الأقباط متحدون - رســالة من مذبــوح الى مجــروح
أخر تحديث ٠٤:١٢ | الخميس ٢٠ سبتمبر ٢٠١٢ | ٩ توت ١٧٢٩ ش | العدد ٢٨٨٩ السنة السابعة
إغلاق تصغير

رســالة من مذبــوح الى مجــروح


بقلم : هــانـي شهــدي 
جرحك يجرحني،اهانتك وصدمك في مقدساتك لا يرضيني على الإطلاق، ضيقك لم يكن أبداً غايتي،ايذاء
 مشاعرك أرفضه بنفس صادقة وهذا من قلبي، وبعد أن وخزت العالم كله بزئير اعتراضك بسبب زلزال درامي مدمر مدته ١٤ دقيقة هز العالم كله في  ٢٤ ساعة وبعد أن نبهتني بعنفك المعهود الى أنك مجروح فسمعتك وتضامنت مع المك على الفور، فهل لك أن تسمع أنين شكواي المكتومة بقلب مفتوح ؟ لا انتظر تضامنك بل يكفيني انصاتك، أنا مستعد أن أقدم لك ١٤ إعتذاراً وأسفاً عن كل دقيقة ازعجتك وسرقت سلامك جاءت في فيلم لست شريكاً فيه أو محرضاً عليه ، في المقابل لن اطلب منك اعتذاراً عن ١٤ قرناً بيننا من الشد والجذب منذ أنجبك القدر أخاً لي في هذا الوطن ، ولن اطلب منك اعتذاراً عن أخر ١٤ عاماً لي  من الظلم والقهر والبغض أيام حكم مبارك ،ولن ألومك على أخر ١٤ شهراً من قتلي وتهجيري وتكفيري بدءًا من ثورة يناير  ...هل لك أخي المجروح أن تقبل اعتذاري أليك أنا المذبوح منك.
 
لكن تري أخي من منا أولي بالإعتذار؟من وجب عليه مرضاة الأخر، دعنا لا نقيم بيننا الميزان الإلهي فإننا سنختلف عليه، عدالة إلهي غير عدالة الهك برغم أن الله واحد، ولا ميزان القضاء لأنه ميزان سحبت يديك  كل قوانينه تجاهك فمال ناحيتك رغم ثقل كفتي، دعنا نقيم بينناً ميزان الإنسانية .. فأنا انسان وأنت انسان
 
أنا / أبرام وانطونيوس وبرسوم وبولس وميخائيل وجورجيت وسوسنة ومريم وانجى وجاكلين
وأنت /احمد وأدهم وخالد ومصطفي ومروان وهاشم وآمنة وفاطمة وزينب ودعاء
أنا كل مصري مسيحي وأنت كل مصري مسلم ، أنا وأنت اخين وأختين  كبرنا وتربينا في بيت واحد أسمه مصر المخنوقة (مصر المحروسة سابقاً) .
دعني أولاً أوضح لك سبب اعتذاري .. لا أكذب عليك ولا على نفسي ،قد يكون جاء خوفاً من بطشك ومن غدرك بي ، فذاكرتي محفور فيها كم أنك قاسي وقد يكون أسفي لأنك مزلت اخي وما زلت أختي ، لا أحمل لكما أي كره أو ضغينة ، أحبكما بنية صافية ، وبرغم ما حدث فأنا ما زلت " باقي عليكما"
الأن وبعد أن خرجت الى الشارع وشقـّت هتفاتك عنان السماء وسببت وشتمت الأخرين والقيت الحجارة وخربت ممتلكات الغير وأعتليت الأسوار وحرقت السفارات وقتلت موظفين ابرياء لا ذنب لهم سوي أنهم يمثلون بلادهم وعطلت المصالح العامة وهددت وتوعدت وتعاظمت بطولتك أمام الكاميرات وبرامج ال"تـوك شـو" و..و..و..أخيراً رجعت الى بيتك معززاً مكرماً لتأخذ حمامك الدافيء وتلقي كل هذا وراء ظهرك وتتابع الواجبات المنزلية لأولادك وتلذذ بالعشاء الفاخر والعصير الطازج من يد زوجتك الكريمة ولا مانع من "دور طاولة" قبل النوم ...فهل لك أن تسمعني بقلب وعقل مفتوح
١- اعتذر لك لربما قادتك ظنونك أني تسببت في غير قصد في ارهاق مشاعرك في مظاهرات كنت في غني عنها وخرجت فيها بإرادتك الحرة أما أنا من يعتذر لي ومن ينجدني من طوفان مظاهرت اقتحمت منزلي ونهبت تجارتي وقسمتها كغنائم أمام عيني وأهانت زوجتي ويتمت أطفالي، بل لم يمنع صراخي وصراخ أولادي وأنا اذبح امامهم وصراخ زوجتي من رفع سكين الظـَّـلـَمة من فوق رقبتي،من ينتشلني من وجوه عابثة تريد تصفيتي وليس لي فيها أرادة ، أنا مجبر على المواجهة أو الهروب.
 
٢- اعتذر لك لربما أحرجك الفيلم وساقك لتتلفظ بألفاظ  نابية في مواجهة كاميرات الفضائيات برغم  أنه لو حكمت عقلك لسانك لإجتنبتها أما أنا من يعتذر لي عن دموعي المسكوبة وروح المرجوفة ولعب دور الجبان والخائف أمام نفس الكاميرات بسبب تعدياتك المتوالية على انسانيتي ، نفس القدر الذي رفعك من مجهول الى مشهور هو نفسه الذي خفسني من معروف الى مظلوم.
 
٣- اعتذر لك لو تسببت لك في مظاهرة أخرتك عدة دقائق عن  موعد وصولك الى فراشك وتمتعك بدفئه  أما أنا من يعتذر لي عن أيام وليالي قضيتها في الشارع في العراءأتلحـّـف السماء ويلسع عظامي برد الشتاء بعد أن طردت أمام عينيك  وبمعرفتك من منزلي في العامرية ودهشور وسوهاج والمنيا لأصبح ضيفاً طريداً ثقيلاً غريباً على بيوت مضيفي ، وأستأزن كرمك وعطفك أن أعود الى بيتي .
 
٤- اعتذر لك اذا كانت الرسومات المسيئة شغلت تفكيرك وأنت تذاكر دروسك فتعكر صفو ذهنك  الشفاف .. لكن اطمأن يا أخي فأنت دوماً تسبقني ونحن نجري سوياً في سباق العلم .. نفس المدرسة نفس الكلية لكنه ليس نفس القدر العجيب وليست نفس الصدفة السخيفة التي تجعلك دوماً تسبقني ب"نصف درجة" في ابتدائي واعدادي ولازم ثانوي لتجعل منك الأول وأنا الثاني ، تخرجنا في كلية واحدة لتنتظرك وظيفة "المعيد" بأقل التقديرات وأنا يفتح الشارع ذراعيه لاجتهادي ... تري متي ينتهي صراعي مع النصف درجة.
 
٥- اعتذر لك عن مظاهرة تسببت في سقوط زر قميصك الملون على الأرض وضياعه ورائحة عرق فاحت على رائحة "برفانك" الأخاذ ، لكن ثق تماما أن الغسالة "الفول أوتوماتيك" التي صنعها لك الكفار الذين تقتل سفرائهم ستعيدها لك معطرة ، أما أنا من يعيد لي روحي المزهوقة في ماسبيرو ، من ينظف لي قميصاً لطخت دمائي معالمه ومعالمي تحت عجلات دبابتك ومدرعاتك قبل أن تحتفظ به خطيبتي في دولابها كأخر ما تبقي مني ،هل تدل أختي ماري على ترزي ماهر تعيد لديه حياكة قميصي الذي اخترقت رصاصاتك قماشه ولحمي وقلبي وجنبي.
٦- اعتذر لك عن فيلم واحد وحيد لست أنا طرفاً فيه بأي حال من الأحوال بل حقاً رفضاً له ، أما أنا من يرفع عني شلال إهانات من أفلام وتصريحات على شبكة الإنترنت وفي منابر الجوامع أنت وشيوخك طرفاً فيها مع سبق الأصرار والترصد.من يحرك شباك منزلي و يصم اذناي من أمام حنجرة  إمام يسبني أنا وما كل لي ظهر كل جمعة بدون سبب قد أكون أنا أفهم في إسلامه أكثر منه لكن وجب عليِّ السكوت. 
 
٧- اعتذر لك شديد الإعتذار عن إهانة نبيك الذي هو مكرم ومعظم عندك ، اعتذر لك حتى تبقي صورة مقدساتنا مكرمة ومحترمة لدينا حتي وأن اختلفنا فيها، ماذا أفعل أكثر من خروجي أنا واخي وأختي وأبي وأمي وكاهن الكنيسة من كبيرنا الى صغيرنا لنرفض الإساءة لك ولمقدساتك ، أما أنا من يعتذر لي وقد سبني كبار شيوخك ودعاتك بأبشع وانبى الألفاظ ، من يرفع نعل حذاءك عن وجه "البابا شنودة" أمام الكاتدرائية ، من يسكت جهرهتافات خرجت ضد أبي وابيك و-"بابا العرب"من حناجر في وجوه نصفها أبيض ونصفها أسود وقلوب معظمها أسود.
 
٨- عفواً أخي .. لقد أخرك حديثي المطول عن نومك مبكراً لتستيقظ مبكراً لاداءة صلاة الفجر لتخرج في أمان وتعود في أمان  ٢٤ قيراط في عز الليل ، هل لي أن أطمع في قيراط أمان واحد ليكفل لي ولأولادي ولزوجتي أن أؤدي صلواتي التي هي غالباً محمية بنور النهار وأعود سالماً الي بيتي، بمناسبة اعتذاري عن تأخير ميعاد نومك .. نسيت أن اعتذر لك أن ضجيج قنبلة كنيسة القديسين بالإسكندرية التي بالتأكيد قلقت منامك وايقظتك من نومك مبكراً وعطلتك عن اداء صلواتك في المسجد المقابل للكنيسة عدة أيام حتي ينظفوا الشارع لحضرتك من دمائنا الغير نظيف وإشلأنا وعظامنا ورقابنا التي طارت في كل صوب.
 
٩- اعتذر لك لربما تزامن خروجك في مظاهرات التنديد مع ميعاد خروج أطفالك الى النادي فبقوا بالمنزل هذا المساء ، أما أنا من يؤنس طفولة أولادي بعد أن أمرت أولادك بالإبتعاد عنهم لا لشيئ سوى أنهم مسيحين كفار. لماذا نغتال براءة أطفالنا بسموم افكارنا ؟ بمناسبة الرياضة .. اعتذر لك أني غير مشارك معك في أي لعبة  رسمية أو نادي رياضي وتركت كل المسؤلية عليك، ليس تقصيراً أو ندالة مني ،أو عدم اهتمام مني  بالرياضة ، فأنا مثلك أشجع الرياضة وأملك بدن وعقل سليم لكن بخلك عليِّ حتى في  اللعب هو سبب ابتعادي عنك.
 
١٠- اعتذر لك لو حدث وأنت تجري في المظاهرة لوث أذنيك سماع أسمي كضابط قبطي من بين  ضباط الأمن المركزي المكلف بالتصدي للمتظاهرين ، فبعد تحقق الحلم المستحيل في التحاقي بكلية الشرطة بعد معجزة في واسطة خرافية ، لتختنق فرحة أول "نجمة" تعلق على كتفي بمصلحة السجون أو المطافيء أو السجل المدني كأي موظف مطحون ، وليتبعها بعد ذلك كل اخواتها النجوم والنسور ..من يعوضني عن حلم ضائع في عمر مرهق.
 
١١- اعتذر لك لعدم سماعك رنين تليفونك المحمول بسبب علو صوت التظاهر وأنت تهتف لنصره ألدين والمقدسات ،تخيل أني اجريت آلاف المكالمات لمكاتب المحاماه والمحامين لمقتل أولادي في نجع حمادي والكشح وابو قرقاص وكلهم هربوامن الدفاع عن قبطي ، وعندما بذل المحامي أفضل ما عنده أبطل القاضي المرافعة بأبسط نص قانوني عنده وهو" دم القبطي لا يسوي دم المسلم " خالص الإعتذار أخي المسلم لأني لم انصح أولادي بأن يقتلوا بمفردهم بدون العسكري المسلم مما تسبب في اعدام "الكموني" ،آسف لأني اشغل قضائنا العادل بمشاكلي التافهة التي أنا المخطئ فيها دائماً ،و تهرول لتسكتني وترضيني بمعسول الكلمات و يغدو دم هؤلاء "عصير" محبة بيننا
 
١٢- خالص اعتذاري يا أخي اذا كنت فقدت حافظه نقودك وبها قليل من الجنيهات لكن تأكد يا عزيزي أن أمين الشرطة الذي كان يطاردك سوف يعود ويطرق بابك ويعيدها أليك هو نفسه أمين الشرطة الذي طرق بابي ذات مساء ليستدعيني في مبني أمن الدولة ، فذهبت وأنا اسأل نفسي أي خطر يشكله نكرة مثلي على أي دوله ، أمرني الضابط بالتوقيع الإجباري على عدم التعرض لإبنتي الصيدلانية "مارينا" لأنها مقتنعة بالدين الجديد واختارت لها نفس الدولة أسم جديد وعريس لقطة مؤمن أحبته يعمل" بائع متجول" وهناك مشروع له لشراء "توك توك"، وقعت أنا على التعهد مجبراً بدمائي قبل القلم ، توقيعي على شهادة وفاتي قد لكان أسهل،هل تصدق أنها لو ماتت كنت ودعتها على باب القبر ، حرمت حتي من وداعها الأخير يا عزيزي لأني خطر عليها،وبعد سنين اتصلت بي من "سوق الجواري" واخبرتني أنها "لسة عايشة" ، تريد الرجوع بكل ما فيها لكنها "الأمنية المستحيلة" 
 
١٣- اعتذر لك أن طفلة مراهقة في باكستان ألقت في الفرن بصفحة واحدة وحيدة من صفحات مصحفك الشريف بطريق الخطأ ولا شيئا غير الخطأ أثناء عملية "الخبيز" ولولا انقذتها يد الله  لكان مصيرها الإعدام ، أما أنا فهل لي أن اطلب منك الإعتذار عن فعلة شيخ راشد بالغ قدوة بتمزيقه لكتابي المقدس بجميع صفحاته أمام جميع الناس، هل سمعت وعده الكريم بالتبول على كتابي المرة القادمة إرضــاءً وإتمـامـاً لمكارم أخلاقه..أنه ليس بمسلم عادي انما هو "أبو اسلام" .
 
١٤-  اعتذر عن  كوني سبباً مباشراً في حرق خصلة شعر كريمة من رأسك العظيمة أثناء فرارك في الشد والجذب مع الشرطة ، وأختناقك بالغاز المسيل للدموع.. فهل لي أمام هذه الخصلة الكريمة مجرد ألفت نظرك بأن جماعة" بوكو حرام" التي تنتمي لنفس معتقدك الديني في نيجيريا وافريقيا تخنق بشراً وتحرقهم في النار أحياء وتدفنهم جبراً ، لا أتكلم عنهم  لتشابهنا في نفس الديانة لكن لأنهم بشراً مثلي ومثلك ،هل لي بمجرد سوأل يحتاج الى اجابة .. هل أنا وجودي في الأرض هو الحرام  أم قتلك وحرقك لي هو الحرام. ايماني  بالله أم أفعالك السيئة هي الحرام؟ وأخيراً وليس آخراً ..قتل ٤٠٠٠ نفس بريئة بلا ذنب،ترمل زوجاتهم ويتم أطفالهم قابلته " بالزغاريد والشربات " أعجبك الفعل واستكثرت على الضحية رد الفعل، لتعود اليوم بعد ١١ عام وفي نفس اليوم لترفع أسم القاتل بفخر فوق نفس الأرض وتضيف الى مأساة هذا الشعب الذي أكرمك وأعزك مأساة جديدة
 
هل لك عزيزي المجروح أن تترجم هذا الفيلم ترجمة أخري على أنه منبه انذار لانسانيتك المفقودة من نفس العالم الذي اعتذر لك؟ في النهاية يا عزيزي بل حقاً أخي الذي ما زلت أحبه و-"باقي عليه" .. أن الله الذي تتوضأ وترفع له الصلوات ٥ مرات كل يوم هو نفسه الله الذي أرفع له شكواي منك طوال اليوم .. فمن فينا يصدق الله؟

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع