كان ينبغي تغيير عنوان المقال إلى " أسلحة صاخبة لحروب أشد صخباً " ولكن لمتابعة ما قصدت من عرض لموضوع المقال الأول من عرض بعض جوانب من دراسة للمفكر الباحث" البروفيسور نعوم تشومسكي بعنوان " الاستراتيجيات العشرة للتحكم بالشعوب" وهي المتعلقة بفكرة إلهاء الشعوب لتمرير كوارث ، رأيت أن أزمة الفيلم المُسئ لرسول الإسلام ، كان تصعيداً يتجاوز فكرة الإلهاء إلى منطقة إعلان المؤامرة والعدوان على سلام الشعوب ، لأنه كان من الواضح ترتيب تفجير الأزمة في مثل هذا التوقيت ، رغم مرور شهور على وضع مقاطع الفيلم على اليوتيوب ولم يلتفت إليها أحد أولاً لأن تلك المقاطع ليست ناطقة باللغة ، فكان عمل الدوبلاج لتكون لغة التخاطب بالعربية والإعلان عنها في يوم ذكرى كارثة 11 سبتمبر ليبدو أن الفيلم جاء ليؤكد على فكرة العنف والتطرف العربي وجماعات التشدد الجهادية ، ومن فعلوا فعلتهم كانوا يعلمون حجم رد الفعل تماماً وكانوا يقصدون حدوثه على هذا النحو ، ومتأكدون أنهم يتجاوزون كل الخطوط الحمراء عند التعامل مع شعوب تمثل الأديان لهم المقدس الأعظم الغير مسموح شكلاً ومضموناً الاقتراب من ثوابته بأي نية أو غرض سوى التقديس ..
هم يبكي وهم يضحك " مثل مصري شهير يمكن ان تردده بُمجرد دخولك ميدان وساحة التظاهرات الغاضبة كرد فعل غاضب لإنتاج فيلم أمريكي مُسئ لرسول الإسلام والإسلام وكل أتباع تلك العقيدة في العالم ( حوالي مليار ونصف مسلم ) ، وعلى أرض المحروسة اجتمع أولادها على إدانة ذلك الشئ الرذيل القبيح ( وأقصد قول " الشئ" للتحقير ونفي وصفه بالعمل الفني أو الدرامي ) ، إنه الهم المبكي أما الأمر المُضحك فتمثل في لافتة علقها متظاهر " نُطالب بتهجير اقباط المهجر لافتة في التحرير " ، وفي الواقع نحتاج لعبقري يشرح لنا كيف نُهجر المُهاجر وإن كان يحمل دلالة مدى الغضب العارم لدى البسطاء ، على من تم إطلاق مُسمى " أقباط المهجر " عليهم بجهل وغباوة ليعتمد آلية فرز طائفي ممجوجة القصد منها فصل أهل الإسلام عن أهل المسيحية في بلاد المهجر..
وفي إطار السخرية الفسبوكية اللاذعة كتب أحدهم على صفحته " إحنا بهدلنا أمريكا النهارده .. موتنا واحد مصري وتلاتة توانسة وسوداني وتلاتة يمنيين ، ولسه هما شافوا حاجة .." والحقيقة صديقي الفسبوكي يقصد بالطبع إنه احنا حتى لما نيجي نعمل رد فعل بنعمله برعونة فييجي في مصلحة من نعاقبه بإعلان ثورتنا عليه ..
أما الحكومة ، فقد قرر رئيسها الدكتور هشام قنديل، إن الحصة الأولى في أول أيام الدراسة التي تبدأ، السبت، بكل مدارس مصر، ستخصص لـ«نصرة الرسول محمد»، مشددًا على ضرورة أن يفهم طلاب وتلاميذ المدارس من هو النبي محمد، وكيفية نصرته ورفعة شأنه، وذلك للنهوض بهذه الأمة. والحقيقة كان من المقبول أن يقول رئيس الحكومة أننا بصدد توعية طلاب المدارس بجريمة إزدراء الأديان وأن الأديان لها من التقديس ما ينبغي علينا احترامها ، وأن الحادث الأخير مثال على جرم تجاوز تلك المفاهيم والقيم ، ولكن أن يقول أن الحصة ستخصص لنصرة الرسول محمد ، فكان ينبغي أن يعلم أن مدارسنا ليست كلها أزهرية طلابها من المسلمين فقط ، وأن دعوته على هذا النحو هي دعوة تقال في المساجد ، ودعوته لا تبتعد كثيراً عن دعوة محافظ كفر الشيخ الذي صرح أن من مهام المحافظ "الدعوة " ..
ونعود لفكرة الإلهاء لصاحبها البروفيسور نعوم تشومسكي"التي أشرنا إليها في الجزء الأول من المقال ، يقول الباحث على لسان صانع تلك الحالة " حافظ على تشتّت اهتمامات العامة، بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية، واجعل هذه الاهتمامات موجهة نحو مواضيع ليست ذات أهمية حقيقيّة. اجعل الشعب منشغلا، منشغلا، منشغلا، دون أن يكون له أي وقت للتفكير، وحتى يعود للضيعة مع بقيّة الحيوانات."
وعلى الرغم أن حكاية الفيلم " الكارثة " والترتيبات المصاحبة لظهوره ، وكما أسلفنا قد تجاوزت حكاية الإلهاء إلى صناعة المؤامرة ، إلا أنها في النهاية تُعد مثالاً صارخاً لتعريض شعب يعاني من حالة توهان وعدم استقرار وضعف كافة مؤسساته وفي مقدمتها مؤسسة الأمن ، وتليها كافة المؤسسات العاملة في مجال دعم الاقتصاد والسياحة والتعليم والثقافة .. تعريضها جميعاً لهجمة شرسة .. إن حالة ضيوف مصر من الأجانب في فنادق مصر الكبرى وهي تطالب بالرحيل خوفاً وفزعاً من المظاهرات وما رُفع من شعارات كراهية ضد الفرنجة رغم محاولات طمأنتهم من جانب إدارات تلك الفنادق ، وما أقدم عليه أحدهم بحرق الإنجيل وتصريحات وكيل حملة حازمون الخطيرة ، كلها إشارات غاية في الخطورة ..
ولأن المقال منشور على موقع الكتروني رائع المشاركة والإقبال من جانب قطاع كبير من المثقفين ، أضيف الرابط التالي الذي يقدم صورة صادقة للأقباط في الخارج..