د./ صفوت روبيل بسطا
صعب عليا جدا أن أكتب عن قيمة وقامة كبيرة جدا وشخصية فذة نادرة أن تتكرر مثل طيب الذكر والسيرة سيدنا المحبوب جدا مثلث الطوبي والرحمات/ الأنبا لوكاس أسقف أبنوب والفتح وأسيوط الجديدة ورئيس دير مارمينا (المعلق) والعامر بجبل أبنوب في مركز المعابدة بأبنوب
ويصعب عليا أيضا أن أقول (كان) لأنه توجد شخصيات نادرة من عظمة أعمالها ومواقفها وإنجازاتها الممتدة والشاهدة علي أفعاله العظيمة ، صعب أن نقول عنه كان لأنه وكما جاء في الأنجيل : وإن مات يتكلم بعد .
فأفعال و أعمال ومواقف وخدمات الأنبا لوكاس الكثيرة جدا شاهدة علي ذلك .
تباركت بمعرفة سيدنا الأنبا لوكاس من أول ما تبارك مركز أبنوب برسامته أسقفا علي هذه المدينة الصغيرة والتي تقع شرق محافظة أسيوط والتي كانت غير معروفة بالمرة بل وأجزم أنها كانت كأنها غير موجودة علي الخريطة !؟
وعندما أرسل لنا الله تبارك أسمه وعن طريق العظيم البابا شنودة ، أرسل لنا الأنبا لوكاس سنة 1986 كانت أبنوب ليست فقط نكرة بل كانت في حالة بعد عن طريق الله ! وكان كل أحد يفعل ما يحلو له ! لدرجة شبهها البعض بأنها شابهت سدوم وعمورة أو مثل مدينة نينوي قبل أن تتوب بمناداة يونان النبي .
ولكن من محبة ورحمة إلهنا الصالح أراد الله أن ينقذ أبنوب وشعبها من هذه الحالة الصعبة وينقذ شعبها الذي كان أغلبهم لا يعرف يمينه من شماله كأهل نينوي قديما .
وأرسل لنا تبارك أسمه القدوس الأنبا لوكاس الذي إستطاع بقوة ومعونة ربنا أن ينقذ أبنوب وشعبها من الهلاك وأن يجعل لهذه المدينة النكرة إسم وشهرة ليس فقط علي مستوي الجمهورية بل وفي كل العالم
لذلك يستحق أن أطلق علي الأنبا لوكاس النبي الناري أو نبي الأصلاح أو يونان النبي الجديد
لو تحدثت عن إنجازاته أو أعماله علي مدار 35 سنة خدمة وإدارة في أبنوب فلن يسعفني الوقت ولا الكتب لأكتب عنها
كان رجل تعمير وإصلاح من طراز فريد ومن الدرجة الأولي ، لا يوجد مكان ولا كنيسة في كل الأيبارشية وإلا إمتدت يده فيها بالتعمير والتجديد وعلي أحدث طراز ، كل كنائس الايبارشية حدث فيها تعمير وإصلاح وتجديد ، هذا غير الكنائس التي بنيت في عهده التي لا تعد ولا تحصي .
بل وإستجد إيبارشية أسيوط الجديدة وضمها بحكمة إلي مطرانية أبنوب والفتح ، وهناك تملك أراضي كثيرة جدا وشيد مباني فخمة في أسيوط الجديدة تدخلها ولا كأنها في أوروبا ، بني وشيد كاتدرائية مارمرقس الرسول الفخمة ، ومؤخرا بني وشيد كاتدرائية فخمة بإسم الأنبا أنطونيوس والأرشيدياكون حبيب جرجس ولم يسعفه المرض لتدشينها للأسف !؟
عندما هجم الأخوان علي كل كنائس مصر أيام فض النهضة ورابعة حرقوا كنيسة المطرانية (كنيسة مار يوحنا المعمدان بأبنوب) .. وأتذكر أيامها زرنا نيافته بالمطرانية (كعادتنا في كل مرة نزور فيها مصر) وكنت زعلان جدا بعد ما شفت أثار الحريق الذي أتي علي كل الكنيسة .
وعندما جلسنا مع نيافته والزعل كان واضح عليا وكنت أعتقد أنني جئت لأواسيه !؟ ولكن فوجئت بإيمانه العظيم وثقته الكبيرة في تدبير ربنا وقال لي بالحرف : لا تزعل يا أخ صفوت كله للخير ...
بل وحكي لي ولأسرتي رعاية وحماية ربنا لرفات القديسين بالكنيسة التي فتحها لنا وشفنا حماية ربنا للرفات التي لم تتأثر بأي تلف من الحريق ..
وتحققت كلمته في أنه كله للخير ، وبعد الحريق والدمار الكامل للكنيسة ! تم بمشيئة ربنا وتدبيره العظيم وبمجهود الأنبا لوكاس تم توسيع الكنيسة التي كانت صغيرة وأصبحت أجمل وأكبر كاتدرائية في أبنوب بل وبدبير ربنا وبمجهوده وعن طريق علاقاته الطيبة جدا مع المسئولين في البلد ورجال القوات المسلحة كانت كنيسة مار يوحنا بأبنوب أول كنيسة بنيت وعمرت في مصر كلها ..كان له إيمان عظيم نادر
كنيسة مار فام الجندي عمرها ووسعها وجعلها كاتدرائية علي أحدث طراز
كنيسة مار جرجس بأبنوب (كنيستي أيام الطفولة والشباب) إشتري كل البيوت اللي حواليها ووسعها وبناها من جديد وأصبحت حاجة مفخرة .
كنيسة السيدة العذراء بأبنوب أصبحت في عهد الأنبا لوكاس تحفة معمارية أيضا والتي دائما كان يتم بث نهضة صوم العذراء منها خلال قنوات (سي تي في) الفضائية.
أما دير مار مينا المعلق بجبل أبنوب .. فهذا لواحده من أهم إنجازات الأنبا لوكاس العظيمة ، هذا الدير الأثري الذي يعود للقرن الرابع الميلادي والذي زاره القديس العظيم أثناسيوس الرسولي ، هذا الدير الذي عاينته وانا طفلا وكنا نزوره بصعوبة بالغة لأنه كان لا يوجد فيه غير كنيسة مارمينا الأثرية والتي عاش فيها القديس والشهيد العظيم مارمينا لفترة فيها ، كانت الكنيسة في قمة الجبل وماذالت وعلي إرتفاع ١٧٠ متر عن سطح الأرض ، وكان الوصول إليها أصعب شيئ وعندما جاء الأنبا لوكاس عمل تغيرات جذرية في الدير وشيد وبني كنائس ومباني فخمة جدا وبني قلالي للرهبان وحول الدير إلي قلعة سكنية بل تدخل الدير وممكن تتوه فيه من كثرة الأماكن الحديثة فيه ، وأصبح الصعود للدير سهل جدا عن طريق رصف الطريق المؤدي للدير
هذه نبذة مختصرة جدا عن تعمير بعض الكنائس والتي زرتها وعاينتها بنفسي ، ولم يسعفني الوقت لزيارة باقي كنائس الايبارشية الممتدة في قري ومدن أبنوب والفتح وكل تخومهما
كل هذه الكنائس علي مستوي الأيبارشية جددها ووسعها وأضاف إليها لمساته الفنية النادرة ، ده غير بناء مقر له وللمطرانية في كل كنيسة ، ليس للترفيه له كما إعتقد البعض!؟ بل كانت لإستقبال أولاده وبناته ليس فقط من داخل مصر بل خاصة المغتربين في الخارج وإستقباله للزوار والمسئولين أيضا .
هذا غير مئات الكهنة الذين رسمهم في عهده للخدمة والرهبان والخدام في كل مكان
كل هذا نبذة مختصرة جدا عن الأنبا لوكاس رجل التعمير والإصلاح والبناء الذي غير وبدل وجدد في مدينة أبنوب وجعلها من أنجح الأيبارشيات علي مستوي الجمهورية وحولها من مدينة غير معروفة إلي مدينة ملء السمع والبصر ، ورأينا كيف إهتم قداسة البابا تواضروس بحضور صلاة التجنيز بالكاتدرائية الكبري بالعباسية مع حضور كم هائل من الأباء المطارنة والأساقفة، وذكرقداسة البابا أمس الأربعاء أيضا في عظته الأسبوعية كلام جميل جدا عن الأنبا لوكاس وأنه كان محبوب جدا وهادئ جدا وحكيم جدا
وأرادت عناية الله أن يريح الأنبا لوكاس قبل صوم أهل نينوي ب٢٤ ساعة فقط ، وكأنه يوصل رسالة لنا جميعا أنه تمم خدمته في أبنوب كما تمم يونان النبي قديما خدمته في نينوي والتي تابت بمناداة يونان ، ولعلنا نتوب أيضا بمناداة الأنبا لوكاس ونستعد للحياة الأبدية .
ونحن نحتفل اليوم بفصح يونان النبي ( الخميس ١٧ فبراير) وإتمام مهمته التي كلفه بها الله تبارك أسمه القدوس وكأننا نسمع الأنبا لوكاس من الفردوس وهو يقول مع يونان النبي ومع الطوباوي بولس الرسول : قد جاهدت الجهاد الحسن أكملت السعي حفظت الإيمان وأخيرا وضع لي إكليل البر (٢تي ٤-٧)
أكسيوس أكسيوس أكسيوس
العظيم الأنبا لوكاس
وللحديث بقية