حمدي رزق
بثّ مباشِر، بمعنى نَقْل حىّ مباشر إلى المشاهدين أو المستمعين بدون تسجيل، لايف، وبَثَّ فَعَلَ، والمفعول مَبْثوث.
لقد بلغ الاستهتار بالأرواح مبلغه، قائد قطار يبث فيديو لايف أثناء القيادة، صلاة النبى أحسن، بصوت طيب الذكر «توفيق الدقن»، الباز افندى، ساقط إعدادية.
ولسة ياما نشوف، حصَّلِت بث مباشر من داخل كابينة القيادة على متن قطار متحرك؟!، هندسة يبث وهو سايق وسايب إيده، وأتارينى ماسك الهوا بإيدىَّ ماسك الهوا.
حسنًا أوقف وزير النقل الصارم «كامل» الوزير، هذا السائق المستهتر، بالذمة حد عاقل يعقل ما قام به هذا الذى يغامر بالأرواح على متن القطار من أجل نزوة طائشة، بث مباشر؟!، يا سلام سلِّم الشاشة بتتكلم.. العقل يا رب.
لولا الاحتياج الضرورى للمحمول فى غرفة القيادة فى الحالات الطارئة، لطلبت من الوزير كامل سحب الموبايلات من السائقين بعد واقعة البث المباشر، لما السائق يتلهى بالبث الحى، فمَن ذا الذى يقود القطار على سكة من حديد لا ترحم، والغلطة فيها بآلاف الأرواح؟!.
حد يفهِّمنى ويقول كلام مفهوم، ده اسمه إيه فى قاموس السكك الحديدية؟!، ناس تلهو فى كابينة القيادة، وناس تروح فى الرجلين، ربنا يرحمنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا، هذا سفه مضروب فى خبل، كوكتيل استهتار!.
إدمان الموبايل أصبح ظاهرة مرضية، الناس لا تفارق الموبايل حتى طلوع الروح، الناس تقود السيارات والميكروباصات والباصات والموتوسيكلات والتوك توك، وعينيها ليست على الطريق، عينيها وعقلها وكل حواسها فى الموبايل، ونازلة تتويت وتغريد وتعليقات ولايكات، إدِّينى عقلك!!.
ولا فى الأفلام الهزلية، الناس بتهزر هزار تقيل قوى وهى تركب سيارات تسابق الريح، وكله كوم والأخ قائد القطار فى كوم وحده، من الخيال، خيال شحْط محْط، كسر سقف المعقول، معقول يحصل كده، وعلى السكة الحديد؟!.
سعادته فاكرها نزهة خلوية، وشغال بث، لا سيمافور شايف، ولا راديو سامع، ولا عداد سرعة يهمه، المهم البث، أصله لو مابثِّش ممكن يحصل له حاجة، البث أهم، وما أدراك ما البث، لايف، يطلع لايف، وسلامتك يا دماغى!.
الناس جنِّنها البث، ومرة قائد قطار حاول يبثّ مابثِّش، فتعب نفسيًّا، كان نفسه يبثّ، ما كله بيبثّ للقطط، جت على قائد القطار؟!، من نفسه، يبث لعل وعسى وتضرب معاه، والبث يضرب ويبقى ترند، والدولارات تهطل على دماغه.
البث صار من طقوس المرحلة، حتى صغار الحضانة بيبثوا بسبس نو، قائد قطار رقم ٩٩٠ (القاهرة- سوهاج)، حظه وحش، فعلًا المنحوس منحوس حتى لو علقوا فى رقبته فانوس، وقليل البخت ييجى يبث يطلع له كامل الوزير فى الكابينة، كم قائدًا بثَّ بثًّا مباشرًا قبلها، وأفلت بها، سوء الظن من حسن الفطن!!.
تغليظ العقوبة على البث المباشر على متن القطارات ربما يكبح البَثّ، ولكن حالة اللاوعى التى تلبّست هذا القائد أخشى أن تكون قد تلبست كالأرواح الشريرة خلقًا كثيرًا، البلد شغالة بث، حتى من غرف النوم.
البث اللاإرادى أصاب البعض بمرض عقلى عضال، صار مدمن بث، وساعة البث تتوه العقول، ولو موعد البث وجب، والحالة اشتغلت، يشعر بأعراض الإدمان، فيبث على نفسه، حتى ولو فى كابينة قطار ينهب الأرض نهبًا، البث المباشر صار إدمانًا!!.
نقلا عن المصرى اليوم