جمال أسعد
لاشك أن كرة القدم قد أصبحت الآن من أهم الألعاب الرياضية فى العالم. وذلك بعد أن تحولت الأندية الرياضية إلى مشروعات اقتصادية فى المقام الأول، حتى أصبحت الرياضة هدفًا وليست وسيلة لتهذيب الجسد ولترويض النفس .
ولذا أصبحت كرة القدم تحديدًا هدفًا وأملًا وطموحًا لكل الشباب. هنا ما هى حكاية الأقباط بهذه القضية؟ لظروف كثيرة تاريخية وثقافية واجتماعية، وبالطبع سياسية، جعلت الأقباط يقبعون داخل الكنائس ويهاجرون إليها ولا يتعاملون مع المجتمع الخارجى فى إطار وحدة الوطن.
مما جعل الكنيسة بديلًا ومتنفسًا للأقباط، ليس فى المجال الدينى فقط، ولكن لقد أصبح الوضع الآن أن الكنيسة يمارس فيها كل الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية والاجتماعية، حتى الأنشطة والمشروعات الاقتصادية التى لا تتوافق مع جلال وقدسية المكان. هنا من الطبيعى عندما يمارس الشخص فى الكنيسة الجانب الروحى وكل الجوانب الحياتية الأخرى أن يتكون هناك إحساس وقناعة جماعية بأن هذا المكان (الكنيسة) قد أصبح بديلًا للدولة التى يشعر فيها القبطى أنه لا يأخذ حقه تأثرًا بواقع تاريخى قابع فى الضمير الجمعى، حتى تحول إلى نوع من المظلومية .
الإشكالية التاريخية والسياسية هنا أن الأنظمة السياسية والكنيسة أيضًا كانا قد استملحا واستسهلا ذلك الوضع الذى يكرس فى عمقه وفى مظهره الشكل والسلوك ثم الفرز الطائفى . فالنظام السياسى يتصور خطأ أن هذا يريحه من مشاكل الأقباط التى ترمى على كاهل الكنيسة فى الوقت الذى تقوم فيه الكنيسة بالمطلوب أثناء الانتخابات مع الحزب الحاكم. ومن جانب الكنيسة فهذا الوضع يعطى المؤسسة الدينية إحساسا بالقيادة ليست الروحية كما كان ذلك عبر التاريخ ولكن الأهم هنا هى القيادة السياسية والتى ظهرت جليًا أيام الأنبا شنودة الثالث والتى دفع ثمنها مصر والمصريون حتى أننا قد أصدرنا كتاب (من يمثل الأقباط الدولة أم البابا).
الآن ولا شك فالوضع بعد ثورة ٣٠ يونيو قد تغير كثيرًا إلى الأحسن فى إطار السير حسيسًا على طريق تحقيق المواطنة.(الأمثلة كثيرة).
وهذا كان ولابد أن يعنى فتح المجال العام الوطنى لكل المصريين بعيدًا عن المجال العام الخاص الدينى . ولكن ما نراه الآن أن الكنيسة أخذت فى التوسع جدًا فى تكريس حالة الانغلاق الكنسي عن طريق التوسع فى كل الأنشطة، حتى أنها قد جعلت بديلًا طائفيًا للشباب عن المؤسسات الرسمية للدولة المنوط بها وحدها فقط ممارسة تلك الأنشطة.
والأغرب أننا نرى بعض الوزراء (الرياضة والثقافة) يذهبون إلى الكنيسة للمشاركة فى افتتاح أو الاحتفال بهذه الأنشطة، مما أسهم فى تكريس فكرة العزلة والانغلاق التى تؤيدها وتباركها الدولة !!!!هنا اليس من الطبيعى أن يشعر الشاب القبطى أن هذه الأنشطة وتلك الممارسات الكنسية هى حق وسلوك صحيح وسرعة وقانونى؟ الأهم هو أن تكون هذه الأنشطة الشبابية بديلًا عن ممارستها فى المؤسسات الرياضية والثقافية الرسمية.
وهذا ما حدث خاصة فى إطار كرة القدم، حيث سهولة الممارسة وطموحًا فى العائد. هنا يخرج الشاب المسيحى للتقدم لنادى عام خارج الكنيسة. يرفض والأخطر على أرضية طائفة!! وهذا للأسف يحدث وينشر. وتدور فى الدائرة الطائفية بين من يؤيد ومن يرفض هذا الوضع. هذا يستوجب القول إن الممارسة المتعلقة بعيدًا عن المؤسسات خارج الكنيسة (مراكز الشباب والنوادى فى القرى والمراكز) مع عدم وجود لعيبة أقباط بالشكل الطبيعى فى الأندية الكبيرة إضافة للسلوك والفرز الطائفى جعل كثير من المسئولين فى هذه النوادى يعتبرون أن هذه اللعبة تقتصر على المسلمين فقط حتى أننا افتكسنا تعبير (فريق الساجدين) وهذا تعبير دينى يحدس فرزًا دينيًا يخرج غير الساجدين وغير المسلمين من الموضوع، خاصة أن هذا المسمى جاء مقابل لرسم الصليب من اللاعب الأجنبى المسيحى!
هنا تحولت اللعبة إلى منافسة وصراعًا دينيًا غير مباشر. مع العلم أننا نعيش صراعًا رياضيًا خاطئًا كل الخطأ بين مشجعى النوادى الكبيرة مما يمثل خطرًا حقيقيًا على الوطن، خاصة فى ظل تلك التحديات الخطيرة التى يواجهها الوطن. فهل نظل على حالة الانغلاق الكنسى للأنشطة.
وحالة رفض انضمام الشباب القبطى للأندية على أرضية دينية؟ هنا وللأسف وجدنا بعض الأساقفة فى وسط القاهرة يعلن عن تأسيس نادى (عيون مصر) . وللأسف الشديد مع وجود وزير الشباب والرياضة.
وبالرغم من تكذيب الوزير فى مكالمة تليفونية لى بعد إعلان الخير بالصور مع الأسقف. وجدنا الأسقف يخرج علينا مصرًا على الفكرة ومعللًا بأن النادى سيكون فيه مسلمون مدربون ولاعبون !! وهل هذا ينفى شكله وأساسه الطائفى ؟ وهل انضمام د. رفيق حبيب ابن رئيس الطائفة الإنجيلية لحرب الإخوان كان قد نفى طائفيته ؟ وهل قد أصبح من أعمال الكنسية الروحية والدينية تأسيس نوادى رياضية؟ وهل هذا يتوافق مع الدستور والقانون الذى بجرم تأسيس الأنشطة على أرضية دينية؟ وما المانع بعد ذلك من تأسيس (وهذا سيكون طبيعيًا) نواد لكل الطوائف المسيحية والإسلامية ..الخ
هنا وبلا مواربة أن هناك نادى تأسس عن طريق كنيسة وبإشراف وإعلان الاسقف الذى يدعو للانضمام إلى هذا النادى أى مستغلًا وضعه الكنسى .هل هذا موقف شخصى أم موقف كنسى عام؟ وهل هذا قد أصبح من أعمال الكنسية حسب قانونها؟ هذا خطر فظيع على سلامة وتلاحم الوطن خطر على المشاركة والعيش المشترك الذى نبتغيه ونأمله ونناضل من أجل تحقيقه. إذن كيف يكون الحل؟ الحل لا يكون بمزيد من الطائفية التى تحرق الأوطان. الحل هو خروج الشباب القبطى إلى المجال العام. (حفيدى الصغير يلعب كرة قدم فى الكنيسة وفى ذات الوقت أشركته فى مركز الشباب ويتبناه مدرب محترف يكتشف المواهب للأندية وأخذ الحفيد للمشاركة بعيدًا عن القوصية ) . الحل كما أوضحت للوزير أن هناك من الشباب المسلم والمسيحى الكفء الذى لايملك الواسطة . هنا دور الوزارة والعدل والقانون وضربت مثل بموضوع (مينا). أى دخول اللاعب المستحق ومحاسبة الطائفى المتعصب. لا ولن يكون الحل انشاء نوادى مسيحية كنسية. هذا تجاوز فى حق الكنيسة الروحى وفى حق الدستور والقانون والأهم فى حق اللحمة الوطنية والتوحد المصرى. مع العلم أن النوادى التى أصحابها أقباط فهذا نشاط اقتصادى (ولماذا لا تاخذ أمثال مينا؟) وغير النوادى الكنسية المزمع تأسيسها التى يرفضها الوطن بتاريخه وهويته ويرفضها المصريون بتوحدهم وأملهم فى تحقيق مصر الغالية مصر كل المصريين. حمى الله مصر وشعبها العظيم.
نقلا عن الدستور