بقلم محمد محمود
الانتفاضة الأزهرية ضد مسلسل تلفزيوني ، والبيان المهول الذي أصدره الأزهر حول عمل فني، يفسر بما لا يدع مجالا للشك سر الهجوم الصحوي على الفن والفنانين والأدب والادباء والفكر والمفكرين، منذ هبوب رياح الصحوة السامة على وادينا الطيب....
عمل فني يستنفر مؤسسة مليارية تخطي عمرها الألف عام، ويجبرها على إصدار بيان طويل عريض ينضح بالتكفير ويكشف عن مكنون عميق من الحقد والبغض لأي تفكير أو اعمال عقل خارج الاطر التي حددها سلفا وخارج الحدود التي رسمها مسبقا....
حارس التكلس وراعي الرجعية الأول، لا يهتم بالفتن والمشاكل التي يثيرها غلامه الجهول، أو مبروكه العبيط ليل نهار على شاشات التلفزيون أو على صفحات التواصل، ولا يضيره السخرية من أهل الوطن بمناسبة أو بدون، ولا يعنيه اتهام المصريين في شرفهم وانسابهم بالكلية، ولا يلتفت للسبابين والشتامين من أبناءه...
ولكنه حارس يقظ وددبان واع لأي كاتب يخرج عن السرب وأي مفكر يعمل عقله، بل واي عمل فني يدعو للتدبر وإعادة التفكير في موروثات بالية، تجاوزها الزمن وتخطاها، ولكنهم عبثا يحاولون سحب الوطن للخلف، كي يعود ويستكين داخل مستنقعهم الآسن.....
الأزهر أسفر عن وجهه الحقيقي ولم يعد يحتمل كثرة الضغوط عليه ولم يعد قادرا على ادعاء السماحة والاستمرار في لعب دور رجل الدين المستنير المنفتح، فقد أعصابه وخانه تلونه وتخلي عنه تصنعه وأعلنها حربا علنية على الفن والفكر والأدب.....
أرى أننا في مرحلة مفصلية، تشتد فيها المواجهة بين ماض بائس معطل ومستقبل يطل برأسه رغم كل محاولات وأده في مهده، وبينهما حاضر مضطرب قد يبدو بلا ملامح لمن ينظر إليه متعجلا، ولكنه بكل تأكيد حاضر يؤسس لمستقبل بلا وصاية ولا كهنوت ولا تكفير