بُشرة خير، والخير على قدوم الواردين، على قدوم الفلاحين.. مجلس الوزراء وافق على اعتماد السعر الاسترشادى للقمح، الإردب بـ (١٠٠٠ جنيه) للموسم المقبل (توريدات عام ٢٠٢٣) دعمًا لمزارعى القمح، وتشجيعًا لهم على زراعة القمح وتوريده.
 
حسنًا قررت الحكومة، الفلاح يستحق، والفلاح أولى من الاستيراد، والقمح المحلى لا يُعلى عليه، مواصفة جيدة، والأمل معقود على نفرة الفلاحين إلى زراعة القمح بكثافة هذا العام، السعر عادل بل مغرٍ، والحاجة ملحة لكل إردب زيادة، ونحلم برغيف من قمح بلدى، وهل من مزيد..؟.
 
حان وقت رعاية مزارعى القمح، زمان غنى «عبدالوهاب» من كلمات «حسين السيد» للقمح: «القمح الليلة»، ومنها: «يا حليوة أرضك رعيتيها والنظرة منك تحييها / من شهدك كنت بترويها والخير أهى هلت مواعيده / يارب تبارك وتزيده».
 
فى القاموس الفلاحى الشفاهى «الفِلاحة مناحة»، أى تعب وشقاء، ورغم المعاناة وقسوة الظروف، وبالسوابق الرهان على الفلاح المصرى لا يخيب أبدا.. الفلاح المصرى مفطور على العطاء، وكريم معطاء، وأجود من الريح المرسلة، ووقت الشدة شديد، وعبّر عنه الفلاح العتيد «محمد أبوسويلم» قام بدوره طيب الذكر العظيم «محمود المليجي» فى ملحمة «الأرض لو عطشانة» بمأثورته الخالدة: «كنا رجالة ووقفنا وقفة رجالة».
 
هذه هى الوقفة المطلوبة، وقفة رجالة فى ضهر الدولة المصرية فى ظل أزمة القمح العالمية، قُربى لشعب الطيبين، محبة فى أغلى اسم فى الوجود، من أجل رغيف عيش من قمح الأرض الطيبة فى فم طفل من ولاد البلد الطيبة، سبحانه وتعالى «الَّذِى أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ» (قريش / ٤).
 
فرض عين على كل فلاح أصيل.. وليس فرض كفاية زراعة القمح هذا العام، وتوريد كامل قمحه إلى الحكومة لنكفيها مؤنة الاستيراد بالدولار فى ظل أزمة الأقماح العالمية، وليس هذا وقت معاندة أو متاجرة أو مزايدة، سعر التوريد الاسترشادى مبشّر، والحاجة ماسة للتوريد الاختيارى دون اللجوء للتوريد الإجبارى.
 
البلد فى شدة، ولا نملك رفاهية عدم زراعة القمح، ما يضطر الحكومة لاستيراد أضعاف الإنتاج بكلفة ضخمة من لحم الحى، وبالدولار واليورو والروبل الروسى والهريفنا الأوكرانية وأخيرا بالروبية (العملة الهندية).
 
الحكومة تترجى الله فى طن قمح زيادة بعد شُح القمح الأوكرانى والقمح الروسى من جراء الحرب، والقمح المحلى ما شاء الله عليه، يطرح فيه البركة، والأحوال الجوية والحمد لله مساعدة على تمام وسرعة النضج، وامْتَلأت السنابل بحبوب الخير، ببركة رب السموات، «فِى كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» (البقرة / ٢٦١).
 
هذا ليس وقت اختيار، لا نملك رفاهية الأيام الخوالى، وأعلم علم اليقين أن الفلاح المصرى صاحب مروءة وشهامة وبذل ونخوة، ولم يتأخر يومًا عن العطاء وبلا حدود، وعرقه مغرق الغيطان، ورجليه مغروسة فى الطين، وشايل الطين، وطين الترع على كعابه، ولا عمره اشتكى ولا قال آه.
 
وياكلها بِدُقة، وحامد ربه وشاكر فضله وكرمه، ومنيته فى الدنيا سُترة البنات، ولُقمة هنية، وصلاة الفجر حاضر، وحاضر فى غيطه، ودوامه من الشروق للغروب، ثقة فى فالق الحَب والنوى، أن يكرمنا بحصاد يكفينا مؤنة الاستيراد، وناكلها بِدُقة ولا سؤال اللئيم.
نقلا عن المصري اليوم