بقلم الدكتور : مجدى شحاته
بالرغم من الانشقاق الكبير بين الكنيستين الشرقية والغربية بسبب مجمع خلقيدونيا ( فى تركيا ) عام 451 م . بعدها اصبحت كنائس الشرق ، تحت قيادة كنيسة الاسكندرية ، وعرفت بالكنائس الارثوذكسية والتى تعنى ( الرأى الحق او الراى المستقيم ) . وكنائس الغرب تحت قيادة كنيسة روما وسميت بالكنائس الكاثوليكية بمعنى ( الجامعة ). بالرغم من هذاالانشقاق الكبير، تشير الاحصائيات ان هناك ما يزيد عن 2.4 مليار انسان مسيحى فى العالم بنسبة تبلغ حوالى 33.5% من سكان الارض ، مما يجعل المسيحية أكبر ديانة فى كوكب الارض ، وعقيدة الاغلبية السكانية فى 120 دولة من أصل 190 دولة . وتشير الاحصائيات ايضا ان المسيحية تنمو بمعدل 1.43% سنويا وهى نسبة تفوق قليلا معدل النمو السكانى الذى يبلغ 1.3% ويتحول الى المسيحية حوالى 3.8 مليون شخص سنويا بمعدل 11 ألف شخص يوميا . لقدعاشت كنيسة المسيح ، كنيسة واحدة طوال خمسة قرون من الزمان، تُكرز وتُبشر وتنتشر بطول البلاد وعرضها ...وبالرغم من ذلك كان هناك آثار سلبية كبير على الكرازة وانتشار المسيحية فى العالم بسبب الانشقاق . هذا التاثير السلبى فى الكرازة ، اشار اليه نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل الاسقف العام فى الكنيسة القبطية ، فى كتابة ( ليكون الجميع واحد - 2005) الكتاب الذى يدور مفهومه حول صلاة السيد المسيح ليلة آلامه قبل الصلب ، وكان عرق وجهه يتساقط كقطرات دم .. وكلام فمه يتصاعد كشعاع نور يعلن قصده، ويكشف عن شهوة قلبه الطاهرنحو شعبه " ليكون الجميع واحدا ". كتب الانبا رافائيل : " ان النمط الذى يريده السيد المسيح لوحدة الكنيسة هو النمط الثالوثى .. كيف ان الاعضاء متمايزون دون انفصال .. دون تنافس ، وبحب عميق من قلب طاهر بشدة . كذلك ربط السيد المسيح بين وحدة شعبه وبين قوة الكرازة – ليؤمن العالم انك أرسلتنى - كيف يؤمن العالم بلاهوت الابن ؟ وكيف يؤمن الناس بالثالوث ، وهم يرون المسيحية منشقة والمسيحيين غير متحدين ؟؟ ان قوة الكرازة والخدمة والعمل الكنسى تكمن فى وحدة الاعضاء وربط كذلك السيد المسيح بين وحدة الكنيسة والمجد الذى نناله . "
والسؤال ... ماذا لو حققنا قصد ورغبة السيد المسيح " ليكون الجميع واحدا " ؟ اليس هناك مئات ومئات الملايين من البشر فى حاجة الى الكرازة والدعوة الى الخلاص ؟؟ أليس هناك مئات ومئات الملايين من الملحدين والمرفوضين والماديين والجالسين فى الظلمة وظلال الموت فى حاجة الى الخلاص؟ ان السيد المسيح " هو كفارة لخطايانا ، ليس لخطايانا فقط ، بل لخطايا كل العالم ايضا " ( 1يو 2: 2 ) بكل تأكيد ويقين .. دم السيد المسيح .. لا يمكن أن يساوى أقل من العالم كله .
الكنيسة القبطية الارثوذكسية . كنيسة عريقة عمرها الان اكثر من تسعة عشر قرنا من الزمان تأسست على تعاليم القديس مرقص الرسول ، الذى بشر بالمسيحية فى مصر فى القرن الاول بعد حوالى عشرين عاما من انتهاء بشارة السيد المسيح وصعوده الى السموات . واستمرت ككيان دينى قوى وكونت شخصية مسيحية واضحة فى كل ارجاء العالم بالرغم من انفصالها عن معظم الكنائس برفضهم مجمع خلقدونية . كنيستا القبطية تتميز بكونها كنيسة تسليم رسولى وهى كنيسة تقليدية كتابية أبائية . " انه تسليم ليس بحسب انسان " ( غل 1: 11 ) وليس من ابداع بشر " لأننى تسلمت من الرب سلمتكم أيضا " ( 1كو 11 : 23 ) . وقد اوصى الكتاب المقدس الكنيسة ان تحفظ هذا التسليم ، وتسلمه بامانة وكفاءة للأجيال المتعاقبة . " وما سمعته منى بشهود كثيرين ، اودعه اناس امناء يكونون اكفاء أن يُعلموا آخرين أيضا " ( 2 تى 2 : 2 ) . ان ما لدينا من تسليم رسولى وأبائى كان نتيجة ما بذلته الكنيسة دم وعرق حبا لفاديها وعريسها وحفظا لتراثها وسلامة ايمانها . هذه كنيستنا القبطية التى حافظت على الايمان المسيحى بدماء شهدائها الابرار وسط ظروف صعبة قاسية ، هى القادرة بقوة الروح القدس ان تحقق مقاصد رب المجد يسوع " ليكون الجميع واحدا " .