الأقباط متحدون - الإزدراء على صفحات الجرائد ،وليس على صفحات الفيس بوك
أخر تحديث ٠٠:٢٤ | السبت ١٥ سبتمبر ٢٠١٢ | ٤ توت ١٧٢٩ ش | العدد ٢٨٨٤ السنة السابعة
إغلاق تصغير

الإزدراء على صفحات الجرائد ،وليس على صفحات الفيس بوك

 بقلم / حنان بديع ساويرس


هاجت الدنيا وماجت على الأقباط ولاسيما الأقباط المصريين بالخارج بعد تداول فيلم مُسئ للإسلام باليوتيوب ، فبدون تقصى أو تحرى عن الحقيقة  وبشكل عشوائى  وبدون دلائل تم إتهامهم بإنتاج هذا الفيلم ، وبعد ذلك وجدنا بعض الصحف الأمريكية والعالمية تُصرح بأن الفيلم من إنتاج شخص يهودى كما صرح البعض بأن بطل الفيلم هو أبن قيادى بحماس ، والبعض قال أنه من إنتاج قطر، كما توجد صورة لمُخرج الفيلم بجوار يوسف القرضاوى بقطر تم تداولها على المواقع المُختلفة ، لذا فهناك علامات إستفهام تدور حول هذا الفيلم ، من حيث من الذى قام بإنتاجه ومن له المصلحة فى حرق مصر ، ومن له المصلحة فى تشويه صورة أقباط مصر بالخارج ، والضغط على أقباط مصر بالداخل ؟؟؟                              

        ورغم علامات الإستفهام والتى يبدوا أنها بدون إجابات شافية ، ورغم أن أصابع الشُبهات تشير إلى الكثيرين بخلاف أقباط مصر بالخارج إلا وقد أستراح البعض لفكرة إلصاق الفيلم "للأقباط المصريين بالخارج " حتى يكون هناك مُبرر لإزدراء المسيحية بتوسع وبلا لومة لائم ، فنحن كأقباط إعتدنا إزدراء ديانتنا على الملأ بدون سبب أو بإختلاق أى سبب كالسبب المطروح على الساحة الآن ، فيخرج شيوخ الفضائيات لسب المسيحية وقذف الأقباط وإتهامهم بما لا يفعلون  ومع ذلك نلتزم الصمت أو نعترض فى هدوء ، وقد حصل قداسة البابا نيح الله نفسه على نصيب الأسد من هذه الشتائم والإهانات رغم أنه كان رجلاَ  مُسالماً طوال حياته ومع ذلك لم ينجو من إلسنتهم المسمومة سواء وهو موجود بيننا على الأرض أوحتى بعد إنتقاله من هذا العالم فيتطاول عليه السُفهاء بدون أدنى مُراعاة "لحُرمة الموت"  فدائماً كان يُزج بأسم قداسته حتى لو إلتزم الصمت تجاه بعض المواقف التى تحدث ضد أبناؤه ، رغم أنه كان يعمل كل ما بوسعه ليهدأ من روع الأقباط حتى يستطيعوا الإحتمال ، فكأن سب الأقباط وإزدراء المسيحية أصبح عادة فيحدث يومياً من بعض المُتطرفين والحانقين المتطوعين لفعل ذلك بداعِّ وبدون داعِّ فأرى كراهية عجيبة لأقباط مصر بالخارج والذى يستهوى الأنظمة المُختلفة بمصر أن تصفهم بأقباط المهجر دون غيرهم من المصريين المُهاجرين !!، فلم نسمع قط مقولة "مُسلمى المهجر"                                

   فقد أصبح الفيلم المُسئ للإسلام والذى  لم يثبت حتى الآن من المسؤول عنه بالتحديد هو الحجة للتطاول على المسيحية وعلى أقباط مصر بالخارج والداخل ، فأقباط مصر الذين هاجروا بسبب ضيق العيش بمصر تارة أولتضييق الخناق عليهم فى بلدهم تارة ، قد تركوا مصر بحثاً عن سُبل العيش الكريم وبحثاً عن مُستقبل أفضل لهم ولذويهم، فأحتضنتهم أوطان غريبة تعرف قيمة الإنسان فتعطيه بسخاء كل ما بوسعها من موارد لتساعده على النجاح ، فتفيده وتستفيد منه فى حين أن وطنهم الأم رفضهم ولفظهم وحقد عليهم حتى فروا منه باحثين فى بلاد الله الواسعة ليجدوا لهم مكان يعترف بهم ويعرف قيمتهم ويستفيد من علمهم الغزير، فتركوا لهم موطنهم ولم يكونوا مُزاحمين لهم ، ومع ذلك لم يسلموا من الهجوم عليهم وإتهامهم بأبشع التهم وعلى رأسها الخيانة.

 فنحن ضد إزدراء أى دين حتى لو كان يخالف عقيدتنا وإيماننا المسيحى فنحترم الجميع من أى جنس أودين أولون لكن كما رفضنا ونددنا بإزدراء الدين الإسلامى من خلال هذا الفيلم والذى ليس لنا ذنب فى وجوده من قريب أو بعيد ، فنرفض أيضاً إزدراء المسيحية ، فماذا أقترفنا حتى نجد من يقوم بحرق منزل لشخص مسيحى وطرد والدته أشر طردة ، أو من يصرخ فى الشوارع فى وجوه المسيحيات بأبشع وأفظع الألفاظ التى لا تخرج إلا عن أشخاص أقل ما يوصفوا به أنهم "غير مُتحضرين وسُفهاء " أو من أقسم بأغلظ الإيمان وبالويل والثبور وعظائم الأمور أنه سيأخذ حقه من كل مسيحى فى مصر، وربما لم يرى هذا المتوعد الفيلم المزعوم ، لأن هناك أنباء تتردد بأنه لا يوجد فيلم من الأساس بل هى عبارة عن مقاطع فيديو مُصورة ومرفوعة على اليوتيوب .  

 فرغم أن الكنيسة القبطية أول من أصدرت بيان تستنكر فيه الفيلم المُسئ للإسلام رافضة الإزدراء بالأديان ، وكما خرج الأقباط بمُختلف المُحافظات مع شُركائهم فى الوطن من المُسلمين فى مسيراتهم ومُظاهراتهم الغاضبة التى جابت الشوارع والميادين ليعلنوا مُساندتهم لهم ورفضهم الإساءة للأديان إلا وقد خرج المدعو " أبو إسلام" ليحرق الإنجيل على الملأ أمام المُتظاهرين ، بل أمام العالم أجمع بل تجرأ وتفوه بكلمات يخجل قلمى من ترديدها ، بل أمر أتباعه على حد قوله بتمزيق الإنجيل والسيرعليه بأحذيتهم فلن أعلق على هذا التصرف لأن كل إناء ينضح بما فيه ، ومن يحرق الإنجيل سيحرقه الإنجيل عاجلاً كان أو آجلاً ، فالله لا يحتاج من البشر الدفاع عنه ، بل هو قادر على الإنتقام لمُقدساته لأنه " مُخيف هو الوقوع فى يد الله الحى"، ولا سيما حينما يُستهان بكتاب سماوى يُذكر فيه أسمه ، ويعترف الدين الإسلامى بذلك ، فحارق الإنجيل يُخالف دينه والذى يخدع الجميع بأنه يُدافع عنه !! لكن ما يثير إنتباهى الا وهو أنه لم يتحرك ساكناً لردع هذا الشخص وأتباعه الذين قاموا بحرق الإنجيل جهراً أمام السفارة الأمريكية ،فهو حراً طليقاً وكأنه لم يفعل فعلته الشنعاء رغم أن الإتهام المُوجه إليه هو إتهام أقل ما يوصف بأنه يتعمد إثارة الفتنة الطائفية والبلبلة بين أبناء الشعب وتكدير الأمن العام فأتعجب من أن هذا الشخص مازال حُراً طليقاً لأن الشئ الطبيعى أن يتم القبض عليه حتى بدون بلاغات رسمية ضده لأن هذا شئ بديهى يحدث فى أى دولة تخشى على أمنها وسلامها فلم نسمع حتى أن أحد المسؤولين قام بإنتهاره !! 
 
، فى حين أنه تم اليوم القبض على شاب مسيحى بعد ترويعه وترويع أسرته والتعدى عليه بالضرب المُبرح وإحداث جرح قاطع برقبته من الأمن ، وحرق منزله وطرد والدته من منزلها ، بتهمة أنه قام بالترويج للفيلم المسئ للإسلام على الفيس بوك ، ورغم أن الشاب أنكر الإتهام المنسوب إليه وأوضح لهم أنه تم سرقة حسابه كما يحدث كثيراً ، فلا ننسى أنها حدثت مع أحد أبناء الرئيس مُرسى عندما أعلنوا أنه هدد بقتل المُتظاهرين يوم 25 أغسطس على حسابه بالفيس بوك وأكد هو بعد ذلك أن حسابه تم سرقته وأنه لم يصرح بذلك ، ورغم أن الشاب المسيحى لا يوجد عليه دليل قوى يثبت أو ينفى ما جاء على حسابه لإحتمالية سرقة الحساب ورغم أن عدد مُشاهدى صفحته الشخصية لا تتعدى أصابع اليد ، ورغم أن الفيديو مُنتشر باليوتيوب وبالمواقع المُختلفة وليس بسر ولم يكن هو من قام بصنعه ، إلا وتم إعتقاله على الفور ، وهذا إتهام رائج فى هذه الأيام ضد شباب الأقباط ، فمن قبل تم القبض على مُدرس قبطى بنفس التُهمة وكانت مُحاكمته مُنذ يومين والتى تم تأجيلها بسبب هجوم سلفى على المحكمة أثناء الجلسة فى مُحاولة منهم للفتك به والضغط على القضاة بالهرج والمرج الذى أفتعلوه حتى يحكموا عليه بأقصى عقوبة ، ومن قبله حُكم على آخر بمدة تزيد عن مُدة أقصى عقوبة قانونية !! وهكذا تتوالى الأحكام على الأقباط بتهمة إزدراء الأديان سواء البرئ منهم أو المُدان !!وكأن المقصود بإزدراء الأديان هو إزدراء الإسلام فقط دون غيره من الديانات!! 
 
  ففى الوقت الذى يتم القبض على شباب الأقباط بتهمة إزدراء الأديان على صفحات شخصية بالفيس بوك ربما لا يراها إلا صاحبها ، إلا ونجد إزدراء المسيحية على صفحات الجرائد القومية وليس من مُحرر بسيط بالجريدة فحسب بل من رئيس تحرير الجريدة بذاته !! فقد قام رئيس تحرير جريدة " الأهرام المسائى" بإزدراء المسيحية وبدون إستحياء أو أدنى تفكير فى نتيجة فعلته هذه ، ولاسيما لشخص فى موقعه قائلاً بالنص" والدولة الدينية التى يزعمونها ، إنما ظهرت فى العصور الوسطى فى أوروبا لسيطرة الكنيسة وطغى رجالها بدينها المُحرف على الشعوب ، ولو قمنا بسؤاله  لماذا المسيحية مُحرفة ، وما هى أوجه التحريف ، وأين هى النسخ الأصلية قبل التحريف والتى قمت بمُقارنتها بالنسخ الحالية فعرفت من خلالها أنها مُحرفة ؟؟!! فسوف لا نجد لديه أى إجابة سوى أنه " تعلمها كدة ، سمعها كدة ، ورددها كما رددها غيره بدون حُجة أو برهان" لمُجرد التشكيك فى المسيحية ، ومازال رئيس التحرير هو أيضاً حر طليق ليتحفنا عاجلاً أو أجلاً بإزدراء جديد للمسيحية على صفحات الجرائد وليست على صفحات الفيس بوك !! رغم تقديم بلاغات ضده للنائب العام  والذى قام بدوره على الفور من قبل وقام بوضع أسماء أقباط المهجر على قائمة الترقب رغم عدم وجود دليل ضدهم يُبرهن تورطهم فى صنع الفيلم المُسئ للإسلام ، بل كلها شكاوى وبلاغات كيدية من بعض الكارهين والحاقدين على أقباط الخارج ، فوجدوا منها فرصة سانحة للإنتقام منهم بأثر رجعى وإلصاق إنتاج الفيلم لهم .                                                              

   وفى الحقيقة أن المُروج الفعلى لهذا العمل هو من قام بعمل دعاية عملاقة له عن طريق الحديث عنه فى الفضائيات وإبرازه والإعلان عنه بشكل غير مُباشر بصورة جعلته مَحط أنظارالجميع ، فجعلوا من فضول المُشاهدين لهذه الفضائيات دعاية ضخمة له ، بخلاف الدعاية له عن طريق المُظاهرات وحرق السفارات وقتل الأبرياء ، فرأه من لم يراه وعرفه من لم يسمع عنه من قبل ، وهم يعتقدون أنهم يدافعون عن دينهم ويغارون عليه أتوا بنتيجة عكسية وقاموا بالترويج له ، فمن منا كان يعرف أن هناك فيلم من أساسه قبل هذه الضوضاء وهذا الصخب الذى تسبب فيهم من يعتقدون أنهم يعملون من أجل نصرة دينهم فبسبب هؤلاء بدلاًً من أن يرى الفيديو العشرات رأه الملايين ، فلماذا لم يتم مُساءلة ومُحاكمة هؤلاء بتهمة الترويج للفيلم بقنواتهم  كما يحدث مع شباب الفيس بوك من الأقباط ؟؟!!  
 
 ورغم أن المُزدرين بالمسيحية موجودين بمصر ولا يوجد صعوبة فى القبض عليهم والتهم الموجهة لهم بالأدلة والبراهين والفيديوهات بالصوت والصورة على الفضائيات واليوتيوب إلا والأعين لا تراهم والأذان تسمو وتترفع على أن تسمعهم !! فلماذا السكوت على هؤلاء ولماذا الكيل بمكيالين ، وإلى متى نعيش فى وطننا غرباء ، ولماذا هذا الصمت من الأخوة المُسلمين عند حرق الإنجيل وإهانته رغم مُساندة الأقباط لهم عندما كانوا فى نفس الموقف؟؟!! 

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter