طارق الشناوي
رفض طعن الأستاذة الجامعية أمام المحكمة الإدارية العليا وبات قرار فصلها من هيئة التدريس قيد التنفيذ، لا أتصوره نهاية المطاف القانونى، هناك درجات أخرى حتى نصل للمحكمة الدستورية، للعلم الدستور المصرى لم يحرم أو يجرم الرقص.
عندما تحولت الرقصة إلى قضية رأى عام، حرصت على مشاهدة الدكتورة التى أثارت غضب واستهجان جزء لا يستهان به من رواد (السوشيال ميديا)، لم أجد أى ابتذال فى الرقص أو اللبس، اختارت الأستاذة الرقص على (سطوح) العمارة، أى أنها أرادت من البداية العلانية، فهى لم تمارس شيئا تخجل منه، الناس فى بلادنا، وفى كل الدنيا، ترقص فى الأفراح، وأصبحنا أيضا فى السنوات العشر الأخيرة نرقص أمام صناديق الانتخابات، ولا أتذكر أن هناك من اعترض، لم ترتد الأستاذة بدلة الرقص، بل فستانا عاديا جدا ومحتشما جدا جدا، إذن الاتهام هو فقط فى الرقص، هل هناك جهة ما داخل الدولة، أصدرت قانونا بالتحريم؟.
هل فى الرقص والغناء والتمثيل وأى نوع آخر من الفن ابتذال لا يليق بمن يعمل بمهنة التدريس، أتذكر أن منى جبر، وكانت بالإضافة لكونها مذيعة تليفزيون مرموقة، فهى أيضا أستاذة بكلية الإعلام ومعهد السينما، تعالت بعض الأصوات، منتصف السبعينيات، تطالب بفصلها من سلك التدريس، بسبب تمثيلها فيلم (الحفيد)، قالوا لا يليق بأستاذة جامعية أن تؤدى دور سيدة حامل، قطعا دافعت أغلب الأقلام عنها، وحفظ التحقيق، وأكملت التمثيل، كما أنها لم تفصل من هيئة التدريس، بدليل أنها كانت أستاذتى بكل من (كلية الإعلام) و(معهد السينما).
عدد من منشدى التواشيح الدينية على المسرح يقدمون أغانى عاطفية، وعلى (النت) شاهدنا أكثر من شيخ معمم وهو يغنى لأم كلثوم، العديد من قراء القرآن مثل قيثارة السماء محمد رفعت كان يدندن بين أصدقائه أغنيات عاطفية، المسافة ليست بعيدة قطعا بين قراءة القرآن والغناء، وقارئ القرآن المجيد والمجدد هو الذى يحفظ المقامات الموسيقية، ولهذا ستكتشف أن لقب الشيخ كان لصيقا بكبار الملحنين، مثل سلامة حجازى وسيد درويش وزكريا أحمد وسيد مكاوى وغيرهم، أيضا أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، الاثنان كانا من حفظة القرآن، وكل منهما كانت لديه رغبة، قبل نهاية الرحلة مع الحياة، فى تسجيل القرآن، ومع الأسف لم يوافق الأزهر الشريف، وهو نفس ما تكرر مع على الحجار ومدحت صالح ومحمد الحلو.
هل هناك ما يشوب الاحترام لو أنك اكتشفت أن فلانا يغنى أو يعزف، هل بعد أن علمت مثلا أن الرئيس أنور السادات كان يغنى وهو جالس على الأرض مع بليغ حمدى، كما أنه فعلها أكثر من مرة أيضا مع الموسيقار محمد سلطان، هل وجدت شيئا يتعارض مع الوقار.
ملك المغرب الراحل (الحسن الثانى) كان من المعروف أنه يقود الفرقة الموسيقية فى القصر، بينما عبدالحليم يغنى أمامه رائعة أم كلثوم (ودارت الأيام)، ريجان كان ممثلا، وكلينتون كان ولايزال يعزف على الساكسفون، حاليا أصبح يتقاضى أجرا عن العزف، هل تعارض كل ذلك مع كل هؤلاء فى مواقعهم السياسية.
الرقص الشرقى فى بلادنا، كصورة ذهنية، صار مستهجنا، والدليل أكثر من مطرب شعبى، مثل سعد الصغير وبعده عمر كمال، صرحا بالندم لتقديمهما تلك التسجيلات.
من حق من يستاء من الرقص أن يعلن رأيه، لكن لا يحق تجريم إنسان، رجل أو امرأة، لأنه مارس حقه فى الرقص!!.
نقلا عن المصرى اليوم