محرر الاقباط متحدون
الأب "جورج كبساني"، رئيس دير "غريغوريو" في جبل آثوس المبارك، في حديث له سنة1998.
يبدو أنّ العولمة هي هدف "العصر الجديد"، وهو التيّار الهادف إلى استبدال المسيح بضدّ المسيح. حكم ضدّ المسيح سوف يبدأ، بحسب العصر الجديد، في الألفيّة الثّالثة.
فاليوم كثر من يتحدّثون عن العولمة، بينما تخطّط وتهيّء لها حفنة من البشر. العولمة في الاقتصاد، وفي خلق قوّة متفوّقة شاملة، وفي الدّين أيضًا.
نقرأ بحزن عميق أنّ لقاء لكافّة الدّيانات- المسيحيّين، واليهود، والمسلمين، والبوذيّين، والوثنيّين- قد تمّ في رومانيا مؤخّرًا للصّلاة من أجل السّلام، الّذي يؤكّدون فيه أنّ الدّيانات كلّها تؤمن بإله مشترك. بحضور بطاركة وأساقفة أرثوذكسيّين. من الجيّد أنّ البطريرك المسكوني وكنائس الإسكندرية، أورشليم، وروسيا، وصربيا، وجورجيا، واليونان، وبولندا لم تشترك في ذلك.
في هذه الحوارات، وللأسف، لا يجاهر المسيحيّون المشترِكون فيها، من إكليروس أرثوذكسي وعامّة المؤمنين، بالإله الثّالوثيّ وابن الله المتجسّد.
كمسيحيّين، نحن نرفض أن نقبل أو نشارك في عولمة "العصر الجديد". العولمة الحقيقيّة بدأت بتجسّد كلمة الله، الّذي ضمّ الطّبيعة البشريّة كلّها ووحّد "الّذي كان موجودًا" وأقام "آدم في الرّحم". يسوع المسيح هو الإنسان الكونيّ الوحيد. "لأنّه في المسيح يسوع لا يهوديّ ولا يونانيّ، لا عبد ولا حرٌّ، لا ذكر ولا أنثى، لأنّكم جميعكم واحد في المسيح يسوع"(غلا3: 28).
وكلّ مسيحيّ اتّحد بالمسيح، ويحيا المسيح فيه وهو في المسيح، يصبح هو أيضًا مسيحيًّا كونيًّا. إنّه يضمّ كلّ البشر بغضّ النّظر عن جنسهم، ولغتهم، ودينهم، وإثنيّتهم. يصبح إنسانًا كونيًّا، كونًا مصغّرًا، وفي الوقت عينه كونًا شاملًا، لأنّه يضمّ في ذاته لا فقط البشريّة بل كلّ الخليقة أيضًا.
في زمان مجيء السيّد، كانت روما قد حقّقت نوعًا من العولمة، من خلال "باكس رومانا"، الّذي نصّ على التمييز بين الأحرار والعبيد، والمستَغَلّين والمُستَغِلّين، وفرضت عبادة الآلهة والإمبراطور الرّومانيّ، الّذي اعتبره المسيحيّون سابقًا لضدّ المسيح.
في ليلة الميلاد ترتّل الكنيسة:
"إن أغسطس لما انفرد بالرئاسة على الأرض كفّت كثرة رئاسات البشر و أنت لما تأنستّ من النّقيّة بطُلت عبادة كثرة الآلهة الوثنيّة، فالمدن صارت تحت سلطة واحدة عالميّة والأمم آمنوا بسيادة واحدة إلهيّة. الشّعوب اكتُتبوا بأمر قيصر و أمّا نحن المؤمنين فقد كُتبنا باسم لاهوتك يا إلهنا المتأنِّسُ فعظيمةٌ مراحمك المجد لك".
ففي ذلك الزّمان، الشّعوب اكتُتبت بأمر قيصر أمّا اليوم فهي مكتَتبة بأسماء الحكومات المتعدّدة والقوى الفائقة الكونيّة. أمّا المسيحيّون فلا ينتمون إلى هذا التّعداد، لأنّه متمحور في الإنسان وأحيانًا الشّيطان. المسيحيّون يسألون أن يُكتَتبوا باسم المسيح الإله الإنسان. نحن ندعو إلى كونيّة ما هو إلهيّ، كونيّة جسد المسيح الّذي هو الكنيسة.
هذا هو رجاؤنا ولأجل ذلك نجاهد.