قوبلت الإجراءات الضريبية الجديدة التي نصت عليها موازنة 2022 في لبنان، وأصابت بشكل رئيسي موظفي القطاع الخاص وأرباب العمل والهيئات الاقتصادية، بموجة غضب عارمة واستنكار كبير، خاصة أنها أصابت الرواتب المقبوضة كليا أو جزئيا بالدولار الأميركي.
ومع بداية ديسمبر الجاري، تدخل هذه الإجراءات الضريبية حيّز التنفيذ على كل من يتقاضى راتبه بالدولار، وبمفعول رجعي يعود إلى بداية مطلع يناير 2022.
وأثارت الخطوة غضب الموظفين، الذين بدأوا يعدون العدة للتحركات الرافضة، خصوصا أن أحد بنود الموازنة نص على "استيفاء ضريبة الدخل على الشركات التي تدفع رواتب موظفيها بالعملة الصعبة، وحسب النسب العالية التي تصل إلى 25 بالمئة من الراتب بالدولار".
رفض مطلق
وفي إطار التحركات الرافضة للضرائب، عمد موظفو القطاع الخاص في لبنان في أكثر من مجال، إلى التحرك في اتجاه التقدم بمراجعة قانونية لدى مجلس شورى الدولة، لرفع الضرر اللاحق بهم جراء ضريبة الدخل الجديدة.
وقبل أيام، أعلنت بعض القطاعات التوجه إلى الإضراب "ما لم يتم تعديل الشطور الضريبية". ومن بين هذه القطاعات، اتحاد النقل الجوي، الذي حذر من تعطيل العمل في المطار.
هل يتوقف المطار؟
رئيس اتحاد نقابات النقل الجوي، علي محسن، أكد في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "المطلوب هو فرض ضريبة عادلة وغير مجحفة".
وكشف محسن عن "تأجيل الإضراب في المطار وكافة التحركات خلال فترة الأعياد، خوفا من التأثير السلبي على حركة السياحة وعلى اللبنانيين العائدين إلى الوطن في هذه الفترة".
وأضاف: "قابلنا قبل أيام وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال، يوسف خليل، ولاحظنا أن الصورة لديه ما زالت ضبابية وغير واضحة، لا سيما فيما يخص شطور الرواتب ونسبة الضريبة التي تصيبها وعلى أية تسعيرة للدولار تستوفى، وهل على السعر الرسمي للدولار أم وفق سعر السوق السوداء!".
وأوضح أنه "تم الاتفاق مع الوزير على تجميد المشروع في الوقت الحالي، لاستكمال المفاوضات".
وتابع: "ناضل موظفو اتحاد النقل الجوي منذ بداية الأزمة لتعديل رواتبهم. وهم يتقاضون اليوم ما لا يزيد عن 50 في المئة مما كانوا يتقاضونه قبل الأزمة".
كما أشار محسن إلى أن "هذه الضريبة في حال تطبيقها ستصيب مجموعة من الشركات التي تمنح موظفيها رواتب بالدولار جزئيا أو كليا، وكذلك مراسلي وموظفي الوكالات العربية والأجنبية الذين يعملون على الأراضي اللبنانية، ومن بينهم موظفي شركة طيران الشرق الأوسط".
الإجراءات تطال إعلاميين
من جهة أخرى، استنكر أحد الإعلاميين العاملين في قناة إخبارية عربية ما جرى، وقال لموقع "سكاي نيوز عربية": "كنا ندفع على شطور الراتب المقبوض بالدولار الأميركي لغاية سقف 225 مليون ليرة لبنانية سنويا، أي ما يقارب 55 دولارا، لكن في قانون الموازنة الجديد عدلت وزارة المالية هذه الشطور وزادتها 3 أضعاف".
وأضاف الإعلامي الذي رفض الكشف عن اسمه: "كان من ضمن الإجراءات رفع سعر الدولار المحتسب لاستيفاء الضريبة 20 مرة (أي صار سعر الدولار يحتسب على 30 ألف ليرة لبنانية بدلا من 1500 ليرة قبل الأزمة) مما كبد الموظفين الذين يقبضون رواتبهم بالدولار خسارة كبيرة جدا، خصوصا على من يصرح عن دخله بشكل واضح وقانوني لدى وزارة المالية".
وتابع: "على سبيل المثال، من كان يقبض حوالي ألفي دولار، كان يدفع 55 دولارا كضريبة على الراتب، أما اليوم فمن يقبض نفس المبلغ ومع الزيادات الضريبية الجديدة، صار لزاما عليه أن يدفع 25 بالمئة من قيمة الراتب، ومن يقبض 4 آلاف دولار يدفع ضريبة مع الشطور على الراتب حوالي 700 دولار".
رأي الاتحاد العمالي العام
وصف رئيس الاتحاد العمالي العام، بشارة الأسمر، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، الزيادة الضريبية بـ"المجحفة بحق الموظفين في القطاع الخاص".
وأوضح أنها "تشمل عمال وموظفي مرفأ بيروت، وقطاع الطيران، والمستشفيات، والبنوك، والعاملين في المؤسسات الصناعية والتجارية".
كما كشف عن عرض الاتحاد على وزير المالية "خطة للحل، تضمنت رفع قيمة التنزيلات العائلية عن عائلة الموظف (الزوجة والأولاد) لتخفيف العبء الضريبي عنه، من حدود 60 مليون ليرة إلى 240 مليون ليرة، على أن تستوفى الضريبة على أساس 15 ألف ليرة للدولار، لا على دولار منصة صيرفة الرسمية 30 ألف ليرة، لأنها متقلبة غير مستقرة".
هبوط العملات وارتفاعها.. كيف يؤثر علينا؟
وتابع الأسمر: "وعدنا وزير المالية خيرا، وطالبناه في حال تعذر السير بالحلول المقترحة، تأجيل الموضوع لتتم دراسته مع الاتحاد العمالي، لأنه يرتب لفرض مبالغ كبيرة من الضرائب على الشركات والأفراد، ويحمل صفة المفعول الرجعي من مطلع عام 2022".
وشدد في ختام حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية"، على ضرورة "إزالة المفعول الرجعي وعدم تهجير المتعلمين والموظفين الأكفاء إلى الخارج".
وقال: "نتطلع لحل للأزمة، وقد تساهم الضريبة المرتفعة في حال تطبيقها بتهجير الشركات كذلك إلى دول أخرى".