الأقباط متحدون - الطابور الخامس
أخر تحديث ٢١:٠٠ | الخميس ٤ اكتوبر ٢٠١٢ | ٢٣ توت ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٠٣ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الطابور الخامس

 بقلم: إسماعيل حسني

 
إن ما يحدث اليوم من اختطاف للدولة المصرية يفرض علينا أن نسمي الأشياء بأسماءها الحقيقية، وأن نشير بأصابع الإتهام إلى كل متآمر أو متواطئ، حتى نعرف من أين نؤتي، وكيف نستطيع سد الخروقات والفجوات التي ينفذ منها أعداء حرية واستقلال هذا الوطن.
 
إن عجز القوى المدنية عن إسقاط لجنة خطف الدستور الإخوانية لا يعود إلى اختلاف الرؤى حول شرعية هذه اللجنة، أو اختلاف التوقعات بشأن ما سوف تخرج به علينا، فلقد أجمعت الآراء القانونية على بطلان تشكيلها نتيجة لقيامها على نفس الأسس التي اقتضت بطلان اللجنة الأولى، كما تؤكد التسريبات التي وصلت للجميع أن الأغلبية الإسلامية بهذه اللجنة لن تنتج سوى دستور قندهاري يعود بنا قرونا إلى الوراء. 
 
إن هذه اللجنة تستمد قدرتها على البقاء من وجود طابور خامس من شخصيات مدنية آثرت مصالحها الشخصية على مصلحة الوطن، وخالفت الإجماع الوطني، ورضيت أن تستخدم كأدوات الزينة لتجميل وجه اللجنة القبيح، وذلك إما طمعا في ذهب ومناصب الإخوان، أو استجابة لتوجيهات بعض السفارات العربية والأجنبية، أو رغبة في البقاء تحت الأضواء بأي ثمن، أو لمجرد تصفية حسابات تنافسية مع شخصيات مدنية أخرى وإضعاف مكانتها ووزنها السياسي.
 
إن تفاصيل المشهد العبثي الراهن تكشف كل المواقف وتفضح كل من باع واشترى، فمن يستمع إلى حجج وجهاء هذا الطابور من أعضاء هذه اللجنة أو العائدون إليها بعد الإنسحاب، أو الذين فرحوا بضمهم إلى لجنتها الإستشارية يجدها مجرد تلفيقات متناقضة تخالف أبسط مبادئ العقل والمنطق. كأن يقول أحدهم "رغم افتقاد اللجنة إلى التوازن إلا إنني آمل أن يكون المنتج متوازنا" ويقول آخر "رغم أن اللجنة الإستشارية بلا صلاحيات إلا إننا سنحاول تصويب الأخطاء من خلالها". 
 
إن الإخوان وهم بصدد إصدار طبعة دينية من نظام مبارك، يمارسون نفس سياساته وألاعيبه التي لم تعد تنطلي على أحد، فهم يقومون بتصنيع معارضة مستأنسة لنظامهم من شخصيات هشة اعتادت على القيام بهذا الدور في كل العهود، وغاية ما تطمح إليه بحكم تكوينها أن تكون ذنبا لكل من يملك السلطة، وذلك من أجل خلق طبقة مدنية مستفيدة من النظام الجديد وموالية له من ناحية، وتفتيت أصوات الكتلة المدنية من ناحية ثانية، ثم لكي تستكمل الصورة مظاهر الحداثة حسب المواصفات الدولية من ناحية ثالثة.
 
وفي هذا الصدد قبل الإخوان أوراق اعتماد حزب الوفد منذ الإنتخابات التشريعية السابقة، ونرى اليوم  أصابعهم وراء إنشاء المزيد من الكيانات الوهمية التي تندمج فيها أحزاب كرتونية بقيادة شخصيات لم يعرف لها اتجاها فكريا أو تاريخا نضاليا أو موقف ثابت تجاه أية قضية.
 
إن وجود هؤلاء في اللجنة التأسيسية يساعد الإخوان في خطف الدستور، ويسهل لهم خداع الرأي العام الداخلي والخارجي والإدعاء بتمثيل هذه اللجنة لكل فئات الشعب وطوائفه، ويوفر لهم أدلة فاسدة يشاغب بها محاموهم في ساحات القضاء، كما أنه وهو الأهم يضعف الإستجابة الشعبية لدعوات إسقاط هذه اللجنة ومقاطعة أعمالها.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter