- لم أزر "أستراليا" من قبل، ولا حتى أية دولةٍ آسيوية.
- أحب دائمًا أن أتعرف مقدمًا على احتياجات الجالية، وظروفهم، ومشاكلهم.
- نقوم أيضًا بزياراتٍ مماثلة إلى الأزهر؛ للاستماع إلى نصائحهم، والتعرف، من خلالهم، على أحوال ومشكلات جاليتنا خارج مصر.
حاوره: صبحي فؤاد
بترحابٍ شديد، وابتسامةٍ ودودة غير مصطعنة، استقبلني في مكتبه بوسط قلب مدينة "ملبورن"، لتكون المرة الأولى التي ألتقي فيها بالسفير "خالد يسري رزق"، 50 عامًا، القنصل العام المصري بـ"ملبورن"، منذ وصوله إلى أستراليا الشهر الماضي، والمفارقة أن تلقائيته الشديدة، وكذا بساطته التي بدت سريعًا من الوهلة الأولى للقاء، جعلتني أشعر من اللحظة الأولى، كما لو أنني أعرفه منذ زمن بعيد، فهو حقًا دمث الخلق، على قدر عالٍ من الاتضاع.
حملتُ إليه كثيرًا من الأسئلة والهموم العالقة بأذهاننا، والتي يتعلق بعضها بالأحداث الجارية في مصر، و"ثورة الغضب" التي أعقبت ظهور الفيديو المسيء لنبى الإسلام، وقرار النائب العام المصري بالقبض على عدد من أقباط المهجر، ومنهم سيدة مصرية تركت الإسلام واعتنقت المسيحية، وتعيش حاليًّا في أستراليا، والمؤتمر الذي شارك فيه بالحضور مع رجال الكنيسة القبطية في "ملبورن" وعدد من رجال الدين الإسلامي..
وفي الجزء الأول من هذا الحوار الشيق الغني، كان بعضٌ من أسئلتي فيما يتعلق بالجالية المصرية في "ملبورن"، والخدمات التي تقدمها القنصلية للمهاجرين المصريين، وعن التحديات التي قد تواجهه كرجل من رجال السلك الدبلوماسي في ظل حكم التيار الإسلامي في مصر. فإلى الحوار..
بداية.. وهو سؤال تقليدي أحب أن أعرِّف به قراءنا الأعزاء أكثر عنكم.. ماذا عن الدول التي عملتَ بها قبل تكليفك بالخدمة في "ملبورن"؟
- التحقتُ بالسلك الدبلوماسي للعمل في وزارة الحارجية في عام 1987، ومنذ هذا الوقت تقريبًا، وحتى قبل وصولي إلى "ملبورن"، خدمتُ في "لندن"، و"نامبيا"، و"الجزائر"، ومدينة "هيوستون" بالولايات المتحدة الأمريكية.. وكنتُ أمضي ما بين عامٍ إلى عامين في مصر، عقب انتهاء خدمتى في كلٍّ من هذه المدن.
وما الأسس التي بناءً عليها يتم تكليف "قنصل" أو" سفير" أو أيٍّ من العاملين بالسلك الدبلوماسي بالعمل في دولة بعينها؟
- تتم التنقلات والاختيارات بناءً على الخبرات والقدرات التي اكتسبها الدبلوماسي أثناء خدمته في دولٍ معينة، لكن يبقى المعيار الرئيسي والأساسي في الاختيار، هو الكفاءات، فإن كانت لدى الشخص الكفاءات المطلوبة للخدمة في مكانٍ ما ينقل إليه.. وأحيانا، وإن كانت هناك ظروف قوية تستدعي وجوده قريبًا من مصر، فإن الوزرة تعمل على تكليف الدبلوماسي في بلدٍ قريب؛ حتى يُمكنه السفر بسهولةٍ ويسر منها لزيارة وطنه.
هل يُسأل العاملون في السلك الدبلوماسي عن الأماكن التي يرغبون في الخدمة بها؟ وهل فوجئتَ باختياركَ للخدمة في "ملبورن"؟ أم كنتَ على علم مسبق؟
- نعم.. نُسأل بمعرفة الوزارة عن الأماكن التي نرغب في الخدمة بها، لكن ليس بالضرورة تلبية كل الطلبات والرغبات.. أما عن انتقالي لـ"ملبورن"، فلم أكن على علم به، لكن، ولأني عملتُ سابقا في قنصليات بـ"إيطاليا، وإنجلترا، وأمريكا"، فقد كان من المتوقع أن يكون انتقالي للخدمة في قنصليةٍ عامة.
هل زرتَ سابقا "ملبورن" قبل قدومكَ للعمل بها؟ وماهو أول انطباع لكَ عنها؟
- لا.. لم أزر أستراليا من قبل، ولا حتى أية دولةٍ آسيوية، فقط كنتُ أعرف أنها مدينة كبيرة، متعددة الجنسيات، يعيش الناس فيها معًا في سلام؛ لذلك كان انطباعي مطابقا تمامًا لتوقعاتي.
جرى العرفُ أن يلتقي السفراء والقناصل الجدد قبل حضورهم إلى "ملبورن" بقيادات الكنيسة القبطية في مصر.. فهل يتم هذا الأمر بناءً على توجيهات أو تعليمات من وزارة الخارجية؟ أم أنها مجرد مبادرات فردية تهدف في الأساس إلى التعرف على أحوال ومشكلات الجالية؟
- لا توجد تعليمات لنا بهذا الأمر، وإنما كما ذكرتَ في سؤالك، هي مبادرات من الأشخاص أنفسهم؛ للتعرف على مشاكل الجاليات المصرية بالدول التي سوف يعملون بها للمساعدة على حلها.. وأنا شخصيًّا أحب دائمًا أن أتعرف مقدمًا على احتياجات الجالية، وظروفهم، ومشاكلهم، قبل أن أذهب للعمل في أية دولة. ومعرفتنا بظروف الجالية ومشاكلهم، يُساعدنا كثيرًا على توفير الخدمات والحلول.
- ولقد التقيتُ بالأنبا "باخميوس"، قبل حضوري إلى هنا، وكان لقاءً مثمرًا وجيدًا. وشاء الحظ أيضًا أن ألتقي بالأنبا "سوريال"، أسقف "ملبورن"، الذي تصادف وجوده بمصر وقتها، فكانت فرصة جيدة أن ألتقي به؛ كي أعرف جيدًا كيف تسير الأمور، وأتعرف من خلاله على احتياجات أبناء الجالية.. ونحن نقوم أيضًا بزياراتٍ مماثلة إلى الأزهر؛ للاستماع إلى نصائحهم، والتعرف، من خلالهم، على أحوال ومشكلات جاليتنا خارج مصر.
خلال الأيام الماضية شاركتَ مع رجال الدين المسيحي والإسلامى بـ"ملبورن" في اجتماع أعقبه مؤتمر صحفي على إثر قيام بعض مسلمي المهجر بتظاهراتٍ عنيفة في مدينة سيدني احتجاجًا على لقطات الفديو المسيء لنبى الإسلام (ص)، فماذا كان الهدف من وراء هذا اللقاء؟
- لقد شاركتُ في هذا اللقاء بدعوة من الأنبا "سوريال"، أسقف "ملبورن"، وكنا نهدف إلى حث المسلمين في أستراليا على عدم اللجوء إلى العنف، أو مخالفة القانون؛ للإعراب عن استنكارهم للفيديو المسيء للنبي الكريم والإسلام.
- وقد وعد أثناء الاجتماع رجال الدين الإسلامي بدعوة المصليين والمترددين على جوامعهم إلى الابتعاد عن العنف، والإعراب عن رفضهم للفيديو بطريقة سلمية. وقمنا خلال المؤتمر الصحفي، الذي حضره كافة وسائل الإعلام الأسترالية، باستكار أي عمل يُحقر أو يُهين الاديان، وفي الوقت نفسه، قمنا باستنكار العنف والخروج عن القانون، والاعتداءات التي قام بها بعض المتظاهرين على رجال البوليس والمرافق العامة والخاصة والمنشآت.
sobhy@iprimus.com.au