محمد محمود

حدثنا عدمان ابن صدمان عن بهلول ابن كتيان، انه ذات ليلة ليلاء في ساعة نحس غبراء، اجتمع علية القوم البهاليل في منتصف الليل، وجلس المأتمرون وامامهم عصير اللفت و اللمون، وبعد السلامات والتحيات والطيبات الزكيات، اعتدل الجمع المأتمر وتدفق الشرر من العيون كالسيل المنهمر....
 
قال كبير العابثين وأمير المهملين، هل رأيتم ما يحدث في بلاد الرز الوفير والخير الكثير؟ هل سمعتم بما قد عزموا عليه وساروا في الطريق إليه؟ هل طالعتم ما قرروه وما باتوا يفعلوه؟ لقد شكلوا لجنة لحذف كتب التراث والسير والأحاديث، وهذا والله عماد حياتنا ومصدر رزقنا ومبلغ علمنا، فلو حدث هذا لا قدر المتعال، فلسوف نشحت على باب السيدة ومعنا العيال.... فماذا ترون يا أصحاب الدقون؟
 
قال الذي يليه بعد أن عبث في إليته ولعب بالشاسيه : اي والله انها الطامة وانها الواقعة، أرى أن نخرج ببيان نناشد فيه الأمة بمقاومة هذه الغمة ونحولها عركة من طنطا الي مكة
 
وهنا صدر صوت حماري من آخر القاعة يملك صاحبه حنكا كالبلاعة وقال، ان هذا بداية غزو العلمانية للديار الايمانية ووالله ستقلع امهاتنا الحجاب وتلبس الميني جيب ع الشراب وان ذلك دونه الرقاب... 
 
فانزعج القوم من هذا الصوت الشؤم وأشاحوا بوجوههم صوب كبيرهم....
 
فقال أكبرهم عمرا، ان لي في ذلك أمرا، أرى أن نطيع ولي الأمر الحكيم ولا نعترض ونستقيم، ففي المعارضة نهايتنا وفي المعاندة تضيع هيبتنا
فامتعض الحاضرون من رأى ذلك المأفون ونظروا لكبير العابثين يلتمسون منه الرأي المكين
 
فتنحنح نحنوح من طرف الطاولة، واستجمع قواه بعد مطاولة وقال في صوت مبحوح، أشبه بصوت ماجدة وهي تنادي على ممدوح : أرى أن نؤثر السلامة ففي التأني السلامة وفي العجلة الندامة، فلا نعترض ولا نوافق ونكون بين ذلك كالمنافق، اذا قابل المؤمنين صلى مع المؤمنين وصار منهم وإن قابل المشركين طاف بهبل وشرب معهم، فإن سألونا قلنا نعم الرأي رأي أولى الأمر وان اختلينا ببعضنا تدبرنا من أمرنا، ولهذا وذاك وكل الموقف الفتاكا أرى أن نطلق قناة....
 
فهمهم القوم المخابيل وتناجوا وقام كبير المهابيل حذيفة سانتياجو وقال.... اي قناة تقصد يا ابن أبي لية؟ والله أرى انك لا ترى ما نحن فيه من بلية
فقال ابن أبي لية وقد أخذه الحماس حتى أسقط منه اللباس : اي والله قناة وليدة نجمع فيها أركان الزلفية المطاريد ولا بأس من أن يكون فيها بعض الازاهرة المناكيد وذلك لدرء الشبهات ورد الاتهامات بالتطرف والتشدد، والتخلف وإثبات التعدد
 
فقام اليه أمير المهملين وعانقه عناق العاشقين وقبله قبلة المغرمين وقال هذا والله سيد القوم ونجم اليوم، فلتكن قناتنا قناة المودة وسنعد لها كل العدة ولعلها تكون فاتحة خير لنا، لنعود ونتدبر أمرنا، فلقد ضاقت علينا كل البلاد وتقطعت بنا الأسباب ولم يبق لنا الا الكنانة فهي خير مأوى وموطن الأمانة.....
وهنا انطلقت ضرطة عظيمة لها صوت مدافع رمضان القديمة، فالتفت القوم لمصدر الضرطة، فكان ذلك الذي يضع على رأسه شرطة، فتلعثم وتوتر وقال وقد تأثر، والله انها من الفرحة والحبور، فلم اتمالك بطني من شدة السرور، فاعذروني ايها الأشقاء، فالبطن ليست أوسع من الخلاء