محمد طه
شوفتوا الفيديو بتاع العريس اللى بيضرب عروسته فى الشارع.. يوم الفرح.. يلطشلها.. ويشدها من شعرها.. ويسحلها.. على مرأى ومسمع من أهلها.. وأهله.. والناس اللى فى الشارع؟

عرفتوا السبب؟ والا أقولكم.. هو دلوقت مش مهم السبب خالص.. رغم إنه سبب يتكتب فيه عشر كتب من عينة (ذكر شرقي منقرض)..
عرفتوا ان العروسة بعدها اتنازلت عن اتخاذ أى اجراءات ضده..

عرفتوا انهم اتصالحوا بعد ما قعدوا مع بعض ومع أهلهم؟
طيب شوفتوا صورة العريس وهو حاضن عروسته فى عش الزوجية السعيد بعد ما اتصالحوا وبقوا سمن على عسل؟
إيه رأيكم؟
اكتب طيب؟ أقول؟ أحلل؟ والا -كالعادة- أهو ما صدق يكتب ويعيد ويزيد تانى فى حقوق المرأة علشان يلم لايكات ومعجبات؟
يا سادة أنا باشوف وباسمع من ده كل يوم فى ممارستى الاكلينيكية.. وبابقى مش عارف أعمل إيه..
باشوف الضرب والشتيمة والإهانة بشكل لا يمكن وصفه بإنه حالات فردية..

باسمع عن اللى ضربها بالقلم على وشها.. واللى رماها على الأرض واداها بالشلاليت.. واللى نيمها وشها ورام ودراعها أزرق..
ده طبعاً غير التسلط والوصاية وفرض الرأي وعدم المناقشة و(أنا مايتقاليش لأ).. و (هو كده وان كان عاجبك).. و (أعلى ما فى خيلك اركبيه).. وسب الدين والشتيمة بالأب والأم والابتزاز بالأولاد.. اللى هى برضه صور أخرى من صور العنف.. يعنى.. لو كنتوا شايفين ان ده عنف!
بس مش كل ده اللى يقهر.. اللى يقهر هو موقف الأهل.. أو -بالأحرى- بعض الأهل..

الأهل اللى يقولوا لبنتهم: معلهش.. عدى واستحملى..
واللى يقولولها: طالما بيصرف عليكى وعلى أولاده.. يبقى زى بعضه..
واللى يقولوا: وإيه يعنى يا بنتى.. ما هو كل الرجالة كده.. عيشى زى ما احنا عايشين وخلاص..  

استنى..
فيه رجالة طول بعرض وشنبات تجيلهم أختهم أو بنتهم باكية ومضروبة.. ويكون موقفهم: أكيد انتى اللى استفزيتيه وخليتيه يعمل كده.. انتى الغلطانة.. مش بتسمعى الكلام ليه..

وفيه ستات موقفهم من بنتهم أو أختهم الشاكية من الإهانة أو الخيانة: ضل راجل يا بنتى ولا ضل حيطة..
وفيه آباء لو بنته سابت البيت وجاتله زعلانة مايسمعهاش أصلا ويقولها ارجعى بيت جوزك ماعندناش بنات تسيب بيت جوزها..
لسه.. لسه..

والله العظيم فيه آباء بيقولوا لبنتهم: لو جيبتيلى سيرة الطلاق تانى.. لا انتى بنتى ولا أعرفك.. وغضبان عليكى ليوم الدين.. بنته دى جوزها بيضربها وبيخونها كل يوم..
والله العظيم فيه أمهات بتقول لبنتها بعد ما جوزها اداها علقة موت للصبح: تستاهلى.. انتى تستاهلى..

والله العظيم فيه أخ أخد أخته تانى لبيت جوزها بعد ما كان هايموتها.. وقاله أنا أهو جايبهالك لغاية عندك علشان تتصالحوا وماتخربوش البيت..
أى بيت؟
وأى خراب؟
هو فيه خراب أكتر من كده؟
ويتقال بعد كده لكل اللى بيسعى للتوعية النفسية والعلاقاتية: انتوا بتخربوا البيوت.. وبتخلوا الستات تتمرد وتعصى أزواجها.. إيه الإسقاط القميئ ده؟
أى بيوت؟
هى دى البيوت؟
دى مزارع للكراهية.. دى مفارخ لإخراج أجيال مشوهة نفسية للمجتمع.. دى مصانع لتصنيع وتعبئة وتغليف المرض النفسي فى أبشع صوره..
عارفين إيه اللى يخرب البيوت بجد؟
إيه اللى يقوضها من أساسها.. ويقيمها على هدد؟
إيه اللى يلصمها.. ويتصور إنه بيرممها؟

التصرفات دى.. والكلام اللى زى ده:
- يا نها ماتخربيش بيتك بإيدك.. انتى بس اللى مش عارفة تتعاملى معاه..
- بص يا أحمد.. انت تراضى مراتك بكلمتين.. ويا دار ما دخلك شر..
- ماهو يا ريهام اعترف بغلطه أهو.. عايزة إيه تانى؟
- هو حسين بس كان تعبان شوية وفقد أعصابه..

- مانتى يا ليلى الغلطانة برضه.. كنتى ريحتيه وخدتيه على قد عقله..
- ماهو جوزك برضه يا حنان ومالكيش غيره..
- طيب وبعد ما تطلقى منه يا منال يا شاطرة.. هاتروحى فين بعيالك؟
- ماتفضحيناش يا بنتى.. احنا مش بتوع فضايح..

أنا -لا أستطيع تسمية ده أى اسم غير إنه (تعريض- بالضاد) من الأهالى لصالح الأزواج- تحت مسمى "ماتخربوش البيت"..
تعريض من بعض الذكور ناحية بعض.. وناحية الذكورية العرفية والمجتمعية السائدة.. تحت عنوان "انا الراجل- قائد السفينة"..
وتعريض أيضاً من بعض النساء ناحية الذكور اللى قهروهم.. والذكورية اللى أعمت بصيرتهم.. تحت لافتة "خليكى مكسورة الجناح واحتويه يا حبيبتى.. ده جواه طفل صغير"..

وكأن فيه اتفاق ضمنى بين (بعض) ذكورهذا المجتمع انهم يفوتوا لبعض..
وكأنهم تعاهدوا فى سواد الليل انهم يغضوا الطرف عن قهر بعضهم للنساء.. نساؤهم هما شخصياً..
وكأن فيه عقد خفى مبرم بينهم مكتوب فيه (اعمل اللى انت عايزه فيها- بس ماتغلطش فيا أنا- احنا رجالة زى بعض- ودول ستات)..
تماهى تام مع السادية..

تقمص -لدرجة العنصرية- لكل ما هو ذكورى..
تصميم غريب على فقدان الهوية والإنسانية..
ونقول اتعالجوا.. يقولوا لأ..

طب علاج زواجى قبل ما نندم كلنا.. لا ازاى.. اقعد قدام حد يعرفنى أتعامل مع مراتى ازاى؟
طب توعية نفسية وكتب ومقالات: صدعتوا دماغنا بالنرجسية والنرجسيين والعلاقات المؤذية..
وبكل أسف.. سيدات كتير (جداً) بيكون كلامهم أول ما يقعدوا قدام الطبيب او المعالج النفسي: قولى يا دكتور اتعامل معاه ازاى؟ هل فيه طرق استخدمها علشان ماوصلهوش للحالة دى؟ ازاى أتكيف مع الوضع ده؟
لا حول ولا قوة إلا بالله..

يا جماعة.. يا اخواننا.. يا أيها الأهالى:
ممكن ماتخذلوش بناتكم أكتر من كده؟
ينفع تتحلوا بصفات الرجولة وليس الذكورة؟
تقدروا ماتبقوش أندال فى مواقف تستدعى المروءة؟
طبعاً مش هأقول ازاى وصل للذكور فى هذا المجتمع إنهم آلهة.. وانهم مقدسين... وانهم من حقهم كذا وكذا وكذا.. وما زال ده بيوصل.. وبإصرارا عجيب.. فيه كتاب كامل عن ده..

المهم..
انهم -وغيرهم- اتصالحوا.. واتصوروا.. والمية عادت لمجاريها..
مجاريها الآسنة..
مجاريها اللى أصبحت مثل المستنقعات العفنة.. المليئة بالجراثيم والفطريات والطحالب..
مجاريها اللى تغير لونها.. وفاحت رائحتها حتى زكمت كل الأنوف..
شامين؟ هه.. شامين؟