حمدي رزق
روح شريرة تلبست نفرًا من خبراء الاقتصاد، فباتوا كالغربان ينقرون رؤوسنا بمناقيرهم السوداء، يبخون سُمًّا فى آنية الطيبين، بأرقام مليارية تعجز عن استيعابها العقول، ما يترك العامة فى الشوارع مُبَلْبَلين حائرين يتساءلون.
كلٌّ يدلو بدلوه، دون أدنى مسؤولية وطنية فيما يقول، وبعضهم يلون كلامه بالسواد يُسوِّد الشاشات فى وجوه الناس، وينزل من سيارته الفارهة من الساحل ليقذف فى وجوه الناس بحمم نارية، وينظر فى نظريات الإقراض والاقتراض والديون وخدمة الدين، وشبح الإفلاس، وليس لديه أدنى حصافة مجتمعية. بحسب وصف الدكتور «محمد المنسى قنديل»: اليأس مرض مُعْدٍ، يستوجب ارتداء كمامة الأمل خشية العدوى.
إزاء فيروس مميت وسريع الانتشار، وأعراضه خطيرة، ومنه فيروسات مصنعة فى أقبية استخباراتية، عادة ما تُشَنّ هجمات فيروسية تيئيسية تستهدف نفسية الطيبين بغرض إفقادهم الثقة فى حكومتهم ليسهل اختراقهم.
أقول قولى هذا مع محاولات بائسة لإصابة المصريين بالإحباط الذى أصاب ضعاف النفوس. يرى البعض منهم فى الطرقات صدره ضيِّقًا حرجًا كأنما يصَّعَّد فى السماء، ويزفر لافحًا، ويُرْغِى ويُزْبد، ناقمًا قانطًا، علمًا بأن الدولة المصرية قادرة، والثوابت المصرية واضحة.
ما أخشاه أنهم يعمدون إلى نشر «فيروس اليأس» بين الناس، ويستوجب الأمر علاج الآثار النفسية المخططة بتوفير حد أدنى من المعلومات الاقتصادية اليقينية، التى تقِى الجموع تفشى حالة الإحباط واليأس، التى تنتشر بفعل الشائعات بين الناس فى الطرقات.
التنبيط على السياسات الاقتصادية بغرض التحبيط، وتثبيط الهمم، وإشاعة اليأس بين الناس، وصرف الناس عن تدبير المعايش والكد والعمل والإنتاج، بإشاعة روح التشاؤم، ومفيش فايدة، وكأن الواقعة وقعت، وإن خرب بيت أبوك الحق خد لك قالب!!.
ويستند الحاذق المفوه الخبير الحبر العلّامة والجهبذ الفهّامة على مؤشرات وتقارير يصفها بـ«الدولية»، ويتجاهل تقارير ومؤشرات دولية أيضًا تقول بعكس ما يهرف تمامًا، ولا يعدل بين المؤشرات باعتباره خبيرًا محلِّلًا، ولكن كما يقولون «الغرض مرض»، وفى هذا يقول الإمام الشافعى: «وعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ.. ولَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدى المَساوِيا».
لن ننتظر منهم عين الرضا، ولكن ننتظر من الحكومة مصارحة شفافة بطبيعة الأزمة التى يمر بها الاقتصاد الوطنى، مداها وأسبابها، وقدرة الاقتصاد الوطنى على استيعابها، وخطط الحكومة للتكيف معها.
نرجو شرحًا وافيًا مبسطًا من الحكومة يصل بوضوح إلى الشارع، الذى بات نهبًا لتحليلات «القنوات المعادية» وحتى داخل الحدود. كل يومين خبير يطلع يقول: أزفت الآزفة؟!.
قبل تلويم هؤلاء، وتقبيح وجوههم، مستوجب وضوح رؤية من الحكومة. الرئيس السيسى بُحَّ صوته ناصحًا كبار المسؤولين بالحديث إلى الناس: قولوا لهم، اشرحوا. الرئيس بنفسه يشرح فى كل فرصة تسنح ماذا يحدث فى مصر من نقلة تاريخية فى البنية الأساسية لحياة المصريين، وكلفة هذا العمل الضخم، والمردود الوطنى على معايش المصريين.
الصمت على هذا الذى يَشْغِى فى الفضاء الإلكترونى مستدامًا يُقلْقِل الشارع، والزَّنّ على الودان أمَرّ من السحر الأسود، ولا يُفسد الأعمال السفلية سوى إظهارها، وبيان سوادها ببياض وبيان ناصع، بما نحن عليه من ثبات واستقرار فى ظل أزمة اقتصادية خانقة تخنق حتى أكبر الاقتصادات العالمية.. قول مفهوم خير من صمت يتبعه أذى.
نقلا عن المصرى اليوم