الخميس ١٨ اكتوبر ٢٠١٢ -
٤٨:
٠٨ ص +02:00 EET
بقلم: د. رأفت فهيم جندى
ظن "يونان النبى" بسذاجة شديدة أنه ممكن له ان يهرب من الذهاب إلى مدينة "نينوى" لكى يحذرهم من شرورهم كما اوصاه الرب الإله، فركب سفينة متجهة إلى مدينة أخرى هى مدينة "ترشيش"، ويقول سفر يونان النبى "فَأَرْسَلَ الرَّبُّ رِيحًا شَدِيدَةً إِلَى الْبَحْرِ، فَحَدَثَ نَوْءٌ عَظِيمٌ فِي الْبَحْرِ حَتَّى كَادَتِ السَّفِينَةُ تَنْكَسِر فَخَافَ الْمَلاَّحُونَ وَصَرَخُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى إِلهِهِ". وعندما فشل البحارة تماما فى السيطرة على السفينة، باح لهم يونان بسره فى انه هارب من وجه الرب الإله وطلب منهم إلقاءه فى البحر لكى تنجو السفينة. ويقول سفر يونان "ثُمَّ أَخَذُوا يُونَانَ وَطَرَحُوهُ فِي الْبَحْرِ، فَوَقَفَ الْبَحْرُ عَنْ هَيَجَانِه. فَخَافَ الرِّجَالُ مِنَ الرَّبِّ خَوْفًا عَظِيمًا، وَذَبَحُوا ذَبِيحَةً لِلرَّبِّ وَنَذَرُوا نُذُورًا."
وأذا وضعنا على جانب مآسى إضطهادات الكنيسة القبطية فى العصر الحديث، نجد أن الكنيسة قد المت بها أعاصير داخلية بدأت منذ نياحة قداسة البابا شنودة عندما اصر البعض على ترشيح من ليس لهم شعبية وسط الشعب القبطى لمنصب البطريرك.
وعلت الأمواج فى السفينة القبطية واشتدت وطأة الرياح عليها، فعلت صرخات الكثيرين من الشعب القبطى تطالب نيافة الأنبا باخوميوس ربان السفينة المؤقت بأن يوقف ـ بطريقة يونان ـ تزكية هؤلاء للمنصب المقدس، ولكن الربان المحنك لم يرد أن يخالف قوانين الأنتخابات الكنسية حتى وان كانت غير صالحة للوقت الحالى، لكى لا يكون هذا سببا قانونيا للبعض لكى يطعنوا فى سلامة الأجراءات ويتأخر اختيار البابا الجديد ربما لسنوات.
وعندما وصلت الأمور لتصفية المرشحين، كان الأختيار الحكيم للربان الماهر الأنبا باخوميوس ولجنته فى انتقاء خمسة اباء يرتاح لهم غالبية الأقباط لكى ينتخب الاقباط ثلاثة منهم، ثم تتمم القرعة الإلهية أختيار احدهم ليكون البطريرك الـ 118 للكنيسة القبطية.
وكما سكنت الرياح بعد اخراج يونان من السفينة، سكنت الأمواج بعد هذه الخطوة المباركة وصار هدوء عظيم فى الوسط القبطى مثل ما صار وقت أن وقف السيد المسيح وانتهر الرياح والأمواج، وكأنه يقول لنا "مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ هَكَذَا؟ كَيْفَ لاَ إِيمَانَ لَكُمْ؟"
وعندما طرح البحارة يونان فى البحر، رتب الرب الإله له خلاصا عظيما فابتلعه حوت كبير، وظل يونان حيا فى بطن الحوت ثلاث ايام وثلاثة ليالى، ثم قذفه الحوت من بطنه، وذهب يونان بعدها لكى يتمم مشيئة الرب التى عينها له فى الذهاب لمدينة نينوى.
ولقد صلى يونان وهو فى بطن الحوت صلاة من اعمق الصلوات فى الكتاب المقدس، وهكذا سيكون الأمر لمن لم يأتى بهم الأختيار النهائى للمرشحين لأنهم سيمضون لكى يتمموا ما اختاره لهم الرب الإله منذ بداية ترهبنهم. هل كل منا ذاهب إلى مدينة "نينوى" لعمل مشيئة الرب؟ أم اننا هاربون إلى مدينة "ترشيش"؟
مبروك للشعب القبطى المرشحين الخمسة للكرسى المرقسى العظيم، وليتمم الرب مشيئته فى اختيار انسبهم لهذه المهمة الشاقة المقدسة.
رئيس تحرير الأهرام الجديد الكندية