الاربعاء ٢٦ سبتمبر ٢٠١٢ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
بقلم : سامي فؤاد
كنت هذا الصباح أردد الهند هي أمي نهرها في دمي وإن كان لوني هندي لون التمر هندي ، وطبعاً لازلت أحتفظ بكامل قواي العقلية وثوابتي الوطنية ولا يعدو هذا سوي حيلة من الحيل الدفاعية النفسية لكي أتخيل نفسي مواطن هندي يعيش في مصر يأكل مانجو هندي ويشرب تمر هندي وأقابل كل ما أراه وأسمعه باهتمام أقل وانفعال أقل ،واخترت الهند أم بديلة لعدة أسباب أولها أن في مصر ألقينا كل قصور وكل إشكاليات المجتمع علي الطرف الثالث والهند تلك الدولة التي يحق لها أن تتعلل بوجود مائة طرف ثالث من التعدد في الديانات والثقافات وكثافة سكانية عالية لكنها تصر علي النمو الاقتصادي والديمقراطي ولم يخلو دستورها من مواد تحمي حقوق المرأة والأقليات ، وأول مظهر من مظاهر تطلع مجتمع للرقي هو حماية تلك الحقوق ،
ولكن لماذا أصابني التحول الهندي ؟ الحقيقة لقد اضطررت لذلك قبل أن أضطر للأسف للنظام السابق ومؤيديه لأن بعد أكثر من عام ونصف من الثورة استجرنا من الرمضاء بالنار وأشعر أننا في الطريق لصناعة نظام مباركي نيو لوك فعبارات قرر الرئيس وأمر الرئيس تتصدر الصحف وكأننا نرسخ لدولة الفرد لا المؤسسات ويزيد عليها تصريحات أحباء الرئيس وأصدقائه من الجماعة وعلي رأسهم المهندس خيرت الشاطر، ومشروع المائة يوم الذي يبدأ العد فيه بداية من إلغاء الإعلان الدستوري وليس كما تصورنا من بداية تقلد الرئيس للرئاسة ما علينا وليست عدة أيام تغضبنا من بعض ، ثم مشروع النهضة الذي غالينا فيه وفهمناه خطأ ويبدو أنه كان مشروع المانجو فبحمد الله وفضلة وجهود حكومتنا الجميلة توفرت أنواع المانجو وإن كانت الطماطم لجنونها أرتفع سعرها فلماذا لا نصنع صلصة مانجو ،
ثم نأتي للنهضة الأكبر حيث لم يروق للمسئولين رسومات جرافيتي شارع محمد محمود لما تسببه من تلوث بصري لعيونهم في حين لم يزعج بصرهم تلال القمامة القريبة ولكن للعين فيما تعشق مذاهب والجرافيتي يذكرهم بحادث يتمنوا أن ينسوه ووعود وأهداف نساها أو تنساها النظام الحالي وإلا فأين العدالة الاجتماعية وأين الحد الأدنى والأقصى للأجور وهل من الصعوبة والمحظورات الاقتراب من من تجاوزا الحد الأقصى وكل الحدود وضخ الوفرة لأصحاب الحد الأدنى ومن ليس لهم حد من أساسه ، وعودة للنظام المباركي نذكر أن أول من أسقط مبارك نجليه ولكن لم يجرؤ أحدهم علي السب لأحد المصريين لأن هناك خبر يؤكد سب نجل الرئيس الأصغر لأحد المصريين علي صفحته ووصف معارضي الرئيس أو منتقديه بلفظ \" بغل \" ولو صح هذا الخبر فهذا يؤكد أنه حتى الآن لم يفرق بين والده كأب وكرئيس أرتضي العمل العام وانه كما نال شرف أن يصبح أبن الرئيس عليه أن تناله ضريبة ذلك من أن يسمع من معارضيين أو منتقدين لوالده وان رد يرد كمؤيد للرئيس بدون سب أو تهديد ليت الرئيس ينبه لذلك ويطلب منه أن يجعل انفعاله مرحلة ثالثة ويكفي الانفعال بــ70 % ولا داعي لأن يسب وينفعل ويهدد بنسبة 100% ومعها مستوي رفيع ،،
أعود وأذكركم أن كل هذا كنت أفكر فيه قبل التحول الهندي وقتها كنت أفكر أيضاً وأحلم بان ننتهي من صياغة الدستور هذا الجنين المتعثر والذي أتمني أن يولد كامل النمو ولا يحتاج بعد خروجه للحياة لحضانة أو أجهزة إعاشة أن يولد كوليد يليق بمصر وحضارتها قبل أن يعبث بها العابثين والعابسين ، احلم بوطن أكثر حرية وأكثر عدالة اجتماعية وطن يعيش فيه المصري أمن احلم بقوانين تنظم علاقات العمل بين أصحاب العمل وعمالهم وموظفيهم قوانين وصناديق تأمينيه تحمي ماء وجه المصري من شبح البطالة ، سيادة الرئيس هل يشغلك ويؤرقك مشهد الطوابير حيث يراق الوقت والجهد والكرامة ، وهل ثمار الثورة أن يزيد علي طابور الخبز طابور أنبوبة الغاز وطابور الوقود علي محطات البنزين ، هل استشرت أحد من أهل الخبرة قبل أن تقر زيادة مرتبات أساتذة الجامعات وما تأثير ذلك علي الفئات الأخرى التي تعمل في الجامعة والفئات المجتمعية الأخرى ،
تري ما رأيك لو كنت رجل بسيط لا يعمل في وظيفة حكومية وعرفت أن هناك علاوات وزيادة في المرتبات وعلي الجانب الأخر تسمع من أجهزة الأعلام عن الأزمة الاقتصادية ، أو أنك تعمل في إحدى شركات القطاع الخاص ويتم تسريحك وتلتفت حولك لا تجد الدولة ولا التأمينات الاجتماعية وتكتشف أنه المعاش لا يغطي حالة البطالة المفاجئة قد يغطي حالات الموت أو العجز هل يتمني وقتها الموت أو العجز من أجل أسرته وقبل أن يبدأ رحلة طرق أبواب ، هناك قانون ازدراء الأديان وإن كان أعرج واعور يحاسب سريعا شخص متهم بالازدراء علي صفحته التي قد تكون سرقت أو انتحلت شخصيته أو لو فعل بحاسب ولكن يجب أن يحاسب معه من مزق كتاب مقدس لمواطنين مصريين حتى لو لم يكن مقدسا من وجه نظره أو نظرك، و أيضاً هل فكر أحد في سن قانون يحاكم من يدفع الناس لإذدراء الحياة وكراهيتها أرجو أن تستجيب سريعاً وتفكر كرجل مصري مهموم تخيل نفسك سائق مأزوم من الوقود رب أسرة يعاني من الحصول علي الخبز وأنبوبة الغاز أو لدية مريض يذوق المر به علي أبواب المستشفيات ويتسول عند علاجه في العيادات الخاصة ، تخيل أنك مواطن من الأقليات عليك دائماً أن تدفع ثمن أي خطأ من متعصب حتى لو فعله في بلاد الواق واق أرجو يا سيدي أن تتخيل كل هذا قبل أن تستيقظ في يوم لتجد أن تحكم شعب تخيل انه هندي هروباً من الواقع ،، مع خالص احترامي وتقديري للهند وكل الهنود .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع