الأقباط متحدون - لو صرخَت الحجارة
أخر تحديث ١٣:٢٥ | الثلاثاء ١٨ سبتمبر ٢٠١٢ | ٧ توت ١٧٢٩ ش | العدد ٢٨٨٧ السنة السابعة
إغلاق تصغير

لو صرخَت الحجارة

بقلم: زهير دعيم
كثيرًا ما أخذني خيالي " المُجنَّح"  الى البعيد، الى اللاموجود  والمستحيل ، فكنتُ أسأل نفسي قائلا : 
ماذا ستقول الحجارة لو صرخت ؟!
أتستطيع أن تصرخَ ؟ ..نعم وأكثر .
 
ألمْ يقل الربّ هذا ؟ ألم تسمعه وهو يقول لليهود - وأنا أصدّقه - : 
" إن سكَتَ هؤلاء فالحجارة تصرخ".(لوقا 19: 40)
فالذي خلق من العدم بشرًا  وأحلامًا وأزهارًا وأسودًا ، وصنع من العظمة مخلوقًا ولا أجمل، ألا يستطيع أن يفتح أفواه الحجارة لتصرخَ وتزوبع وتُرنّم ؟
وأحاول أن أسترق السَّمَع على غير عادتي وأنصت الى لوحي العهد ( الوصايا العشَر ) والنبيّ موسى يُلقي بهما أرضًا والغضب يأخذ منه كلّ مأخذ.. انّهما يبادلانه الحبَّ ، ويشاركانه الغضب المقدّس  والتنديد بعبادة الآلهة الخرساء المستوردة....يشاركانه رغم الألم والانسحاق والتحطّم ؛ فالألم الخارجيّ لا يُقاس بألم النَّفس وجرحها الذي لا يندمل.
 
انّهما يشعران معه ، ويمقتان الغدرَ والخيانة والحنث بالوعود والعهود.
 وأرجع الى حجر آخَر ، حجر كان يسدّ أنفه من الرائحة النتنة المنبعثة بقربه....رائحة الموت .
فشهد مشهدًا فريدًا ، عجيبًا ...فها هو يُحمَل ويلقى جانبًا ، ليشهد من قريب الخالق بعظمه ولحمه يقف الى جانبه ويصرخ : " لعازر هلمَّ خارجًا "  فتعود الحياة لتدبّ في جسد الميت ، فيقوم والبسمة تلوّن شفتيه ليتبع صوت الإله الشّجيّ.
 
ماذا سيقول هذا الحجر لوقُدِّر له ان يصرخ ويتكلّم ؟ ماذا سيقول عن جبروت الربّ وعظمته وحنانه وصوته العذب ؟ ...أتراه سيكتفي بقصيدة عصماء او ملحمة شعرية يردّد صداها التّاريخ أم سيزهر اللوْز والكَرز في ثغرة وهو يُرنّم فرحًا؟!
 .... ويأبى تفكيري إلا ان يغوص في عمق التاريخ ، فتطفو على السطح الكثير من الحجارة : حجارة الهيكل وهي تُبنى للربّ ثم تتهاوى بعد العصيان ، وحجر المعونة الذي نصبه النبي صموئيل كتذكار أمام الربّ ،وحجر مقلاع النبي داود الذي عانق  جبين جليات الجبّار المتطاول على شعب الربّ فأرداه قتيلا..
 ماذا ...وماذا ...
 
ماذا ستصرخ وتقول صخور وحجارة جليلنا التي كان لها الشَّرَف العظيم أن تلمس وتلامس قدمي ويدي السيّد وهو يتنقّل فوقها يصول ويجول ويزرع النفوس والأوداء والتلال آيات وعجائب؟!
 
ماذا ستقول حجارة سور الصين والاهرامات عن التاريخ ؟ 
 جميل ان تصرخ الحجارة ، والأجمل ان يصرخ البشر ؛ كلّ البشر مُرنّمين ومُسبّحين للذي مات على الصّليب لأجلهم ، فأصواتهم أجمل وأعذب كثيرًا من صوت الحجارة 
اليس كذلك؟ 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter