
 
ليس هكذا تورد الإبل، الخاص يُرد عليه بالخاص، أما ما ينفع الناس ويمكث فى الأرض فللعامة منه نصيب، درسا وإفادة حياتية.
 
معلوم إفشاء ما يقع بين الرجل وزوجته حال الجماع أو ما يتصل بذلك حرام شرعًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِى إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِى إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا».
 
الفتيا على الفضائيات والمواقع الإلكترونية للأسف استباحت الخاص، الفتيا باتت محلا لإفشاء الأسرار الزوجية فى خلط فادح بين العام والخاص، وتستبيح الخاص وتذيعه على العموم، ما يستجلب مشاهدات كثيفة، وهذا مدعاة للأسف.
 
ما للعامة بما بين المرء وزوجه، مالهم بأدق الخصوصيات، نفس ما يحدث فى قضايا الأحوال الشخصية، تذاع على المواقع والفضائيات أدق أسرار العلاقات الزوجية والأسرية، الحياتية منها والزوجية، لم يعد هناك أسرار، كله مذاع ومستباح، بشكل ممنهج، أحيانا تخجل من هذه المنشورات التى يتعرق منها الجبين خجلا.
 
هذه تطلب الطلاق لسبب «...»، وهذا يعترف بأن زوجته «...»، وتواليا، فضح أسرار أسر كانت مستورة، محجوبة.
 
دوما غرف النوم لها ناموس خاص، السرية المطلقة، هذا ما وجدنا عليه آباءنا الذين كانوا يعرفون العيبة، ويقدسون الحياة الزوجية، ولا يستفتون فيها علانية، أو يخرجونها من طى الكتمان لتصبح لبانة، يلوكها عابرو السبيل تلذذا بطعم الإثارة فى التفاصيل.
 
الفتاوى الدينية المذاعة أثرها خطير، وينجم عنها مصائب أسرية، ما يحتاج إلى كود إعلامى ضمن الأكواد التى يعمل عليها مجلس الشيوخ، كود محترم يحترم الخصوصيات، ويحكم هذا السيل من الفتاوى التى تتحول إلى أخبار تلون المجتمع، وترسم ملامح ليست طيبة للأسرة المصرية.
 
وهناك عاملون على مثل هذه الفتاوى، والهواتف التى تسأل هذه الأسئلة مشكوك فى سلامتها، ليس متخيلا بعض هذه الأسئلة الغريبة تُسأل هكذا على الهواء!.
 
مستوجب أدبيًّا وإنسانيًّا وأخلاقيًّا عدم الرد عليها على الهواء، الخاص يرد عليه على الخاص، ومن البديهيات أن الخاص يظل خاصًّا، والعام عامَّا، والخاص يجاب على الخاص دون أن يدرى ثالث، ولكن أن يتحول الخاص لعام هنا تكمن المشكلة التى تؤرق الكثيرين.
 
نقلا عن المصرى اليوم