من كتاب علاقات خطرة
د. محمد طه
آه.. جسمك فيه متحف حفريات.. مليان تحف غالية وتماثيل قديمة ولوحات من عصور سابقة..
إزاي؟
كل مرة كنت راجع من اللعب في الشارع ورجلك مش نضيفه ومامتك وقفتك على الباب وقالت لك: «إوعى تدوس على السجادة ».. رجلك خزنت الطاقة اللي كانت فيها واحتفظت بيها لغاية النهارده..
كل مرة كنت هتمد فيها إيدك على الأكل وإنت في زيارة مع عيلتك لحد، وأبوك بص لك البصة اللي نشفت إيدك مكانها.. عضلات إيدك قررت تفضل فاكرة الذكرى دي لغاية دلوقت..
كل مرة جيتي تلبسي الفستان وتوريه لمامتك (وإنتي عندك خمس سنين) وقالت لك عيب يا بنت ده ضهره عريان.. ضهرك لسه فاكرها..
كل مرة حد حاول يقرب من جسمك بشكل غريب وغير مريح.. جسمك حافظها بكل تفاصيلها..
كل طاقة كانت فى جسمك واتكبتت.. أو اتوقفت.. أو اترفضت.. مازالت عايشة.. ومتخزنة.. ومحفوظة فيه.. فى نفس مكانها..
وتمر الأيام.. وتعدي السنين.. ونكبر.. وكل حتة في جسمنا فيها ذكرى.. وكل خلية فيها حكاية.. وكل منطقة ليها تاريخ..
وكل واحد وحظه.. وكل واحد وطريقة تعبير جسمه عن ذكرياته وآلامه القديمة..
اللي يجيله قولون عصبي.. واللي يحصل له صداع مزمن.. واللي طريقة مشيته كأنه متخشب.. واللي إيده تترعش قدام الناس..
اللي تكره جسمها فتهينه وتبهدله وتعرضه للبيع.. واللي ترفضه فتسيبه يزيد ويتنفخ.. اللي تحتقره فتبطل تاكل أو تتقيأ الأكل
اللي بتاكله.. واللي مش طايقاه ومش طايقة فيه نفسها فتقطعه بالمشرط أو تخربشه بضوافرها لغاية ما يسيل دم..
واللي تقرر تنتقم من كل اللي أذوها طول حياتها، بأنها تنتقم منهم في جسمها، وتنقل معركتها معاهم لأرضه..
اللي مش شايفة جمالها، واللي مش مصدقاه، واللي مستكتراه على نفسها.. اللي بتتكسف من جسمها، واللي مش حاسة بيه، واللي بتستغربه..
اللي شعرها يسقط بدون أي سبب طبي واضح.. أو دورتها الشهرية تتلخبط بدون أي تفسير.. أو بشرتها تقوم بثورة عليها.. أو تتجنن لو وزنها زاد كام جرام..
اللي يجيله حساسية جلدية من غير تفسير.. واللي يحصل له آلام مزمنة في كل حتة في جسمه رغم كل الفحوصات والتحاليل السليمة.. واللي وشه يتملي تجاعيد قبل الأوان..
وفي الآخر.. اللي جسمه يقرر يخونه ويقع ويهدم نفسه بنفسه بجلطة في المخ أو بمرض من أمراض "المناعة الذاتية"..
جسمك مش بينسى..
جسمك بيفتكر كل حاجة..
جسمك له كيان.. وله وجود.. وله ذاكرة..
جسمك له هيبة..
جسمك..
له..
هيبة..
..........................................................
#علاقات_خطرة