الأقباط متحدون - تهويشة
أخر تحديث ٠٥:٢٨ | الخميس ٤ اكتوبر ٢٠١٢ | ٢٣ توت ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٠٣ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

تهويشة

 بقلم: مينا ملاك عازر

 
يُقال إن أحد "المحششين" كان عند صديقه، وفي قول آخر؛ إنه كان "صعيدي" عند صديقه، ونزل ونسى طفله، فنادى على صديقه من الشارع، فنظر له الصديق، وقال له "خير؟"، فأجابه أنه نسى ولده، وطلب منه أن "يحدف" له الطفل، وقال له "ماتخافشي، أنا حارس مرمى كبير"، فدخل الصديق وأتى بالطفل، وعمل "تهويشة يمين، وراح رامي الطفل شمال".
 
طبعًا رغم أننا بعامود ساخر، فأنا لا أحب الكتابة الساخرة، بأن "أرص" لحضرتك "نكت"، لكن يمكن لحضرتك أن تتأمل هذه النكتة؛ لتصل لما أريد الوصول إليه، ولنبدأ سويًّا، لا أعرف لماذا أرى تلك النكتة معبرة تمامًا عن الثورة المصرية، فالصديقان أحدهما يُعبر عن الإسلاميين الإقصائيين، والآخر "أبو الطفل" يُعبر عن الليبراليين، وكلاهما كانا في الثورة، ولما ظن الجميع أن الثورة نجحت، نسى الليبراليون مسألة كيف ستسير الأمور في حكم البلاد؟ ونسوا أن فرصتهم في الحكم قائمة، ولم يظنوا في أصدقائهم الظن السييء، وما نسوه هنا يقوم بها في النكتة ذلك الطفل، وطبعًا حضرتك فهمت الباقي؛ لأن في كل مرة كان يحاول الليبراليون تلقف طفلهم، أو المشاركة في متابعته والاطمئنان عليه، أو بقول آخر، إنهم في كل مرة كانوا يحاولون الاطمئنان على مسار البلد، كان الإسلاميون ولا زالوا، "يهوشوهم يمين، ويرموا البلد شمال أو العكس"! وسأعطي لحضرتك بعض الأمثلة.
 
ففي الوقت الذي كان الليبراليون ينادون برحيل العسكري، رمى الإسلاميون البلد "شمال"، واختطفوا نتيجة الانتخابات، كذلك حين ثار الليبراليون على ما حدث في بورسعيد، رموا البلد "يمين"، وقالوا إن العليمي أهان المشير بالمثل الذي قاله "اللي ما يقدرش على الحمار يقدر على البردعة"، وأتبعه يومها العليمي بقوله، "وانتم عارفين مين الحمار"، فقام المجلس العسكري قومته، وأيده الإسلاميون وتاهت قضية بورسعيد، ونسى الناس ما قاله المشير بالمطار للاعبي الأهلي مندهشًا ومتساءلًا، كيف يترك الشعب هؤلاًء الجناة وهو يعرفهم.
 
حتى في مسألة رحيل المشير نفسه عن منصبه، كانت مسألة "تهويش" البلد كلها مركزة في الكارثة التي وقعت في رفح ضد جنود مصريين، والكل متحد على الانتقام من أولئك القتلى، فأطاحوا بالمشير و"تهنا"، ونسينا قضية القصاص لدماء الشهداء في ما يعد "تهويشة" من الجماعة المحظورة الحاكمة لمصلحة جناحها العسكري في غزة، حتى الآن هم "يهوشوننا "يمين"؛ لكي يمرروا الدستور "شمال"، "بيحاولوا ينيمونا يمين؛ ليحرزوا الهدف شمال أو العكس"، ويبقى الصراع بين الليبراليين قائمًا على أين "يحدف" الإسلاميون الطفل؟ وإن استطاع الليبراليون التوقع السليم، وأمسكوا به ولو مرة واحدة وثبتوا في مكانهم، ولم يميلوا وراء كل "تهويشة"، فمن المؤكد أن البلد حينها ستكون أحسن، وما كان لما جرى في انتخابات الرئاسة أن يحدث، ولم يحدث بوثيقة الدكتور السلمي ما حدث، وهي التي كانت الضمانة الوحيدة لنا بمدنية الدولة، فكان يكفي الليبراليون حذف المادتين التاسعة والعاشرة، ولكن التضامن مع "تهويشة" الإسلاميين التي وضعتنا في موضعنا هذا، ونحن تحت رحمة أولئك المتعجرفين بأغلبيتهم المزعومة بالبرلمان المنحل، والمتطرفين بأفكارهم الإقصائية.
 
فهل يا ترى سيستطيع الليبرالليون تلقف طفلهم وهو الثورة أو البلد؟ أم سيبقى الإسلاميون "يهوشون" في ناحية، و"يحدفون" البلد في ناحية أخرى؟ فيبقى الليبراليون غير قادرين على استعادة طفلهم. وهذا سؤال ستجيب عنه الأيام، وسيجيب الليبراليون إن اتحدوا بصدق نية وبحق، فسيتلقفون الطفل، وإن بقوا مهزوزين أمام كل إشارة إسلامية، فسيبقوا فاشلين في الانتخابات القادمة، وفي معركة الدستور، وفي كل شيء.
 
المختصر المفيد اثبت مكانك، وإياك تتهوش.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter