الأحد ١٦ سبتمبر ٢٠١٢ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
بقلم : مادونا شاكر
يقولون فى الأمثال شر البلية ما يضحك .. ويطلق هذا المثل عادةً عندما يصطدم الشخص بموقف مؤلم أو غريب على غير المتوقع فمن شدة الدهشة والتعجب لا يجد المرء إلا أن يضحك .. بينما يحتاج الموقف إلى الشعور بالحزن أكثر وليس الضحك .. فالضحك هنا ليس مصدره السعادة ولكن السخرية المصاحبة للصدمة .
وهذا ما حدث تقريباً لمسؤلى السفارة الأمريكية بالقاهرة عندما أرسل السيد خيرت الشاطر برسالة من موقع الإخوان المسلمين باللغة الإنجليزية للسفارة الأمريكية أعرب فيها عن تعازيه فى مقتل السفير الأمريكى وثلاثة جنود أمريكان آخرين فى بنى غازى بليبيا وأدان فى رسالته هجوم المصريين على السفارة المصرية وأبدى موقفه الرافض لمثل هذه الأفعال ووصفها بأنها غير قانوينة طبقاً للقانون الدولى ويجب التحقيق فى الأمر لفشل الشرطة عن أداء واجبها فى حماية السفارة ضد هذا الهجوم .. فردت عليه السفارة ولسان حالها يقول شر البلية ما يضحك وردت بتقديم الشكر وسألته هل قرأت ما كتب على الموقع العربى للإخوان المسلمين منوهة إلى أنها قرأته .. وما قرأته السفارة الأمريكية على موقع الإخوان العربى هو تحريض واضح وصريح وهجوم شديد على أمريكا و صناع الفيلم المسيئ من أقباط المهجر .
هل كان يعتقد السيد خيرت الغير شاطر أن أمريكا يمكن إستغفالها بهذا الشكل المبتذل والضحك على عقولهم ببضع كلمات خايبة مصطنعة بنية خبيثة لا تضمر سوى الشر فى نفسها .. وهو ( الشاطر ) الذى يعرفهم جيداً ويعلم أنه لا يخفى على الأمريكان خافية وإنهم يجيبوه البحر ويرجعوه عطشان .. وتعامل معهم وبينه وبينهم علاقات ليست جديدة عليه وإنما لها سنواتٍ طوال من التحالف والتواطؤ معهم لتصفية مصر مقابل مساعدة أمريكا وإسرائيل للإخوان فى تحقيق حلم الخلافة والسيطرة على عقول المصريين .
يعملوها ويخيلوا .. يقتلوا القتيل ويمشوا فى جنازته هذا هو أدق وصف لمنهج الإخوان المسلمين الضرب من تحت الحزام يشحنوا الشعوب العربية ويستثيروا الشباب ويهيجوه ضد الأقباط وكل دولة لا تدين بالإسلام لمجرد رسوم كارتونية أو نكتة عابرة أو فيلم صدر من بعض الأشخاص غير المسؤلين والذى نرفضه ولا نقبله على أنفسنا رغم أنه يحدث معنا الكثير ولا نرد بمثل هذا العنف وتلك الدموية البغيضة .. وبعد كل هذا الشحن نجد الإخوان يقولون وحدة وطنية وكلنا مصريين وكل هذه الإسطوانات المشروخة التى لا تستطيع أن تصلَح اللى إنكسر .. حالة من عدم الثقة وعدم الإتزان تصيب المسلمين إذا قام شخص غير مسلم سواء أجنبى أو غيره بنقد التصرفات الإرهابية التى يقوم بها الكثير من المسلمين من مدعى التدين فى حق الأقباط أو أى مسيحى فى العالم ونشر العنف والكراهية والتخريب بين الناس .. هل مجرد فيلم أو كارتون أو إنتقاد يمكن أن يهز مملكة الإسلام فى لحظة ويجيش الجيوش للإنتقام من أشخاص لا ذنب لهم وليس لهم علاقة بأى موضوع من أساسه ؟!!! .. إذا كان إعلان عن الفيلم مدته أقل من 15 دقيقة يُحدث كل هذه الضجة ويجلب كل هذه الدموية على الأبرياء فما بالنا لو تم عرض الفيلم بالكامل !!!!!! ولماذا تم إحداث هذه الجلبة الآن مع أن إعلان الفيلم نشر على الإنترنت فى شهر يوليو الماضى أى منذ 3 شهور تقريباً ؟؟
إذا كان الشاطر وغيره من الإخوان يتلاعبون بمشاعر الشعب المصرى ويضربون على وتر الدين أفيون هذه الشعوب لتهييجهم ضد أمريكا وإلقاء كل التهم عليها لكى ما يبرأوا أنفسهم أمام الشعب فهو واهم لأن الغول الأمريكى الذى تحالف معه الإخوان من قبل ثم إنقلب عليه وإستغنى عن خدماته كونه أنهى دوره معهم لن يذهب قبل أن يقلب الترابيزة على الجميع ولن يهدأ إلا إذا قلم أظافر الإخوان وأدخل المارد للقمقم مرة أخرى فينقلب السحر على الساحر .
المظاهرات التى قامت لتندد بالفيلم المسيئ للرسول وصُناعه وتدعوا لكراهية الغير والتحريض على قتلهم لم تُظهر سوى الضعف والهشاشة التى تعانى منها ثقافتنا والشخصية المصرية بوجه خاص وإنعدام الثقة فى الديانة التى أخرجت خير أجناد الأرض .. لأنه من المفترض أن الإنسان الذى يثق فى نفسه وفيما يعتقد لا يلتفت كثيراً لمثل هذه الأعمال ولا تستثيره مثل هذه الأمور التى لا يمكنها أن تحرك حرفاً واحداً مما يؤمن به وإنما عقله فقط هو الذى يستطيع ذلك .. فلا يحتاج لأن يقول فداك أبى وأمى ونفسى يا رسول الله .. إلا رسول الله .. لأن نصرة الدين لا تتأتى بمثل هذه الأساليب الدموية العنيفة التى لا تزيد المسلمين سوى كراهية ونفور دول العالم كله منهم ووصفهم بالإرهابيين .. وإنما يتأتى النصر بالمضى قدماً نحو التقدم بالعمل والكفاح والإثمار لنمو بلدنا وتقدمها وإحترام الغير
ومعتقداته وحريته فى التعبير عنها والدعوة إلى الإصلاح والسلام بين الجميع ونبذ العنف وتطبيق العدل ورد الحقوق إلى أصحابها وتقدير قيمة الوقت والإنشغال بما هو أهم وأجدى من الغضب والإنفعال والتخريب .. وإذا كان لابد من إظهار الغضب والإعتراض فليكن بطريقة سلمية متحضرة راقية بعيدة عن الدموية والعنف .
وفى الختام أود أن أسأل سؤال وهو .. إذا كان المسلمين غضبوا وهاجوا وتظاهروا لمجرد مادة فيلمية أهانت معتقدهم ورسولهم الكريم .. فكم مرة ينبغى لنا نحن الأقباط أن نغضب ونثور ونرفع قضايا ونملأ الدنيا ضجيجاً وصياحاً عندما نهان وتهان مقدساتنا من شيوخ الإسلام وأصحاب الفتاوى خصوصاً وأن أبو إسلام حرق الكتاب المقدس أمام السفارة الأمريكية وهدد بالتبول عليه ..غير نهب ممتلكاتنا وإحراق منازلنا وخطف بناتنا وإهدر دمائنا وتهجيرالبعض منا رغماً عنا .. وهل عندما نثور سيساندنا وقتها الأخوة المسلمين كما يساندهم كثير من الأقباط الآن ويتعاطفون معهم ويستنكرون الفيلم المسيئ ويشاركوهم مشاعر الغضب أم سيتخلوا عنا كالعادة بل ويشاركون فى الهجوم علينا ؟!!!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع