حمدي رزق
ما صدقوا تفاحة ومسكوا فيها، المصريون أكلوا تفاح بكذا مليار فى عشرة شهور، وأكلوا جمبرى وسبيط بكذا مليار، وشربوا مياه غازية بكذا مليار، ودخنوا معسل وسجاير وسيجار بكام مليار..

تحس من المليارات المنشورة إن المصريين ينفقون على الأكل والشرب.. وعلى مزاجهم إنفاق من لا يخشى الفقر!.

أية متخصص فى الحساب، يفقه فى الجمع والضرب والطرح والقسمة، يحسبها، يحسب المليارات، فلن يجد لها أثرا، جرب تقسم المليار على الـ١٠٠ مليون، يساوى كام فى السنة، فى الشهر، فى اليوم، لا يكاد يذكر، إحنا غلابة قوى يا سيد.

ما هذا الهراء الإحصائى، ماذا تقول هذه الأرقام، يلوكونها كالعلكة فى أفواههم، وكأن المصريين يأكلون يوميا تونة وسمك بكلاه، وفاكهتهم المحببة تفاح، وتساليهم جوز ولوز وكاجو، ويدخنون سيجارًا كوبيًا، مستهدف القول الكريه.. إنه شعب استهلاكى يا سادة!

ما المقصود بالضبط، من إذاعة ونشر مثل هذه الأرقام المليارية الصماء دون تحليل، هذه الأرقام مثل الحلوى المكشوفة يطن عليها الذباب، ويتلذذ بترديدها جماعة فضائيات الليل وآخره، وهات يا تلويم، ويا تقطيم، تخيل الشعب يأكل بكام مليار ويشرب بكام مليار ويدخن بكام مليار، وكأنهم يستكثرون على البسطاء الحق فى الأكل والشرب، فى لقيمات يقمن صلبهم؟!

ليس هكذا تورد الأرقام صماء، دون شرح وتفسير وتحليل أمين، الناس متدثرة بغطاء العافية، وناس نازلة تقطيع فيهم بالسكاكين، أرقام مليارية لا تعدو أرقاما فى شعب فوق الـ ١٠٠ مليون.. معدة المصريين ثلثان ملؤهما عيش بالغموس، فلا تتندروا بأرقام التفاح والزبيب والكاجو، ولا تهرفوا بالقول اجتراء على شعب غلبان وقنوع وبيكمل عشاه نوم.

ياكلوا حلاوة ياكلوا جاتوه، ترفقوا بالغلابة، الناس الطيبة حامدة وشاكره ما أنعم الله عليهم من رزق حلال، بلاها حكاية التفاح والتين والزيتون والجبن المستوردة وخلافه.

الناس لا تأكل إلا ملو بطنها فول وعدس وبصل، الناس حالتها والحمد لله، وعلى قناعة وشكر لله، ودعائهم، ربنا يديمها نعمة ويحفظها من الزوال.

لو على الحمد حامدينه وشاكرينه فى السراء والضراء وحين البأس، ولا يشكون فقرا ولا عنتا، لو على الطيبين يطلعوها من بقهم حبا فى الوطن.

مزعج اهتبال أرقام صماء كمعايرة من بعض الموتورين، وشوف الشعب يأكل تفاح بكذا مليار، ومرة بالتونة، وأخرى بـ«السيمون فيميه» وهى لمن يجهلها ليست دواء كحة، هى (شرائح سمك سلمون مدخن وملح وفلفل أسود وبودرة ثوم وزيت).. ليس هكذا تورد الأرقام يا بيه؟!

الناس الطيبة فى بلادنا الحلوة حلوها «شاى مسكر»، وتبوس يدها وش وضهر، وشعارها بكره تفرج، وفرجه قريب، بالله عليكم اتركوهم لحالهم الله يصلح حالكم، والأرقام تهم أصحابها، المحللين والمتخصصين، ولا تسلقوا الناس بألسنة حداد.. ميصحش كده!

الناس رابطة الحزام على البطن ويشدوا الحزام يوميا خشية التضخم، وصابرين حبًا فى هذا الوطن، وعونًا للمخلصين الذين يصلون الليل بالنهار لتهيئة «حياة كريمة» للأجيال المقبلة.. الحالة مش ناقصة أرقام سخيفة، وتنطيط على الأكتاف من زعيط ونطاط الحيط كما يقول المثل الشعبى.
نقلا عن المصرى اليوم