الأقباط متحدون - حديث آخر الشهر
أخر تحديث ٠١:٠٨ | الأحد ٣٠ سبتمبر ٢٠١٢ | ١٩ توت ١٧٢٩ ش | العدد ٢٨٩٩ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

حديث آخر الشهر

بقلم: مينا ملاك عازر

أعترف عزيزي القاريء، إني ساعات بنسى حديث آخر الشهر للأحداث المتلاحقة، أو لأني بتفاجيء بإن الشهر خلص، المهم بتفوت عليَّ حكاية مقال حديث آخر الشهر، مع إنها بتبقى فرصة لأخذ أجازة من السياسة كما تعودنا والابتعاد عنها، وبصراحة المرة دي قررت أفتكر حديث آخر الشهر في آخر الشهر؛ لكي ما أبتعد عن وجوب التعليق على خطاب أوباما الذي أكد على اهتمام بلاده بحقوق الأقباط المسيحيين المضطهدين، وهي الفقرة التي لم يفلح مترجم في جهة رسمية إعلامية في مصر أن يترجمها، ولكي أتفادى التعليق على ما قاله أوباما بخصوص منتهكي حقوق المرأة، ولكي أهرب من مسألة زواج "البيبيهات"، ولأهرب من التعليق على الفيديو المسيء للرئيس، وهو الفيديو المسيء، الذي وللأسف لم يثر ضجة، ولم أرَ أحدًا يحرق العلم الأمريكي احتجاجًا على هذا الفيديو، ولم يعتصموا أمام سفارة أستراليا احتجاجًا على ما جرى به.
 
على أي حال اللجوء لحديث آخر الشهر هذه المرة غنيمة، فأنا سأحدثكم عن بهاء الذي يحب السلف الصالح، لكنه لا يُطيل ذقنه، وينفي أن الخلافة الإسلامية قادمة، ولا أعرف إن كان في ذلك يتبع معي مبدأ التقية، وهو المبدأ الذي تبعه كل السلفيون والإخوان في مصر، المشتغلون بالسياسة، فتجد تصريحاتهم تخالف أفعالهم والعكس. المهم إن بهاء يتكأ على حديث شريف يقول فيما معناه أن "خير القرون قرني والذي يَلونه"، والذي يلونه، يعني إللي بعد كده حاتفضل الدنيا من سييء لأسوء، ويقول بهاء سائق التاكسي الذي التقيت به في الأسكندرية وصادقته لأمانته، وبقيت كل مشاويري الصباحية أعملها بواسطته، فكان تاكسيه وسيلة انتقالي في الأسكندرية.
 
أقول لحضرتك إن بهاء يقول أيضًا، إن الإخوان خيبوا توقعاته حينما عدلوا عن قولهم بأنهم سيخرجون بمظاهرات أمام المساجد تناهض الفيلم المسييء، وإنه مع مرور الأيام بيتأكد إنهم كذابون، وإنهم لا يصلحون للحكم، وإن الموضوع كبير عليهم، وانزعج بهاء حين قلت له إن من بين المفرج عليهم بواسطة العفو الرئاسي أخو زوجة الرئيس المقبوض عليه في قضية رشوة، ولما قلت له إنني أصدق هذا؛ لأن أحدًا من الرئاسة ولا حتى النافي الرئاسي الدكتور ياسر علي لم يُكذب تلك المعلومة التي يتناقلها الكل في مقالاتهم وأخبارهم، وانزعج أكثر من عدم أمانة الكتاتني لاستخدامه عربات مجلس الشعب المنحل عن غير وجه حق، وطبعًا عن غير وجه حق هنا، تعود على استخدامه للسيارات، وليس عن حل المجلس- كان بهاء نموذجًا للمواطن المصري العاقل الذي يرى بعقله ولا يحكم بقلبه ومشاعره رغم تدينه، إلا أنه لم يلوث الدين بالسياسة، كان أمينا محترمًا مهذبًا في نقاشه متى اختلفنا، لم يهتم بمسألة أنني قبطي مسيحي، بل كان يعاملني بضمير، احترمت بهاء، وتمنيت أن يكون كل الشعب المصري "بهاء" في تدينه، تديُّن حقيقي وليس مظهريًّا، وفي فصله الدين عن السياسة، بهاء رغم تعليمه المتوسط، إلا أنه كان أكثر ثقافة وعدلًا من أولئك الحاصلين على ألقاب الدكتوراه، وشهادات الطب والهندسة، ويخطفون البلد ويطبخون دستورها.
 
تحياتي لبهاء، ولكل من على شاكلته، تحياتي لكل مواطن مصري أصيل يحب مصر بحق من قلبه، يبعث الأمل ويحيي الحلم بمصر للجميع، وليست مصر الإقصائية، مفصلة قوانينها ودستورها على مقاس جماعة أو جماعات، تنهي وتأمر، ولا تفعل بما تنهي عنه وبما تأمر به، تحمل الناس حمولًا عسرة الحمل ولا تمسها بطرف أصبعها.
المختصر المفيد: تحيا مصر.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter