الأقباط متحدون - لا لقانون الإزدراء ... فالنقد هو أصل العداء .. !!
أخر تحديث ٠٩:٢٩ | السبت ٢٩ سبتمبر ٢٠١٢ | ١٨ توت ١٧٢٩ ش | العدد ٢٨٩٨ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

لا لقانون الإزدراء ... فالنقد هو أصل العداء .. !!

بقلم / نبيل المقدس 

     كان بالأحري ..  قبل تفكيرهم في إصدار قانون ألإزدراء , إصدار قانون ضد تفشي العداء .. فقد زادت حدة الكراهية بين عدد ليس بالقليل من الشعب المصري فيما بينهم بطريقة مزهلة وسريعة .. حتي وصل الحال أن نجد الكراهية والعداء بين الذين يتوحدون في فكر واحد أو عقيدة واحدة أو مهنة واحدة او أبناء بلدة واحدة ... فكم بالحري الكراهية بين شعب يتباين فيما بينه في كثير من الخصائص مثل الديانة وجغرافية ميلادهم ومستوي المعيشة والثقافة والتعليم ..! كما علينا أن لا نتجاهل أن العنف بجميع أنواعه إن كان بالمعارك أو بالإزدراءات , قد صاحب هذه الكراهية و العداوات , وخصوصا التي لها صلة بالدين .
    لا شك وعلينا أن نعترف به .. أن  الإزدراءات الدينية إزدهرت بعد ظهور علوم مقارنة الأديان .. صحيح هذا العلم له تأثير ثقافي وعلمي لكن هذا التأثير يفشل في مجتمع متدين بالإسم أو بالفعل , بالإضافة إلي وجود أغلبية دينية تتبع طائفة أو دين معين يختلفان في صلب العقيدة مع الأقلية .. وبدون أي إحراج أو غضب من عنصري الأمة علينا أن نقتنع تماما وبكل صراحة أن كل من العقيدتين لا تعترف بالأخري .. فبالرغم مثلا ان الديانة الإسلامية تؤمن بالمسيح والعذراء .. إلا أنهم يؤمنون بهما بطريقتهم الخاصة والتي تعارض تماما الإيمان المسيحي .. بالإضافة أن ديانتهم تؤمن تماما أن الدين الإسلامي جاء لكي ينهي الديانة المسيحية .. في نفس الوقت نجد أن الديانة المسيحية لا تقر ولا تعترف بمجيء نبي آخر بعد صعود السيد المسيح إلي مملكته . أي ان الديانتين لا تعترفا بوجود الآخر كل بطريقته الخاصة . 


     ظهر علم مقارنة الأديان لهدف عظيم , لم يظهر لكي يُسقط دينا وينجح الآخر , بل جاء لكي يبحثوا عن الأمور المشتركة المؤثرة بالإيجاب والتي يقرها كل من الكتابين , ويتخذونها أرضية خصبة لترسيخ قواعد ثابتة والتي تصبح بلا شك هي الأسس الصحيحة التي تقوم عليها فكرة المواطنة .. تاركين كل واحد يؤمن بديانته بحرية , وبينه وبين مَنْ يعبدهُ . لكن واضح أن علم مقارنة الأديان جاء في وقت ليس وقته .. وفي مكان ليس مكانه . فعلم مقارنة الأديان يحتاج إلي مناخ سوي .. يحتاج إلي ان تكون نسبة الثقافة بين الشعب الواحد المتعدد الديانات تصل تقريبا إلي 95 % .. اي ان نسبة الأمية تكاد تقترب نحو الصفر .
    بدأ القائمون علي هذا العلم في التبحر والنمو , حتي أنه أصبح موضة جديدة وهوجة حديثة في العلوم الحديثة , ومنهم مَنْ نال شرف درجة الدكتوراه وأصبح الكثيرون منهم اساتذة في الجامعات وغيرها من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية المتخصصة في قضايا حقوق الإنسان والحريات ... كل هذه الأمور جميلة وهي تُعتبر واجهة عالمية علي مدي قدرة مصر في التقدم والتحضر الفكري .. لكن كل هذا المجهود راح في الهواء .. لأن وكما سبق وذكرنا أن علوم مقارنة الأديان تحتاج إلي مستوي ثقافي عالي جدا بين الشعب .. ونتيجة لهذا الجهل الذي يجثم علي صدر مصر تحول طريق علم مقارنة الأديان إلي طريق آخر مسدود وهو طريق "الإنتقــاد" .


   كان لطريق الإنتقاد دور في بداية عهد إزدراءات الأديان .. فقد إعتقد الكثيرون من المؤمنين إما بالإيمان المسيحي أو الأسلامي أن من واجبه أن يوجه إنتقادات ضد الآخر من خلال ما يؤمن به هو .. وهكذا أصبح الإيمان الديني عبارة عن كرسي للدينونة تصدر عنه أحكام وقوانين ربما تختلف تماما عن الأحكام التي تخص الآخر ... حتي ولو كانت هذه الأحكام مثمرة ومجدية لصالح الوطن. وقد تناسي القائمون علي حفظ الديانات وشرائعها أن البشر في حياتهم العادية لا يهتدون عن طريق الإنتقاد بل عن طريق الحب والتعاملات الصادقة مع بعضهم البعض حتي ولو إختلفوا في الديانات.
    قال لي صديق مسلم أعتز به جدا من أيام عملنا سويا : أنه شعر في يوم ما في شبابه  بالفرح وراحة البال عندما إكتشف أنه ليس ديـّان الأرض كلهــا .. فقد كان منذ صباه يحاول دائما أن يشغل نفسه في شؤون الناس .. ثم تبين له أن هذا ليس من شأنه – بل من شأن الله , ويستطرد ويقول : أنه ليس من الحكمة أو المنفعة أن يدين الأخرين . فعلا كلام صديقى هذا حقيقي , فأنا أيضا أتصور أنه ليس من داع أن يندفع المسلم أو المسيحي لإدانة الناس بالإشارة إلي هفواتهم , وإنتزاع القذي من عيونهم  بقصد تخليصهم منها من خلال الإدانة والنقد ..


    إزدادت مرحلة الإنتقـــادات شدة وعنف .. ولا شك ان مثل هذه الإنتقادات تؤدي إلي توجيه الإهانات والإزدراءات والمسيئات علي الآخر .. ومن هنا يتوالد الكراهية والعداءات  بين الشعب بل بين البشر أجمعين  .. ويصبح مستقبل العالم بين ايادي بعض المتطرفين من كل العقائد.. وربما تنشأ عن ذلك حروب وخراب ودمــار . وسؤالي الآن هل نحن في عصر الإزدراءات .. والسخرية من الأديان . ؟؟؟ هل الحل هو إصدار قوانين تعاقب كل مَنْ يزدري دينا أو يسخر من عقيدة ما ؟؟؟ . علينا أن نأخذ خبرات دول أخري عالجت مثل هذه الأمور بطرق جدية واعية .


      أدركت هذه الدول أن السبب الذي أدي إلي إنتشار هذا النوع من الإزدراءات هو العداءات التي نشأت بين شعبه الواحد والمختلفة في العرق .. "هي لم تصدر قوانين ضد الإزدراء .. بل اصدرت قوانين ضد العـــداء" .. وأول مهام قامت به هو إشراك جميع طوائف الشعب في جميع الأعمال والأنشطة التي تتبع الحكومة أو تتبع المؤسسات الحرة بقوانين جادة ... فمثلا في الولايات المتحدة أجبرت جميع منتجي الأفلام أن يشركوا بعضا من الأفراد السود في أفلامهم , كما أصدرت أن لا يقتصر دورهم علي القيام بأدوار الخدم أو أدوار تدل علي تدني مستواهم ... كما أجبرت وسمحت بإشراك السود في جميع الأعمال والوظائف التي تتبع مباشرة البيت الأبيض وها نجد الآن وزيرة سابقة لوزارة الخارجية لولايات المتحدة سوداء ومن قبلها كان هناك وزيرا للدفاع إسود .. وها نحن نشاهد رئيسها الآن زنجي أفريقي من أصل مسلم .. وهكذا وبالتدريج ومن خلال 40 سنة فقط إختفت الكراهية بين البيض والسود .. ولم نعد نسمع عن إزدراءات البيض نحو السود , حتي وصلت العلاقات الآن إلي التزاوج بين السود والبيض .


    علينا القضاء اولا علي العداء الذي هو سبب الإزدراء .. حتي الآن لم نجد مسيحي واحد يمثلنا في الدورات الأولمبية أو في اللجان الخارجية المتنوعة مثل اللجان الإقتصادية أو الصناعية أو التجارية أوغيرها . 


    يا إلهي .. أنت أظهرت المحبة ليس إلاّ .. فساعدني كي أوزع المحبة علي الآخرين .. فأنا أعلم أن المحبة تولد حياة جديدة في القلوب الميتة .. ورغبة في الإصلاح عند الطالحين .. أعطني لأكون إنسانا يلهم الآخرين علي محبتك , لا سيما لأنك وضعت فيّ الإيمــان والثقــــة . إكسر شوكة العداء لكي ينكسر  أيضا الإزدراء .. بدون قوانين أو سنن .. بل عن طريق محبتك لنـــا .
لكِ السلامة يا مصــــر من شـــر العــــداء ساس الإزدراء . !!!!!!

       
  
                      
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter