بقلم: د.ماجد عزت إسرائيل
وُلد محمد لطيف في 23 أكتـــوبر 1909م في قرية الزيتون، بمحافظة ببني سويف، وبعد فترة من مولده رحل والده الى مدينة القاهرة فسكن منطقة القلعة بقلب القاهرة ، ولد هاويا لكرة القـــدم منذ نعومة أظافره، ومارس اللعبة في الحي ثم في نادي الخليفة قبل التحاقه بالمدرسة الابتدائية ، وكانت أمنيته وحلمه أن يلعب في دوري المدارس الذي سمع عنه، وكان يمثل المسابقة الرسمية في تلـك الفترة ، فالتــحق بمدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية بدرب الجماميز التي يلتصق سورها بالمدرسة الخديوية ـ مصنع نجوم الكرة في الوقت ـ فترك محمد لطيـف مدرسة الجمعية الخيرية والتحق بالمدرسة الـخديوية، التي كان يلعب فيها حسين حجازي مثله الأعلي في اللعبة، لعب الكابتن لطيف أول مبـــاراة مع المدرسة الخديوية أمــام المدرسة السعيدية في عام 1927م، وبعد هذه المباراة اختاره حسين سليمان مشرف التربية البــدنية للعب مع الفريق الأول للمدرسة ضد التتـــش وعبدالرحمن فوزي ورشاد مراد وجميل رفعت، واختياره للعب مع الفريق الأول كـان لغياب هاني كامل الجناح الأيمن.
وفي عام 1928م، وقع اختيار حسين حجازي رئيس فريق نادي المختلط ـ الزمالك حاليا ـ علي محمد لطيف للعب معه مقابــل ثلاثة قروش هي تكاليف تسجيل خطـابين، الأول لاتحاد الكرة، والآخر لنادي المختلط، وبعد انضمام محمد لطيف إلي نادي المختلط، كان علي موعد مع الحظ الذي ابتسم له بشدة ، فـــقد كانت أول مباراة له مع ناديه في مواجهة النـادي الأهلي ،وفي هذه المباراة الودية ـ التي انتهت 1/صفر لنادي المختلط ـ سجل محمد لطيف هدف الفوز، وعقــب هذه المباراة اختاره؛ حيدر باشا وكـــيل اتحاد الكرة ورئيس النادي المختلط ضمن صفوف منتخب.
لعب لمنتخب مصر منذ عام 1932م، ومثل بلده في كأس العالم عام 1934م والتي أقيمت بدولة ايطاليا( أحد دول حوض البر المتوسط) وفي عام 1934،شارك خلالها مع منتخب مصر في كأس العالم بإيطاليا التي لعب فيها المنتخب أمام المجر وخسر 2/4 وخرج من البطولة ؛ وبعد العودة من المونديال اختــار مستر ساميسون مرقاب التربية الرياضية بوزارة المعارف محمد لطيف للسفر إلي إنجلترا في بعثة علمية لدراسة التربية الرياضية والحصول علي درجة البكالوريوس من كلية جوردون هيل بوصفه أحسن رياضي لهذا العام ، واتفـــق مستر ساميسون مع الإنجليزي ماكراي مدرب منتخب مصر علي أن يلعب محمد لطيف في أكبر أندية اسكتلندا، وهو نادي الرينجرز طوال ثلاث سنوات مدة بعثته الرسمية، وهو ما حدث بالفعل.
واحترف الكرة بالفعل بنادي رينجرز، وهــو أقــوي الأندية الاسكتلندية، وأثناء رحلته إلي النادي حدث معه موقف طريف ،فقد فوجئ محمد لطيف بأعداد كبيرة من الصحفيين والمــصورين ينتظرونه علي محطة القطار الذي كان يقله إلي جلاسجو .. وظن في البــداية أنهم في انتظار هيلا سلاسي امبراطور إثيوبيا الذي كان يركب نفس القطار .. ولكن ماكراي المدير الفني لمنتخب مصر هو الذي كان ينتظره بالمحطة، وقال له: إن الصحافة الإنجليزية لديها اهتمام كبير بانتقالك لنادي الرينجرز.
كانت أول مباراة يلعبها محمد لطيف مع النادي الإنجليزي ضد نادي داندي وسجــل فيها هدفا ، واستمر محمد لطيف في تجربته مع النادي الاسكتلندي إلي جانب دراسته في كلية جوردون هيل .. كمـا حصل عي جميع الدراسات التدريبية في كرة القدم في إنجلترا.
وفي عام 1937 م عاد محمد لطيف من بعثته العلـمية، وتم تعيينه بإدارة التربية الرياضية بوزارة المــعارف، وشارك في تأسيس معـهد التربية الرياضية الذي عمل به محاضرا، وتخرجت الدفعـة الأولي منه في عام1940 م.
وقبل العودة من إنجلترا ، شارك محمد لطيف مع منتخب مصر في أوليمبياد برلين التي لعب بها المنتخب أمام النمسا وخسر 1/2 وخرج من الدورة.
وأثناء وجوده في إنجلترا .. توطدت علاقته مع الصحفي الإنجليزي ركس الذي كان يعمل في جريدة الصنداي اكسبريس، وكــان أول من أعطاه درس في التعليق علي مباريات كرة القدم حين طلب منه مشاهدة مباراة لفريق الرينجرز ـ والتي لم يلعب فيها للإصابة ـ وحضر هذه المباراة 24 مكفوفا، وجلس ركس بينهم في المدرجــات ليذيع المباراة ويصفها للمكفوفين الذين انفعلوا بالوصف، وجعلته هذه المباراة يفكر في التعليق علي المباريات بعد اعتزاله كرة القدم في عام 1945، وهـو في سن الخامسة وثلاثون من عمره عام 1945م،وكانت آخر مبـــارياته مع منتخب الجيش المصري أمام فريق ألوندرز.
تاريخه بعد الاعتزال:
عمــل كحــكم حتي حصل على الشارة الدولية وأدار العديد من المباريات الدولية، وهو أول من ادخل التعليق على كرة القدم بالتليفزيون وكان مراقب عام البرامج الرياضية بالتليفزيون على مدى 16 عــام، أذاع مبـاريات كأس العالم منذ عام 1964 م.
زادت شهـــرته عندما اتجه منذ عام 1948 م، إلى مجال التعليق على المباريات، ففي عام 1948 ؛ اتصل به الإذاعي الكبير علي خليل وطلب منه أن يقوم بإذاعة تمارين الصباح علي الهواء في السادسة صباحا مقابل 50 قرشا للحلقة الواحدة ، وكانت أول مباراة يقوم محمد لطيف بالتعليق عليها بين منتخبي الإسكندرية والقاهرة بملعب مصطفي كامل بمدينة الإسكندرية ، وبعدها قام بالتعليق علي مباريات بطولة أوروبا لكرة السلة التي أقيمت بنادي هليوبوليس في عام 1948 م، واستمرت رحلته مع الإذاعة حتي ظهر التليفزيون في عام 1960م.
على اية حـال،في عام 1948 ـ أيضا ـ تم اختيـار محمد لطيف لمساعدة مستر كين مـــدرب منتخب مصر الذي شارك في أوليمبياد إنجلترا، ولعــب المنتخب مع الدنمارك وخسر 1/2 ، وفي عام 1952 م أصبح لطيف مدربا لمنتخب مصر في دورة هلنسكي الأوليمبية ، كما تولي الاشراف علي منتخب مصر الذي حقق أول كأس أفريقية في عام 1957 م بالخرطوم بالسودان.
وبعيدا عن التعليق والتحكيم والتدريب في المنتخب ونادي الزمالك،تولي محمد لطيف بعض المناصب، فــقد كان عضوا بمجلس اتحاد الكرة في الفترة من عام 1952 إلي عام 1969، ثم وكيلا للاتحاد، وسكرتيرا عاما لنادي الزمالك ومديرا للكرة بالنادي.
وظل مع الميكروفون منذ 1948م، حتى وافته المنية في 17 مارس 1990 م وكان يلـقب بشيخ المعلقين العرب،. وقد بلغ حـداً من الشهرة إلى حد استضافته في الأفلام المصرية في شخصية المعلق الرياضي على مباريات كرة القدم، ولعل من أبرز تلك الأفلام هو فيلـم غريب في بيتي بطولة سعاد حسني ونور الشريف،يتميزكابتن محمد لطيف بأسلوب مميز خاص به في التعليق على مباريات كرة القدم، وكان تعليقه يلقي أهتماماً خاصاً، و خاصة في مباريات فريقي الأهلي والزمالك.