أمينة خيري
فى مؤتمر «دافوس» فى عام 2017، قالت «أوكسفام» إن ثمانية أشخاص فى العالم يملكون ثروات توازى ما يملكه 3.6 مليار شخص يشكلون نصف أفقر سكان العالم.
وقتها شملت قائمة أغنياء الأرض بيل جيتس وكارلوس سليم ومارك زوكربيرج ومايكل بلومبرج وأمانسيو أورتيجا ووران بافيت وجيف بيزوس ولارى إليسون.
وقبل أيام وفى المنتدى الاقتصادى العالمى نفسه «دافوس» قالت المنظمة الخيرية نفسها إنه يجب خفض عدد المليارديرات فى العالم بنحو النصف مع حلول عام 2030.
ورغم تغير الأسماء فى قائمة الأكثر ثراء، إلا أن «أوكسفام» عادت إلى الدق على الوتر نفسه. مليارديرات العالم ضاعفوا ثرواتهم خلال العقد الماضى.
ودخل الأثرياء الذين يشكلون واحدا فى المائة من سكان العالم آخذ فى التصاعد ليشكل 74 ضعف دخل نصف سكان الأرض الفقراء.
زاد الأثراء ثراء رغم أزمة اقتصادية كبرى تعصف بسكان الأرض وترفع كلفة المعيشة بدرجات غير مسبوقة بفعل الوباء ثم حرب روسيا المستمرة فى أوكرانيا.
تضخم الاقتصاد وانفجر فى وجوه الفقراء، وفى الوقت نفسه تضخمت ثروات الأثرياء منذ عام 2020 فهى تزيد بمقدار 2.7 مليار دولار يومياً! حديث «أوكسفام» عن الأثرياء والفقراء أثار غضب الأثرياء وحنقهم على الفكرة التى اعتبروها غبية وعجيبة ومثيرة للأحقاد، كما دغدغ مشاعر الفقراء وأثار غضبهم وحنقهم ضد الأثرياء وأعمالهم وملياراتهم.
إنها الفطرة الأكثر طبيعية وبدائية.
لماذا لا يملك الفقير ما يملكه الثرى؟ لماذا لا يملك صاحب الـ«توك توك» سيارة «مازيراتى»؟، لماذا لا تملك عاملة المنزل ما تملكه ربة البيت؟ لماذا لا يملك الموظف الصغير ما يملكه المدير؟ لماذا لا أملك ما يملك جارى؟ لماذا لا تملك أفقر دول الأرض ما تملكه أغناها؟ بالطبع المسألة تختلف حين يتعلق الأمر بتعرض مليارات البشر لخطر الجوع أو أمراض سوء التغذية أو الموت برداً لعدم القدرة على سداد فواتير الطاقة.
ويختلف الفكر كذلك حين تعصف بالعالم أزمة اقتصادية طاحنة بدأت فى دهس الأفقر والأضعف.
ولأن البشر معروفون بتركيبة المشاعر المتصلة بالتراحم والتعاطف والتكافل (وإن كانت كائنات كثيرة من تلك التى نضع لها السم ونقتلها تفعل ذلك وربما أكثر)، فإن المسألة تتحول إلى مسألة أخلاقية بحتة.
لكن هل سحب أموال حسابات الأغنياء وضخها فى جيوب الفقراء هو الحل؟ وهل إجبار الأثرياء على إعطاء جزء من أموالهم للفقراء هو الحل؟ قد يكون حلاً آنياً، لكن الحلول المستدامة تحتاج أفكاراً واقعية.
عقب أحداث يناير 2011، ظن ملايين المصريين أن الثروات ستقسم على الجميع دون معايير أو مقاييس، وهذا طبيعى، فورة الغضب من الفساد واستلاب أموال البلاد على مدار عقود يجعل الحلول السهلة غير المنطقية تسيطر على العقل الجمعى.
منع الفساد ومحاربته يختلف عن حل الفقر عبر سحب أموال الأغنياء وتخصيصها للفقراء. هذه ليست عدالة اجتماعية، بل حماقة اجتماعية.
نقلا عن المصرى اليوم