بقلم: نبيل المقدس
" إلاّ الإنجيـــل " ... وكلمة الإنجيل تعني البشارة أو الخبـــر الســـار الذي أتمه الله من أجل البشرية .. فقد إنتشر هذا الخبر السار منذ بداية خطية آدم التي هي أجرتها الموت الأبدي , فقد وعد الله البشرية من خلال كلمة الكتاب المقدس بأنه سوف يرفع هذه الخطية عن جميع البشر منذ مهدها حتي يومنا هذا وإلي الأبد .. أي ان بشارة عمل الله هي سارية من القديم حتي نهاية العالم ولجميع البشر .. هذا العمل العظيم هو مجانا وبدون مقابل .. المقابل الوحيد هو أنك تؤمن بهذا العمل .. وأن رفع الخطية ليس من إجتهادك الشخصي , بل هو من عند الله وحده.
أعتذر لإخوتي المسلمين .. فقد إستفزني فعلا هذا الفيديو القبيح والمسيء لرسولكم بالرغم أنني لم أشاهده لكن ولكوني إنسانا حزنت وأستاءت من أجل ضرر الآخرين مهما أختلفوا معي في الجنس أو العرق أو الديانة أو الفكر .. كما إستفزني أيضا رد الفعل الشاذ الذي قام به " هذا الشيخ " بإحراق الكتاب المقدس وسط آلاف من المتظاهرين بالقرب من السفارة الأمريكية بميدان التحرير .. ونحن كمسيحيين لا نعطي إهتماما و لا نُثار ولا نهيج حتي ولو سُب مسيحنا أو تم حرق مقدساتنا لأنه وكما قلت لكم أننا آمنا ببشارة " عمل الله الذي أتمه من أجل البشرية " الذي لا يحتاج بين الحين والحين ترديد كلمات الكتاب المقدس عمّال علي بطّـال وكأن بترديدنا ما يحتويه الكتاب المقدس من مواعيد يزيد من تأكيدنا له .. ولأن إنجيلنا منطقي وواقعي فقد كان من السهل علينا أن نحفظه في قلوبنا ونلقنه لأجيالنا ..كما أن ما يحويه من تعاليم هي تمثل طبيعة الإنسان فأصبحنا نتصرف ونتعامل مع الآخرين ومع بعضنا البعض بالطبيعة التي خلقها الله فينــا ..
أوجه كلامي إلي هذا الشيخ الغيور المغرور وأقول له : " نحن كبشر لا نحتاج أن نعيش ومعنا الكتاب المقدس بقدر أننا وأنت نحتاج أن نعيش في داخله , نحيا بين سطوره , نتفاعل مع أمثال مسيحنا التي تشير إلي مدي قدسيته ومحبته لجميع البشر .. جميعنا الان تعيش في هذه الحياة حسب الإنجيل أو ما أخبرنا الله فيه بوعده العظيم من أجل البشرية .. تمثل هذا الوعد العظيم في تقديم الله نفسه كفداء لي ولك من خلال تجسده في يسوع المسيح لكي يعطينا حياة أفضل وينجينا من عواقب الخطية المتوارثة .. " أنا متأكد أن الكثير من إخوتي وأحبائي المسلمين سوف يتعصبون ويسخرون من كلامي عندما يقرأون كلماتي هذه .. فهذه هي عقيدتي وليس معني انني اذكرها لكم هو أن افرضها عليكم .. " لكن ما قام به "هذا الشيخ" بحرق الكتاب المقدس أعتبره اولا : أنه لا يساوي شيئا من حرق عمل الله الفدائي للبشرية ... وأنا هنا لا أقصد حرق الكتاب المقدس نفسه لكن كل ما اقصده هو محاولة حرق ونفي وإلغاء ما نؤمن به كمسيحيين أو هدم الإيمان المسيحي طبقا لتصوره ... أما ثانيا : فأنا أعتبر حرق الكتاب المقدس ما هو إلا زرع الفتنة بين طوائف الشعب المصري ... ولولا حكمة أبناء النيل لكانت هناك معركة ضارية بين الطوائف الدينية .. وأنا في حيرة حتي الآن لماذا لم تتحرك الحكومة بالقبض عليه حتي الآن لإزدرائه الحياة المسيحية .
وصل هذا الشيخ المحترم إلي درجة إستعداده التبول علي الكتاب المقدس .. كلمات لا يتفوه بها إلاّ شخص فاجر وصائع .. لا يتجرأ أن ينطقها جاهل أو الشيطان نفسه . لكنني أقول له " تبول ياشيخنا علي الكتاب المقدس لكي تكشف أمام العالم كله مدي الكراهية التي ملأتك من شعر رأسك حتي أغمس قدميك .. أنت تأتي بالعـــار لديانتك ولإخوتك الذين يدينون بها .. بل أنت تضع الإسلام في موقف الضعيف وجعلت من إلهك إله لا حولة له ولا قوة .. فهو يلجأ لأمثالك لكي تدافع عنه .
قال الرئيس د. مرسي في جولته الأخيرة لأوربا : "إلاّ رسول الله .. فهو خط حمر" .. هذه التصريحات هي من حقه ومن واجبه ولا يستطيع أحد أن يعارضه .. لكن في المقابل ومن حقي أنا أيضا بل من واجبي ولا يستطيع ان يمنعني أحد أن أقول لهذا الشيخ : " إلاّ الإنجيل ياهـــذا .. فهو الخط الأحمــر " .
نحن لا ندافع عن الإنجيل أو الكتاب المقدس , لأننا نثق في إلهنا أنه سوف يحافظ علي مواعيده .. لكن في نفس الوقت ندافع ضد كل مَنْ يسخر و يزدري برسولك وبديانتك .. فنحن نحترم عقيدتك لأننا نحترمك كإنسان .. نحن نحب رسولك لأننا نحبك كأخ لنا في الإنسانية . نحن نقف بجوارك ضد كل مَنْ يريد النيل من إيمانك , إعتقادا منا أن أمثالك هو عالم جليل متبحر في علم دينه , ومتعمق في خبايا إيمانه , ومتصفح لكل ورقة من كتابه , ومتمكن من وضع الردود العلمية والمنطقية لكل مشهد من هذا الفيلم الوقح .. لكنك أضعت وقتك في السب والحرق وإستعدادك التبول علي الكتاب المقدس الذي أقحمته بدون مبرر في معركتك مع صانعي هذا الفيلم السخيف .
أتذكر عندما خرج علينا الكاتب "دان براون" بقصته والتي تحولت إلي فيلم تحت إسم " شفـــرة دافنشي " يحكي فيه العلاقة الجنسية للسيد المسيح مع مريم المجدلية , حتي أنها حبلت منه وولدت له إبنه .. لم نضيع وقتنا في حرق كتابه او التبول عليه .. أو لم نتوجه إلي كتابكم ونقحمه في معركتنا ضد هذا المؤلف الذي أساء مسيحنا .. بل هرع علماء اللاهوت المسيحي إلي تفنيد الفيلم لقطة بلقطة .. وبالطرق العلمية والتاريخية للوحة العشاء الأخير للفنان دافنشي والتي بني علي اساسها هذا المؤلف محتويات كتابه أثبتوا كذب وهراء هذا المؤلف .. وعلي ما أتذكر كان بداية نشر الردود القوية علي هذا الكتاب بعد أسبوع واحد فقط من عرضه من نشر الكتاب وعرضه في دور السينما .. وإنتصر الحق علي الباطل .. وإقتنعت الجماهير حتي أن عدد رواد دور العرض قل جدا بعد صدور الردود المفحمة علي كتابه .. وأصبح تخليهم عن حضور هذا الفيلم سببا في خسائر فادحة للمنتج ولصاحب هذا الكتاب ولإصحاب دور العرض ... وإنطوي ذكر هذا الكاتب وإنطمــر في مزبلة التاريخ .. ومع هذا نطلب له الغفران .. !!
هل يستطيع هذا الشيخ أن يكوّن فريق رد علي كل لقطة من هذا الفيلم الوقح والمسيء لرسوله .. ويخرج لنــا كتابا يفند فيه هذا الفيلم القذر .. لا أظن يستطيع هذا الشيخ القيام بهذا الجهد .. فواضح أنه قليل العلم بدينه .. ضعيف الحجة .. غير متبحر .. واخيرا غير مؤمن بدينه.. فكان الحل الوحيد أمامه هو حرق الكتاب المقدس والتبول عليه في المرات القادمة ..!!
أحب أوجه سؤالا أخيرا لهذا الشيخ : ما ذنب الكتاب المقدس لكي تقحمه في معركتك مع صانعي الفيلم المسىء لرسولكم ؟؟؟ هل كان الكتاب المقدس هو مصدر سيناريو هذا الفيلم الوقح ؟؟؟ .. لا أظن يا هذا الشيخ لأن كلام الله في كتابنا خالي تماما من أي كلمات مسيئة . إجتهد وإبحث عن مصدر سيناريو هذا الفيلم القذر قبل ما تبحث عن مَنْ كتب السيناريو....!!!! حاول أن تعرف عدوك اولا لكي تعرف مَنْ هو هذا الذي تطاول علي رسولك .... وثق تماما أن المسيحيين سوف يكونون أول مَنْ يشجبون هؤلاء البلطجية الذين صنعوا هذا الفيلم ... !
إلهي .. وربي .. يسوع المسيح .. أني متأكد أن سلطتك عليّ إنما هي سلطة النعمة , لأن بمحبتك تجعلني اسجد علي ركبتي .. نعمتك تذيبني وتأسرني فلا أجد سبيلا لمقاومتها .. فمحبتك تنفذ إلي داخل درعي الحامي وترسي الواقي , فأعجز معهما عن المقاومة والدفاع .. وازداد بهجة وسرورا عندما اجد نفسي أسير محبتك .... !!
أخيـــــرا ......... " إلاّ مصـــــــــر يا هذا الشيـــــــخ ......... !!!!!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع