Heinirick Brugush
( 1827- 1894 )


إعداد/ ماجد كامل
يمثل عالم المصريات الالماني الكبير هنري بروجش Henirich Brubsch  أهيمة كبيرة في تاريخ علم المصريات Egyptology  .أما عن هنري بروجش نفسه ؛ فأسمه بالكامل هنريك كارل بروجش Heninrich Karl Brugsch .  ولد في مدينة برلين في 18 فبراير 1827  ولقد عشق  علوم المصريات منذ طفولته  ؛ حتي أنه ولم يبلغ من العمر ستة عشر عاما كان قد تمكن من إتقان اللغة الديموطيقية  بنفسه ؛  وفي عام  1848 أستطاع كتابة كتاب مبسط يشرح فيه قواعد الخط الديموطيقي ؛ الأمر الذي لفت انتباه العالم الكبير  ألكسندر فون همبولت Alexander Von Humbolt ( 1769- 1859 ) وملك بروسيا فريدرك وليم الرابع Freidrich Wilhelm Von Preuben ( 1795- 1861 ) ملك بروسيا في ذلك الوقت . الذين دعماه كثيرا ؛  مكنه من زيارة العديد والعديد من المتاحف العالمية في باريس ولندن وتورين ولايدن  ؛ كما أتاحا له فرصة السفر  إلي مصر  عام 1853  حيث تعرف علي العالم الكبير أوجست مارييتAugust Mariette  (      1821- 1881      ) الذي تعاون معه كثيرا ؛ ثم عاد إلي برلين عام 1854  حيث عمل محاضرا خاصا في أحدي الجامعات الألمانية ؛ ومساعدا في القسم المصري في متحف برلين عام 1855 . وبعدها جاءته الفرصة لزيارة مصر للمرة الثانية خلال عام 1857 .

وبعدها كلف بالسفر لبلاد فارس في مهمة خاصة ؛ وبعدها أسس مجلة هامة لدراسة علم المصريات ؛ وفي عام 1864 عين قنصلا في القاهرة ؛ وفي عام 1868 أصبح أستاذا لعلم المصريات في جامعة جونتجن . وفي عام 1870 تولي نظارة مدرسة اللسان المصري القديم  .  وكان مقدرا له أن يصبح لمتحف بولاق بعد وفاة ماريييت عام 1881 ؛ولكن النفوذ الفرنسي علي الآثار المصرية في ذلك الوقت منعه من الحصول علي المنصب ؛ فعاد إلي  ألمانيا  وأقام فيها بشكل أساسي ؛ ولكنه قام بتنظيم معرض للمصريات في فيلالفيا عام 1876 .   ولقد أستمر في الكتابة والعمل والتدريس في الجامعات الألمانية والمصرية حتي توفي في 9  سبتمبر 1894 عن عمر يناهز 67 عاما تقريبا .


ويذكر الدكتور رمضان عبده علي في كتابه "تاريخ مصر القديم " أن العالم الألماني الكبير زار مصر خمسة مرات تفصيلها كااتالي :-
1-الزيارة الأولي عام 1853 ؛ وفيها سجل تفاصيل رحلته ومشاهداته في كتاب صدر في برلين عام 1855 بعنوان "تقارير عن مصر " كما كتب فيها "آثار مصر " و"النصوص الجغرافية في الآثار المصرية القديمة ؛وهو مجلد من ثلاثة أجزاء .

2-الزيارة الثانية عام 1857 بناء علي دعوة موجهة له من مارييت ؛ وفيها قام بروجش بجمع المادة اللازمة لموسوعته  عن اللغة المصرية بعنوان " القاموس الهيروغليفي الديموطيقي " .

3-الزيارة الثالثة عندما عندما عينته حكومة بروسيا قنصلا لها في مصر عام 1864 ؛ فقام بنشر مقالاته في مجلة " اللغة المصرية " التي أسسها عام 1863 ؛ والتي تولي تحريرها ليسبيوس أثناء وجود بروجش في مصر .

4-الزيارة الرابعة كانت عام 1868 ؛ بناء علي دعوة من الخديوي إسماعيل ليتولي رئاسة معهد تعليم الآثار واللغة المصرية ؛ الذي ظل يديره بمساعدة أخيه الأصغر  أميل بروجش (   1842- 1930    ) . ( وهو العالم الذي  أكتشف المومياوات الملكية التي تم نقلها  إلي متحف الفسطاط في حفل مهيب في 3 ابريل 2021 ) . وقد أنعم  عليهما الخديوي بلقب البكوية ثم الباشوية .

5-الزيارة الخامسة والأخيرة كانت عام 1892 ؛حيث كلفته الحكومة بشراء قطع أثرية لها ( لمزيد من الشرح والتفصيل راجع المرجع المذكور ؛ الصفحات من 123- 125 ) .

 وحول قصة تعيينه مديرا لمدرسة اللسان المصري القديم ؛ يذكر المؤرخ الأمريكي الكبير "دونالد مالكوم ريد " في كتابه البالغ الأهمية "فراعنة من ؟" أنه في خريف عام 1869  تعاقد علي مبارك (  1823- 1893 ) مع هنري بروجش للعمل لمدة خمس سنوات ناظرا لمدرسة اللسان المصري القديم ؛براتب قدره 500 فرنك  شهريا .... وافتتح بروجش المدرسة في بيت كان مهجورا ؛بالقرب من متحف بولاق ؛ ولقد قام بروجش بتعيين أخيه  أميل تدريس اللغة الألمانية بالمدرسة ؛كما قام  الأخ الأكبر بتدريس اللغة الهيروغليفية . وكان بروجش ياخذ الطلبة معه في رحلات ميدانية إلي الصعيد ؛ ولما كانت الرطوبة عالية في تلك المنطقة ؛أهتم بروجش بنقل المدرسة إلي منطقة درب الجماميز . ولقد حرص بروجش طوال محاضراته للطلبة أن يثبت لهم ان المصريين القدماء آمنوا بمبدأ " التوحيد " وأن صفات الرب الواحد تكمن تحت سطح التعددية في الديانة المصرية القديمة ( دونالد مالكوم ريد :- المرجع السابق ذكره ؛صفحة 174 ) .


وتؤكد الكاتبة الصحفية رضوي هاشم في مقال لها نشر في جريدة الوطن بعنوان "مصر الفرعونية توحيد الإله عقيدة مصرية تناقلتها الحضارات " بتاريخ 1 نوفمبر 2018 ؛ذكرت فيه هذا القول لهنري بروجش حيث قال " أن اولئك القوم – يقصد المصريين – كانت عقيدتهم  قمة التوحيد ؛وجمع عدة نصوص من  نصوصهم  ورد فيها "هو الإله واحد آحد لا ثاني له .. لا أحد يعرف تكوينه  .... لا شبيه له ... خالق السماوات والأرض والأعماق .. خالق الكون وكل ما فيه وما تحت الثري ..... ويكفي أن المعبود  الأشهر عندهم آمون بمعني الخفي  الذي  لا يراه احد ؛  والمعبود آتوم بمعني التام أو الكامل " ( المقال السابق ذكره ) .

  وحول القيمة العلمية الكبيرة للعالم بروجش ؛ كتب الدكتور رمضان عبده علي في كتابه" تاريخ مصر القديم "     فقال عنه     "ان موسوعته عن اللغة المصرية بعنوان القاموس الهيروغليفي الديموطيقي " تتضمن أهم كلمات اللغة المصرية وشرحها بالفرنسية والألمانية والعربية ؛ وهو من  سبعة أجزاء ؛ وقاموس بروجش  يحتوي علي شرح لعدد 8400 كلمة  ؛قام بروجش بتجميعها من نقوش المعابد والمتاحف ومن أوراق البردي وهو عمل قال عنه العالم الألماني الكبير كارل ليسبيوس  Carolus Richardius Lepsius  ( 1810- 1884 )  " أنه لا يضاهيه عمل آخر  في مجال علم الدراسات القديمة ( المرجع السابق ذكره ؛ صفحة 124 ) .

وفي مجال تقييم عالم المصريات الكبير جاستون ماسبيرو Gaston Maspero ( 1846- 1916 ) للأهمية العلمية لبروجش كتب قائلا " علم المصريات مدين لثلاثة علماء : شامبليون الذي أسسه ؛ وروجيه الذي وضع له قواعد البحث  ؛ وبروجش الذي أمده  بما يحتاج  إليه حاليا ومستقبلا "

ولقد أثري العالم الكبير المكتبة الأثرية بالعديد والعديد من الكتب والمراجع القيمة نذكر منها وفقا للقائمة الدكتور رمضان عبده علي :-
1-قواعد اللغة الديموطيقية  ؛ صدر عام 1855 ؛وهو أول كتاب وأهم كتاب من نوعه ويمكن مقارنته بكتاب شامبلبون عن قواع الهيرغليفية .
2-تقارير عن رحلتي إلي مصر ( 1853-1855 ) .
3-تاريخ مصر ( 1859 ) .

4-نصوص جغرافية ؛خمسة أجزاء ؛ الجزءان الأخيران منهما بالاشتراك مع دوميشن ( 1875 – 1860 ؛1865 ) .
5-التقويم عند قدماء المصريين ؛ليبزج ( 1877 ) .
6-عالم المقابر المصرية ( 1868 ) .
7-قواعد الهيروغليفية ( 1872 ) .

8-تاريخ مصر أيام الفراعنة ؛جزءان ؛ليبزج (1877 ) .
9-رحلة إلي الواحة الخارجة في الصحراء الليبية ؛ ليبزج ( 1878 ) .
10-الموسوعة الجغرافية لمصر القيمة ؛ جزءان ( 1879 ) .
11-القاموس الهيروغليفي  سبعة أجزاء ؛ ليبزج ( 1868- 1882 ) .
12-الدين والميثولوجيا عند قدماء المصريين 1885 .

13-نقوش مصرية قديمة ؛ ستة أجزاء ؛ وتشمل مادتها العلمية حوالي 1578 صفحة وتحتوي  علي نصوص في علم الفلك ؛والتقويم ؛والجغرافيا ؛ والميثولوجيا ؛والسير التاريخية ؛  والعمارة ؛ ؛صدر خلال الفترة من ( 1883- 1891 ) .
14-المصريات ؛ونتائج البحث في مجال الكتابة المصرية واللغة والتاريخ ؛ ليبزج 1891 .
(راجع القائمة بالكامل مع أسماء الكتب باللغة الألمانية في المرجع السابق ذكره ؛ الصفحات من 125- 137 ) .

( لايفوتني أن اقدم خالص الشكر للأخ الحبيب الدكتور باسم سمير الشرقاوي الباحث المتخصص في علوم المصريات لتفضله بإرشادي إلي أهمية هذا الكتاب الكبيرة ؛ وإرساله لي علي الماسنجر ) .
 
ولقد تعرض بروجش في أبحاثه إلي قضية خروج اليهود من مصر ؛ وهو من أنصار المدرسة التي تؤكد توقيت الإستعباد بزمن رمسيس الثاني ؛ والخروج بزمن مرنبتاح ؛ وقدم ما وصل اليه من محاولات تدقيق لموضع مدينة الاستعباد ؛ونقطة عبور البحر ؛وما هو  هذا البحر ؟ وذلك في شكل محاضرة مجانية القاها في القاهرة خلال عام 1879م ؛ ولقد قدم بروجش في المحاضرة  ثلاث نصوص لبرديات ثلاث ؛منها قصيدة معروفة بأسم "مديح رمسيس " قال فيها :-

يا ابن رع محبوب آمون .
أنت السفينة الرئيسة .
والعصا التي تهشم
والسيف الذي يذبح الشعوب الأجنبية
( راجع نص القصيدة بالكامل في :- جغرافية الخروج :- النبي موسي وآخر ايام تل العمارنة ( الجزء الأول ) ؛ الفصل الثالث ؛مؤسسة هنداوي ).

والبردية الثانية عبارة عن تقرير  في شكل رسالة مرسلة من كاتب من كتاب البلاط ؛ أسمه " بينيس " موجهة إلي رئيس قلم كتاب القصر "آمنموبي " جاء فيها :-

إن الكاتب بينيس يرحب بسيده الكاتب آمنموبي  في حياة وقلاح وصحة
لقد وصلت إلي مدينة بيت رعمسيس محبوب آمون ؛ووجدتها في غاية الازدهار !
هي عرش جميل منقطع النظير؛ لأن رع هو الذي أسسها بنفسه ؛
فحقولها مملؤة بكل ما طاب ؛
ولديها مؤن وذخيرة كل يوم
بركها تزخر بالسمك ؛ وبحيراتها بالطيور .
شواطئها محملة بالبلح .

ومخازنها مملؤة بالشعير  والقمح .
( راجع النص بالكامل في جغرافية الخروج ؛نفس المرجع السابق ) .
أما النص والثالث والأخير فهو قصيدة في مدح مدينة رعمسيس ؛جاء فيها :-
لقد بني جلالته لنفسه قلعة عظيمة الانتصارات
هي واقعة بين فلسطين ومصر  ؛
وهي ملأي بالذخيرة والأرزاق
خلودها كخلود منف .
فالشمس تشرق في أفقها وتغرب فيها .

والخلاصة التي يريد بروجش أثباتها ؛ أن مدينة رعمسيس كانت ميناء عظيما تقع علي بحر ؛ وكانت مقرا لعلية القوم ؛ فيها قصور  وضيافة الملوك الأجانب ؛تقع بين مصر وفلسطين ( لمزيد من الشرح والتفصيل  :- راجع المرجع السابق ذكره ) .

ويبقي في النهاية حلم وأمل ؛ هو الاستمرار  في تبني حملة لتعريف شبابنا بجهود علماء المصريات سواء الأجانب أو المصريين ؛ حتي يتعمق لدينا الشعور بعظمة الحضارة المصرية القديمة .

بعض مصادر ومراجع المقالة :-
1-دونالد مالكوم ريد :-فراعنة من ؟ عبلم الآثار والهوية القومية المصرية من حملة نابليون حتي الحرب العالمية الأولي ؛ ترجمة رؤوف عباس ؛ المجلس الاعلي للثقافة " المشروع القومي للترجمة ؛ الكتاب رقم 708 ؛ 2005 ؛ الصفحات من (145- 175 ).
2-رمضان عبده علي :- تاريخ مصر القديم (الجزء الأول )  ؛دار نهضة الشرق ؛ 2001 ؛الصفحات من ( 123- 127 ) .
3-رضوي هاشم :- مصر الفرعونية "توحيد الإله ... عقيدة  مصرية تناقلتها الحضارات ؛جريدة الوطن ؛ الخميس 1 نوفمبر 2018 .
4-جغرافية الخروج / النبي موسي وآخر ايام تل العمارنة ( الجزء الأول ) – مؤسسة هنداوي .
5-أشهر علماء المصريات / قراءات في التاريخ المصري القديم .
6-هاينريش كارل بروغش – ويكبيديا .
7-Heinrich Karl Brugsch /German Egyptologists / Britannica
8-Lists of Books by Heinrich Karl Brugsch –Thriftbooks