بقلم: د. نوال السعداوى | الأحد ٣٠ سبتمبر ٢٠١٢ -
٣٩:
٠٨ ص +02:00 EET
أكتب مقالى من ولاية ميشيجين فى الولايات المتحدة. يتصيد الإعلام الأمريكى الأخبار التى تشوه الإسلام، لكن من أين تأتيهم هذه الأخبار؟
أتابع الصحافة الغربية والمصرية من بعيد، هى التى تزود الإعلام الخارجى بهذه المواد المسيئة لبلادنا جميعا وليس المسلمين فقط فى مصر، أيناقشون «ختان الإناث» بعد تجريمه قانونيا وطبيا منذ سنوات؟ يعلن بعضهم فى الإعلام: إن ختان المرأة نقصان فى الإيمان، إنه واجب إسلامى لمنع الفتنة فى البلاد، كيف يا أصحاب الشورى والمستشارين؟ يقولون: لأن المرأة «المختتنة» عفيفة الأخلاق، لا تثار جنسيا، لكن المرأة «غير المختتنة» تثار بسرعة لمجرد لمس الرجل لها فى الطريق؟
منتهى الجهل بحقيقة المرأة، فوق الشاشة فى ميشيجين رأينا شيخا مصريا له لحية طويلة يقول هذا الكلام، انفجرت القاعة بالضحك عليه، فالملايين أو البلايين من نساء العالم، بمن فيهن نساء أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا الشرقية والغربية والسعودية والكويت والعراق وسوريا والأردن والمغرب وتونس وليبيا والجزائر وغيرهن، كلهن غير مختتنات، فهل تحدث الفتن وتنهار الأخلاق بسبب عدم ختانهن؟.
قالت أستاذة أمريكية فى علم الجنس الاجتماعى:
تزيد شهوة المرأة بالختان، لأنها تنشد الخلاص من اللذة أو الشهوة دون جدوى، ثبت أيضا أن أغلب المومسات مختتنات، وظهرت على الشاشة صورة مستشار مصرى آخر يعلن أن الختان للجنسين مفيد لأنه يساوى بين الرجال والنساء؟ ضحك أستاذ جزائرى وقال: المساواة فى القهر عدل.
ثم رأينا صورة د. مرسى، يصافح رئيسات البرازيل والأرجنتين وأستراليا، مصافحة سياسية يقوم بها السياسيون جميعاً رجالا ونساء فى كل العالم، يتعانقون، يتبادلون القبلات فوق الجبهة أو الخدين، لا يحدث أن يثار أحدهم جنسيا لمجرد هذه الملامسات الآلية العابرة.
ظهر شيخ مصرى، من ذوى الفتاوى، وانتقد الرئيس المصرى قائلاً: المصافحة بين الجنسين محرمة فى الإسلام، لأن يد الرجل تلامس يد المرأة، والحديث النبوى يقول «لئن يضرب أحدكم فى رأسه بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له»، وظهر شيخ آخر قائلاً: نعم هذا صحيح لكن «الضرورات تبيح المحظورات» حسب المبدأ الإسلامى. قالت طالبة برازيلية: أيكون الرجل المسلم مغلوباً بشهوة الجنس إلى هذا الحد؟.
هذا الحوار فى مصر يسىء للإسلام أكثر من الفيلم الأجنبى، الذى أشعل المظاهرات فى البلاد الإسلامية منذ أيام قليلة.
قلت لهم: كان أبى مسلما، تخرج فى الأزهر ودار العلوم عام ١٩١٩، وكان على درجة عالية من الأخلاق، يصافح النساء وكل الأجناس، لم يتزوج إلا أمى، وأخلص لها حتى النهاية، أدخلنى الجامعة وجميع أخواتى البنات الخمس، شجعنا على الدراسة إلى جانب الرجال، واكتساب العلم والأدب، لم يفرض علينا الحجاب، لم يتدخل فى حياتنا الخاصة أو العامة، لم يكن وحده، بل أغلب الآباء فى مصر.
الخميس ٤ أكتوبر ٢٠١٢ مسيرة كبيرة، تنظمها الحركة النسائية المصرية مع العديد من المنظمات الشعبية، نساء ورجالا، تتجمع هذه القوى من شعب مصر العظيم، الذى قام بثورة يناير ٢٠١١ وخلع رأس النظام الفاسد، يتجمعون ويسيرون بخطوة واحدة، يعلنون بصوت واحد:
حقوق النساء هى حقوق الشعب كله.
لا حرية ولا عدالة ولا كرامة بدون النساء. لا ثورة بدون النساء.
لا دستور بدون النساء.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع