الأقباط متحدون - الأقباط المتحدون تنفرد: تهجير الأقباط بدأ منذ اندلاع الثورة بضرب كنيسة رفح بقذائف الأر بي جي
أخر تحديث ١٥:٣٣ | الثلاثاء ٢ اكتوبر ٢٠١٢ | ٢١ توت ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٠١ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

"الأقباط المتحدون" تنفرد: تهجير الأقباط بدأ منذ اندلاع الثورة بضرب كنيسة رفح بقذائف "الأر بي جي"

صاحب المحل القبطي يعاود نشاطه برفح
صاحب المحل القبطي يعاود نشاطه برفح
كتب: هشام خورشيد
كثر الحديث عن "تهجير أقباط رفح"، وتأرجحت الرواية الوحيدة بين يوم إلقاء التهديدات وإلصاقها على أبواب الأقباط، وبين يوم تعرض ممدوح نصيف "أبو جورج" لإطلاق النار من بندقية آلية. وبين هذين الحادثين كانت الرؤية الضيقة هي المتحكمة في مسار الخبر، والتحقيق، والتدقيق، رغم أن الجريمة تمت قبل أشور لا أسابيع.
 
في الأيام الأولى من اندلاع ثورة "الخامس والعشرون من يناير"، تم إطلاق قذفتين على كنيسة "رفح"؛ مما أدى إلى تدمير 70% منها بنائها، والعجيب في الامر أن الحادث لم يجد أى صدى إعلامي أو شعبي لوجود مثير أعلى وأقوى لفت انتباه الشعب إلى ميدان التحرير؛ ليغفل عن ناقوس خطر يدق على أبواب مصر الشرقية.
 
يقول الناشط السيناوي، "مسعد أبو فجر"، لقد تغافلنا الحدث عن عمد، وقد نكون مخطئين، أو مصيبين، فالحالة الروحانية العالية التي كانت سائدة في تلك الفترة، أخرستنا عن النطق، فيما تعرضت له كنيسة "رفح"، والتي تبعتها هجرة بعض الأسر القبطية من رفح؛ لخوفنا أن تتهم الثورة بالطائفية والعنصرية، وهي مازالت في المهد، واتفق معنا الأقباط في رؤيتنا.
وبرغم مرور الحادث مرور الكرام، إلا أنه كان بمثابة بالون اختبار للأقباط السيناويين، الذين خيبوا ظن الفاعل، وأكدوا له من خلال تمسكهم بأرضهم وبلادهم، أن تهجيرهم سيكون من العسير؛ لذا انتظر حتى يحين الوقت الذي يراه مناسبًا، وبالطبع لم يجد أنسب من الوقت الذي تعاني فيه سيناء الفراغ الأمني، ويُشار إليها بأصابع الاتهام في إيواء المتطرفين، فيأتي ذلك الفعل؛ ليؤكد خروج سيناء خارج نطاق الخدمة الأمنية، في خدمة جليلة لمَن يقف وراء الأحداث الأخيرة!
 
بابتسامةٍ عريضة، تكلم ممدوح نصيف "أبو حورج،" كما يناديه سكان مدينة رفح، وللعلم فجميعهم أصدقاؤه وهو ما جعله يتحدث معنا بقلبٍ أشد بأسًا من الحديد، مغلف بالحرير المخملىي، قائلًا بلهجةٍ "سيناوية"، اكتسبها من 27 عامًا عاشها على "أرض الفيروز".. وقال مداعبًا "أنا مش وافد.. أنا سيناوي، وأخدت الجنسية خلاص.. لك أن ترى كم الأصدقاء والإخوة الذين أتوني مجالسين، فالجميع يحبني ويقدرني، وهو ما أشكر ربي عليه ليل نهار".
 
ثم تنهد "أبو جورج"؛ ليُزيل جبالًا من الهموم عن قلبه، وأكمل حديثه:
"لم نتخيل أن يأتي اليوم الذي نترك فيه بيوتنا وأرضنا؛ لنرحل خوفًا من القتل، فالبيوت بالنسبة لنا ليست جدرانًا أو أحجارًا بل هي صندوق ذكريات، قضينا معه سنوات عمرنا بحُلوها ومُرها، لم نكن ندري أن الملصقات التي وجدناها على أبوابنا تتوعدنا وتهددنا وتطالبنا أن نترك بيوتنا قد تكون جدية فيما تناولته، حتى جاء اليوم المشؤوم، حيث كنت أجلس أمام محلي، ومعي صديقي الصدوق، وجاري "أبو أحمد"، فوجدت دراجة بخارية يركبها شخصان ملثمان، وبيد الراكب خلف السائق "رشاش" بندقية آلية، وهو المعتاد لدينا،  لكني شعرتُ بشيء مختلف، شعرتُ بأنني المستهدف، وأن الموت يُقبل عليَّ بخُطواتٍ مُسرعة،  فحملتني أقدامي في رد فعل لا شعوري لأركض إلى داخل المحل، فيما انبطح صديقي، كل هذا تم في جزء من الثانية، ارتفعت صوت ضحكة عالية من "أبو جورج"، قائلاً "العمر غالي يا عم".
 
ثم أكمل "أبو جورج":
"صوت طلقات الرصاص كانت تعزف سيمفونية العشاء الأخير، وقد حصدت محتويات المحل، وبرغم أن الهجوم لم يستغرق دقائق معدودة، قياسًا بالزمن البشري، إلا أنها مرت عليَّ وكأنها قرن من الزمن، مرت أمامي حياتي كلها مثل شريط السينما، وتساءلت عن مصير أولادي وعائلتي، وتخيلت مصيرهم من بعدي".
 
ويؤكد "أبو جورج" أن الخوف لم يقترب منه لحظة، لكن مسؤوليته ككبير لأسره، هي ما أرعبته على مستقبل أولاده.
ويجذب "أبو أحمد" طرف الحديث من صديقه المقرب، قائلًا:
" لم يكن الرصاص ليفرق بين جسدي وجسد "أبو جورج"، ولكني، والله العظيم، لم أتردد لحظة أن أفتدي صديقي بعمري؛ لأنه قريب مني لدرجة لا أستطيع أن أصفها لك، وبمجرد أن فرَّ مطلقو الرصاص، حتى وجدت مئات الجيران من القبائل والعائلات والمشايخ السلفيين، يقفون أمامنا ويطمئنون علينا، وأول ما فكرتُ فيه هو الاتصال بأحد القيادات السلفية، ذات الشأن الكبير، وهو الشيخ "مرعي عرار"، الذي بمجرد أن علم بما حدث حتى ارتفع صوته مستنكرًا محاولة الاعتيال، التي تعرضنا لها، وصمم أن يأتي بنفسه؛ ليطمأن على "أبو جورج"، فهو "زبون" لمحله، ويربطه به علاقة محبة وود واحترام، وهذا كان حال الجميع".
 
ويعود "أبو جورج" ليمسك بزمام الحوار:
"لن نترك أراضينا، فاليهود لم يُهجِّرونا، فهل سينجح هؤلاء أيًّا كانوا في تهجيرنا؟  نحن الآن في حرب ضد الإرهاب، والمواطن المصري الحقيقي لا يفر من أرض المعركة، ولكن أين الأمن؟!".. وهكذا تساءل "أبو جورج"، وترك الإجابة لنا جميعًا!!
وأعرب "أبو جورج" عن أسفه لحالة ضعف الأمن، إن لم يكن الأمر غيابًا تامًّا!
 
وقال: "وها أنا عدتُ وفتحتُ محلي، فالتحدي ليس بالكلام، ولكنه بالفعل، وأنا على يقين تام بأن أيادٍ خارجية هى من تحاول إشعال البلد، وإن لم أستبعد أن يكون لهم أدوات من الداخل مغيبة، وتخدم مخططهم دون وعي، وأتهم إسرائيل بكل ما يحدث على أرض..

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter