كتب – محرر الاقباط متحدون
وجه الأنبا نيقولا أنطونيو، المتحدث الإعلامي للروم الأرثوذكس في مصر، رسالة لشعب الكنيسة عبر حسابه على فيسبوك وجاء بنصها :

الأسقف ليس هو ممثل الله  أمام الشعب، ولا هو ممثل الشعب أمام الله، ولا يمارس سلطة أو سلطان باسم المسيح، ولا يقدم خدمات للشعب؛ لكنه (أى الأسقف) هو "سر حضور المسيح المحسوس". ومن هذا الحضور الخرستولوجي تنسكب كل الخدمات، ويتم ذلك عن طريق الكهنوت أو رئاسة الكهنوت.

هذا الحضور المحسوس للمسيح يتم عن طريق الكهنوت أو رئاسة الكهنوت والتي من الأفضل أن تفسر على ضوء عنصرة الأسقف الشخصية وقت الرسامة. ففي أثناء رسامة الأسقف يقال على لسان الذي يرسم أو المرسوم عبارة "يوم الخمسين الشخصي". أي أنه يتم شخصنة العنصرة وعمل تطابق بينها وبين الأسقف المرسوم، أو بكلام أخر يقال أن الأسقف يشارك سرًا في العنصرة.

لاشك في أن الأساقفة هم خلفاء الرسل، تعبر الطروبارية عن لاهوت الكنيسة إذ تقول "أن الأسقف القديس هو خليفة كراسي الرسل وهو أيضًا شريك لنهج الرسل". وهم (أي الأساقفة) "شعلة العنصرة المضيئة"؛ الشعلة التي نقلت وتنقل نور يوم الخمسين، أي "نعمة الله"، إلى الأسقفية أو المطرانية والتي تم اختياره لها وسيامته عليها، حسب القديس غريغوريوس بالاماس. هذا لا يعني بأي حال تطابق مطلق بين خبرة العنصرة ونعمة رئاسة الكهنوت. يوم الخمسين هو اليوم الذى جاء فيه الروح القدس على وإلى التلاميذ ووحدهم بالمسيح وصاروا أعضاء جسد المسيح.

يميز الأب جورج فلوروفسكى بين العنصرة التي هي عطية لكل المؤمنين وبين الخلافة الرسولية التي هي "نعمة الاسقفية"، فيوم الخمسين هو ينبوع كل الأسرار والأعمال السرائرية. لقد حل الروح القدس على الكنيسة التي نشأت في أورشليم ووهب الجميع عطايا ومواهب وخدمات متنوعة. العنصرة والخمسين هما حق وواجب على كل من يعيش في الكنيسة، بينما الأسقفية هي أن يصير الأسقف واسطة التواصل والتسلسل الرسولي. هذا معناه أن الكنيسة في شخص أسقفها الرسولي النية والهمة والفكر، تتواصل مع الكنيسة التي تشكلت في أورشليم وتُشكل جزء لا يتجزْء من الكنيسة الجامعة، "جسد المسيح".

التراث الكنسي هو كمال العنصرة في اللحظة التاريخية التي يعيشها المؤمنون، المؤمنون يعيشونها والأسقف يضمن استمرارها. هذا معناه أن العنصرة هي شركة خبرة التألُّه ["θέωσις" (Theosis)] وهذه الخبرة يقدر كل من يريد ويقرر من المؤمنين الحسني العبادة أن يشارك فيها. هذه الخبرة ليست قاصرة على الأساقفة بل أن الأساقفة هم وسائط التسلسل الرسولي والمعبرين عنه، وهم المؤهلون والمسئولون عن قيادة المسيحيين إلى شركة خيرات العنصرة.

يكتب بولس الرسول عن ذلك بكل وضوح قائلًا: "لكل واحد منا أعطيت النعمة حسب قياس هبة المسيح... وهو أعطى البعض أن يكونوا رسلًا، والبعض أنبياء، والبعض مبشرين، والبعض رعاة ومعلمين، لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة، لبنيان جسد المسيح، إلى أن ننتهي جميعنا إلى وحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله. إلى إنسان كامل. إلى قياس قامة ملء المسيح" (أفسس 7:4-13).

هذه التعبيرات والمعاني اللاهوتية هي ابداعات الأباء وثبتتها المجامع المسكونية السبع والمحلية العديدة وهي امتداد للتراث والتقليد الأرثوذكسي.