حمدي رزق
لفتتنى الروح الوطنية الحادبة على وحدة الوطن من إخوة مسيحيين مقدرين. نفروا إلى رفض فكرة تأسيس نادى «عيون مصر» على أساس طائفى. الوجدان المسيحى يعبر عن الوعى الوطنى تجليا محمودا.
وحسنًا قطعت وزارة الشباب برفض الفكرة التى وراءها إِحَن ومحن، تجسدت ممارسات طائفية بغيضة استهدفت مواهب شابة على الهوية الدينية، وشهدنا منها فصولا مأساوية يندى لها الجبين الوطنى خجلًا.
ورغم الإلحاحات على الفكرة، والتعمية على لونها الطائفى بتسمية بعض الكوادر التدريبية والإدارية تحمل أسماء إسلامية، تظل الفكرة مرفوضة، ويستوجب وطنيا الإقلاع عنها، فكرة يتبعها أذى طائفى.
المشرحة الرياضية «مش ناقصة فتنة مسيحية/ إسلامية، كفى فتنة الأهلى/ الزمالك».. هذه فكرة طائفية بامتياز، مهما تجملت الوجوه، وليس لنا قِبَل بتبعاتها فى الملاعب الرياضية، لا تجعلوا الديانات عرضة لهتافات المدرجات!!.
كلٌّ يتحمل نصيبه من الغرم، من فكر فيها «الأنبا رافائيل» أسقف عام كنائس وسط القاهرة، ومن وافقه على الفكرة مبدئيا (قبل التراجع عنها تحت وطأة الرفض المجتمعى العارم)، والمعنى هنا وزير الشباب والرياضة الدكتور «أشرف صبحى».. سيادة الوزير لقد جِئْتَ شيئا إِمْرًا (عظيما)، وفعلت فعلا مُنكرا.
تأسيس نادٍ مسيحى أرثوذكس يفتح أبواب الفتنة الطائفية من أرضية رياضية، إذا تسامحنا مع مثل هذه فكرة، فكأننا نستحضر العفريت الذى نخشى منه على وحدة الوطن.
على من يستملح الفكرة ويتحمس، فليستعد ليستقبل نوادى بعدد الطوائف المسيحية، ومثلها نواد بعدد الطرق الصوفية.. ولن يتأخر السلفيون طويلا، مدرسة السكندرية السلفية (برهامى وشركاه) ستطلب موافقة وزارية على إنشاء النادى السلفى السكندرى، لينافس الاتحاد السكندرى على زعامة الثغر الباسم فى وجه الحياة!.
من عبث الأقدار ما يجرى فى تراك الرياضة المصرية، الحالة الرياضية ممسوسة إخوانيا، بلغ حد تخريب أندية ذات تاريخ تليد فى الوطنية، ونواجه هذه الاختراقات بصعوبة بالغة، كونها ترتدى الملابس الرياضية «تقية»!.
الترخيص بناد مسيحى من قبيل الحرام الوطنى، فاجتنبوه.. للأسف، كلٌّ يبكى على ليلاه، والوطن لا يصادف معزيًا.. إنهم ينفخون فى رماد. بناية الوطن لا تتحمل «هبدًا» طائفيًا. ما نبنيه فى سنوات من كفاح متصل لكبح الطائفية مثل قبض ريح.. « فَإِذَا الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ، وَلاَ مَنْفَعَةَ تَحْتَ الشَّمْسِ.» (سفر الجامعة ١١:٢).
المراوغة بزعم الموافقة على تأسيس هذا النادى تحت إشراف «الأنبا رافائيل» ضربٌ من الجنون.. هل البابا تواضروس الثانى بابا المصريين بلغة خبر هذا النادى، وهل تتحمل الكنيسة لاحقا هتافات طائفية بغيضة فى المدرجات؟!.
شكاية المسيحيين، (ونحن قبلهم ومعهم قلبا وعقلا)، من ندرة اللاعبين المسيحيين فى الملاعب حقيقة.. ولكن لا تعالج هكذا، ليس هكذا تورد الإبل!.
إذا كان الأسقف المبجل عازما، والوزير المحترم مترددا، وإذا كان الأسقف مقروح الكبد على أولاده، فالوزير المفروض محصن ضد الأمراض الطائفية المتوطنة. أخشى الطريق إلى الفتنة الطائفية مفروش بالموافقات الوزارية (حُسن النية).
تكثير الوجود المسيحى فى الملاعب بإتاحة الفرص أمام الموهوبين كاملة دون فرز طائفى، ومنع المتطرفين دينيا من التحكم فى بوابات العبور إلى الملاعب، وتجفيف منابع التطرف فى الرياضة، وهذا من واجبات الوزير بحكم مسؤولياته الوطنية، ليس أبدا بفتح «بربخ» طائفى سيغرقنا جميعا فى الوحل. نيافة الأسقف.. حبًا لله، أعرض عن هذا النادى!.
نقلا عن المصرى اليوم