زهير دعيم
تعجُّ منصّات ووسائل ووسائط التواصل الاجتماعيّ بشهادات تصدرها دور ورابطات أدبيّة تملأ ارجاء الوطن العربيّ ...
شهادات تقول : قصيدة الأسبوع ، قصيدة الشهر ، القصيدة المُتميّزة ، وقصّة الشّهر ، والنجوى الرائعة ، والكاتب البارع ، والشّاعرة الأنيقة ... والف لقب ولقب تصدرها جمعيّات وروابط أدبيّة تملأ أرجاء الوطن العربيّ ، يقف على رأسها فلان رئيس مجلس الإدارة وفلانة مدير عام الرّابطة.
وانت يا قارئي كما أنا لم نسمع بهما ولا يمتّون في أغلب الأحيان للأدب وأهله بصلة.
نعم ... يُلوّنون الشهادات الإلكترونية بصورة كبيرة لرئيس مجلس الإدارة وأخرى صغيرة للشاعر الفذّ الفائز بالشرف الكبير ! سواء كان هذا الانسان فعلًا شاعرًا أو كاتبًا أو انه ما زال يحبو على درجات الأدب لاهثًا ، فأنت يا صديقي لو أنعمت النَّظر في كثير من هذا النتاج الأدبيّ الفائز، لوجدتَ أنّه عاديّ وأكثر ولا يخلو من خطأ نحويّ هنا واملائيّ هناك وهنالك، ناهيك عن مواضيع لاكتها الالسن وأكل الدّهر عليها وغفا.
شهادات لا تُقدّم ولا تؤخّر – كما كانت تقول المرحومة جدّتي – بل بالعكس فإنها تُدخل الى نفوس الفائزين بها عنصر التعالي و " شوفوني يا ناس " فيروح الفائز بها يشكر السّيّد محمود رئيس مجلس الإدارة والسيّدة فلانة المدير العامّ للرابطة القابعة في الامارات المتحدة أو قطر او دبي على اختيار نصّه الأوّل لهذا الأسبوع او لهذا الشّهر أو الثاني أو الرابع .
لقد صدق السيّد المسيح حين قال : " لا نبيَّ بِلا كرامة إلّا في وطنه وبيته" .. نعم صحيح وأكثر في بلادنا ، ولكن أن نستجديّ الاعتراف بالنبوّة والتميُّز والإجادة من أناسٍ لا يربطهم بالأدب رابط ولا ربع رابط ، وكلّ هدفهم أن يلوّنوا الشهادات بأسمائهم المجهولة وصورهم فأمر مستهجن.
ماذا دهى القوم ؟!ّ
وماذا أصاب كُتّابنا وشعراؤنا حتى راحوا يهرولون نحو هذه الرابطات والمنصات الادبيّة الوهميّة ، ويستعطفونها لكي ما يفوزوا بشهادة تميُّز ، وأصحابها ( أصحاب الرابطات) أوْلى بمن يوصي بهم وعليهم ويرشدهم ويأخذ بيدهم في مشوار الأدب الطويل والشّاقّ .
الربّ يعلم أنّني لا أريد أن انتقص من قيمة أولئك الشّعراء والادباء الذين دأبوا على مثل هذه الشهادات ، فمنهم من يستحقّون فعلًا التقدير والإعجاب والمديح والإطراء .
حان الوقت ان نوقف هذه المسرحيّة الهزليّة ، ونوقف سيل هذه الشهادات التي لا تُقدّم بل تؤخّر والتي لا تُغطيّ ثمن الحبر المكتوب بها .