كتب-عماد توماس
أوصت ورشة عمل، نظمها منتدى رفاعة الطهطاوى، التابع لمؤسسة عالم واحد للتنمية عن تنظيم حملات إعلامية للمنظمات والمبادرات التي تناولت مقترحات أو مشروعات للدستور بهدف تعريف الجمهور بهذه المبادرات. و تنظيم حملات شعبية تنزل للمواطن البسيط تنظمها مؤسسات المجتمع المدني تهدف لتعريف المواطن ماهي أهم المواد المختلف عليها وماهي المواد البديلة لها. والتأكيد على أهمية تضمين الدستور القادم مواد تعبر عن إلتزامه بكافة العهود والمواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر. وإعداد دستور كامل ومتفق عليه من كافة منظمات المجتمع المدني يتم وضعه كبديل في حال رفض الشعب للدستور الحالي ويقوم على صياغته أساتذة القانون والفقهاء الدستوريين.
دستور مصر الجديد
وفي كلمته اكد للدكتور عبدالله خليل، خلال الورشة التى انعقدت تحت عنوان " مبادرات منظمات حقوق الانسان لصياغة دستور مصر" على أن صياغة دستور مصر الجديد هو موضوع يشغله منذ أكثر من سبعة أشهر وكان في هذه الفترة يراقب كيف تُصيغ دول العالم دساتيرها .
و أشار "خليل" أنه راقب دساتير أمريكة الاتينية وأمريكا الشمالية, وأوروبا, أفريقيا, آسيا معقباً بأن ما كان يهمه أثناء قرأته لهذه الدساتير ليس شكل النظام وطبيعته من حيث كونه رئاسي أو برلماني أو برلماني ولكن ما كان يهمه هو مدى إحترام هذه الدساتير لقيم ومبادئ حقوق الإنسان وفي مقارنه منه بين كثير من دساتير العالم والمسودة النهائية للدستور المصري والتي سيتم طرحها للنقاش واصفاً إياها بأنها مسودة تعبر عن وطن "بلا حقوق" على حد قوله مستكملاً بأن مسودة الدستور المصري يغيب عنها أى فلفسة ولكن ما يسيطر عليها غلبة التوجه الإسلامي أو الإتجاه لأسلمة الدولة معللاً ذلك بأن باب (المقومات الأساسية للدولة) على سبيل المثال تحدث عن مصر بانها دولة ديمقراطية ولكن تم تقييد ذلك في المادة السابعة بنفس الباب وهي التي تنصب على فكرة " الشورى" موضحاً بأنه كيف تكون الدولة ديمقراطية وهي تقوم على نظام شورى الجماعة وأضاف أن لفظ "الشورى" هو لفظ مطاط يحتمل أكثر من معنى وأكثر من تأويل خاصة وأن مثل هذا اللفظ موجود بدساتير أخرى مثل دستور أندونسيا والدستور الإيراني ولكن في كل منهم يتضح جلياً مفهوم الشورى وفقاً لنظام الحكم الموجود.
كما عاب "خليل" على أنه لا يوجد تعريف واضح لكلمة " المواطنة" والتي هي أساس الدولة الديمقراطية والمواطنة
وعن حقوق المعاقين أفاد "خليل" بأن معظم دساتير العالم تكفل حقوق المعاقين بل أنها تأتي مفصلة بدقة وتذكرهم بشكل يؤكد على كونهم جزء أصيل من تكوين ونسيج المجتمع المصري لكن مسودة الدستور المصري لم تفصل شيء عن حقوق المعاقين كذلك لم يتناول بالذكر كبار السن وفي ذلك وصف "خليل" الدستور بأنه يتعامل مع المصريين وكأن 35% منهم ليس لهم حقوق أو لديهم تطلعات في دستور مصر الجديد.
صياغة الدساتير والقوانين
وفي كلمته تناول بدأ " نجاد البرعي"، المستشار العلمي للمجموعة المتحدة للمحاماة ، حديثه بأن فكرة صياغة الدساتير والقوانين في مصر أصبحت تتم بمعزل عن التطور العلمي والتكنولوجي موضحاً ذلك بأن نصوص الدساتير قد تأتي جاهزة فهي لا تحتاج إلى مشقة كبيرة نظراً لوجود تجارب سابقة ومتعددة في صياغة وكتابة الدساتير على مستوى دول العالم فكان من الممكن على الجمعية التأسيسية أن تستعين بمثل هذه الخبرات والمبادرات ولكنها فضلت أن تقوم بعملها بمعزل عن كل هذا. وفي هذا السياق أوضح "البرعي" أنه كان يمكن على الجمعية أن تختار 20 فقط من صفوة الأستاذة القانونيين والمشرعين وتقوم ببناء دستور من أفضل ما يكون مبنى على أساس تشريعي وقانوني صحيح. وعلى المستوى المؤسسي ومنظمات المجتمع المدني أوضح "البرعي" بأنه لم يكن هناك أى تمثيل حقيقي للمنظمات المدنية داخل عمل الجمعية التأسيسية وأن وجود الناشطة منال الطيبي لم يكن بصفتها "ناشطة" ولكن بصفتها ممثلة عن النوبيين. وفي هذا الصدد استاء "البرعي" من أنه طالما طالب النشطاء والحقوقيون بتعديل بعض مواد الدستور السابق في عهد النظام السابق مثل تعديل المادة (76) من الدستور والتي تنص على ترشيح أكثر من شخص للإنتخابات الرئاسية بدلاً من الاستفتاء وذلك في عامي 2005, 2007 ولكن لم يستمع إليهم أحدمما كان يثير غضب منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان مشيراً لأن كل منظمات المجتمع المدني قدمت مساهمات ولكن لم يأخذ بها احد او حتى تؤخذ في الإعتبار.
ووصف "البرعى" مسودة الدستور الجديد بأنها تتسم بحالة كبيرة من العداء لكافة المواثيق والعهود التي تكفل و تنص على حقوق الإنسان مؤكداً أن ذلك شيء عجيب على حد قوله لأن مصر دائما وهي تصدق على أي عهود أو مواثيق دولية كانت تتحفظ بلفظ (بمالا يخالف الشريعة الإسلامية) وكان ذلك من أيام مبارك والرئيس الراحل السادات .
وعلى جانب أخر لفت "البرعي" النظر أنه عندما احتدم الخلاف بين أعضاء الجمعية التأسيسية بعضهم البعض حول صياغة بعض المواد مثل حرية الإعتقاد وحرية وحقوق المرأة كان من الممكن تنظيم جلسة استماع لعدد 50 فقط من منظمات المجتمع المدني لسماع مشاركتهم وأخذ ما هو قد يلبي تطلعات وطموح جموع المصريين في المرحلة القادمة.
دستور انتقالى
وانتقلت الكلمة للدكتور ياسر "كاسب" وفي كلمته تحدث عن أشار الى أنه لايتمنى للدستور هذا الوضع ولا يتمنى أن يصبح دستور مصر2012 والذي جاء عقب ثورة كبيرة وعظيمة مثل ثورة يناير ان يتم الحكم عليه بأنه دستور إنتقالي فكان يتمنى لوأن هذه الجمعية بدأت عملها بشكل صحيح من الأساس وأن يراعى خلال هذا الدستور المبادئ العامة للحياة الكريمة مؤكداً في ذلك على شعارات ثورة يناير وهي (عيش, حرية, كرامة إنسانية). كما اشار إلى المادة الثانية من الدستور والتي اختلف عليها كثيراً فكان الإختلاف ما بين كلمة مبادئ الشريعة أم أحكام الشريعة الإسلامية والتى خرج الشكل النهائي لها في صورة تعبر عن وجود حالة من الإرضاءات داخل الجمعية التأسيسية لحساب تيار غالب على الآخرين ولكن مؤكداً هذا لن يلبي مطالب وطموحات الشعب المصري.
كما أوضح "كاسب" أن الجمعية بتشكيلها تفتقر للتمثيل الحقيقي لفئات الشعب المصري مشيراً أن كلمة جمعية تأسيسية تختلف عن كلمة اللجنة التأسيسية فالجمعية هي ملك للشعب بمختلف تكوينه وفئاته والجمعية لا يكون داخلها ثقل سياسي إنما هدفها الأساسي هو الوصول لسياق عام يلبى تطلعات الشعب المصري.