-العدالة الاجتماعية ستُسقط مشروع "الإخوان" السياسي.
-تقسيم مصر مخطط له، لكنه ليس واردًا في الاستراتيجية الأمريكية الآن.
-هناك أموال تدفقت لمساعدة تيارات إسلامية في الانتخابات الماضية.
-أمريكا كانت على اتصال ببديل مبارك!
-الأقليات هي الكارت الدائم في يد أمريكا.
حاوره: محمد زيان
في الوقت الذي يتردد فيه ارتباط السياسية الداخلية المصرية، بدوائر صناعة القرار الأمريكي، وفي ظل ما يُقال عن نظرية "القوى البديلة"، من وجهة نظر أهل التخطيط في الإدارة الأمريكية ودوائرها، وعلاقتهم بجماعة "الإخوان المسلمين"، منذ ما قبل الثورة، وفي إطار التفاعل والحِراك الذي جرى، وصعود نظام سياسي جديد، قيل إن ترتيبات صعوده جاءت بقراءة الفاتحة مع الأمريكان، ووسط كل هذا، وفي إطار نظرية "المؤامرة" على الدول العربية، والمِنطقة بأثرها، التقينا الدكتور "عوض الشبه"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة "كاليفورنيا"؛ لكي يضعنا على الطريق الصحيح في القراءة والتحليل السياسيين، وسط معلومات، ربما تكون لديه عن الواقع السياسي المصري الآن، ومن قبل، وعن طبيعة العلاقات مع "الإخوان"، بالنسبة للسياسية الامريكية، وما قيل عن دور حماس في المعادلة الإقليمية، وطبيعة العلاقة مع إيران، والجزء الخاص بالاقتصاد، وكذا الاشتباك الحادث على المستوى الداخلي، وما يتردد أحيانا عن حرب أهلية تلوح في الأفق، وطبيعة النظرة الأمريكية لمصر في هذه المرحلة.
حاورناه أيضًا حول "إيران" وقدرتها. وسوريا وسقوطها، ودلالاته، وما جرى في أفغانستان والعراق، وعلاقته بالواقع الحالي في المنطقة. والربيع العربي، وعلاقة النفط بما يدور! فكان لنا مع هذا الحوار على جزءين.. فإلى الحوار.
بداية.. سألناه عن الحوار بين "الإخوان" و"الأمريكان" ودوره فيما آل إليه الأمر من صعودهم للحكم الآن؟
- أتصور أن الحوار بدأ قبل ذلك؛ نظرًا لأن الأمريكان على صلة بالقوى البديلة في أي مكان، وأمريكا قوى عظمى، ملعبهم العالم، ومصالحهم في المناطق الملتهبة، وقواعدهم "البراغماتية" تستخدم الديمقراطية وحقوق الإنسان، حسب مصالحها، في إنهاء حكم من يتعارض ومصالحهم. ففي شيلي مثلًا، هناك زعيم منتخب عملوا عليه انقلابًا، وهذا ما يُبرر تعاملهم مع الربيع العربي، حسب اختلاف المكان!
وهل هذا يعني أن هناك تدخلًا أمريكيًّا في الانتخابات؟
- أعتقد أن الكونجرس الأمريكي استجوب الحكومة على ٤٥٠ مليون دولار، وجِّهت لقوى سياسية معينة! فانظر ترَ أن أكثر من تيار في مصر، تدفقت إليه أموال من أمريكا، وبعض الدول العربية!
وهل كان مطلوبًا أن يصل "الإخوان" للحكم في هذا التوقيت بالذات؟
- ربما تكون "البيروقراطية الدولية" التي يرأسها الرئيس الأمريكي المنتخب، والمجموعة المحيطة من الحلفاء، هي التي جعلتهم يتوصلون لصيغة أن المنطقة التى تعاني من عدم استقرار، لابد من استبدال الحُكم القومي فيها. فالتفوا مثلًا على "الخلافة الإسلامية" كمشروع صاعد للمنطقة، وأعتقد أن هذا سبب تلميع "رجب طيب أردوغان"، في إطار المثلث الشيعي (المقاوم)؛ بهدف إضعافه دون هدمه، في مواجهة "هلال سُّني"، بما يضمن للقوى الغربية الإبقاء، بحيث يتم تصعيد "هلال سُّني" موال للولايات المتحدة والغرب، فيُصبح بالمِنطقة كلها أسباب للتحكم فيها، وهنا تتدخل "أمريكا" لحماية الأقليات وقت اللزوم.
ماذا إذن عن الأقليات؟
- هذا هو الكارت الدائم، والمستخدم تحت غطاء قانوني من الأمم المتحدة. هذا طبعًا مع تحفظي الفكري والشخصي على استخدام مصطلح "أقليات" في مصر.
فباعتقادي أن عدة محددات تغذي في النهاية النتيجة التي تريدها أمريكا. فلدينا مثلًا "دولة مسيحية مصرية"، أعلنت، منذ بضعة أشهر في أمريكا،. وقضية "النوبة"، فهناك مَن يتحدث باسمهم، ويطوِّل المسألة.
- وانظر إلى العراق، تجد أنها النموذج الذي جربوا فيه النموذج الذي ستسير عليه المنطقة، وقد نتج عنه نموذج فيدرالي هش، و"الأكراد" سوف يصدرون "البترول" من أول العام القادم. نعم.. أيادٍ خارجية تلعب على ذلك، ولنأخذ القضاء على الجيش العراقي مثالًا، فهو الذي كان أقوى جيوش المِنطقة استعدادًا لمواجهة إسرائيل. وبالمناسبة، أمريكا أخذت العراق؛ لأنه كان لديها، عندما دخلت أفغانستان، بترول يكفي ٢٠ عامًا، ولما خرجت منها، أصبح يكفيها لأربع سنوات فقط!
وما هي المصلحة الأمريكية هنا؟
-أول أمر في الاستراتيجية الأمريكية "رفاهية المواطن الأمريكي"، يأتي بعد ذلك، ضمان تدفق النفط، أمن إسرائيل، وبالتالي، فإن تدفق النفط رقم ٢، والشرق الأوسط به "٦٧ بالمئة" من بترول العالم، وبالتالي أيضًا، فهي مِنطقة "أمن قومي". وبعد حرب ١٩٧٣، أصبح "صدام" يشكل خطرًا على إسرائيل، فكان يجب ضربه.
وما تصورك للمِنطقة بعد خمس سنوات من الآن، في ضوء ما يُقال عن تقسيم بعض الدول؟
- فكرة التقسيم فكرة قديمة عُرضت عام ١٩٨٣، وأعيد عرضها على الكونجرس عام ١٩٩٤، وتم التأكيد على أهميتها وضرورتها بعد أحداث سبتمبر. وربما تكون الأحداث قد عجَّلت بهذه الفكرة في الاستراتيجية الأمريكية.
-وأنا أتصور أن التقسيم غير وارد في مصر؛ لأن بها تراثًا حضاريًّا لن يسمح بالتقسيم، ولا يمكن لفيصل بعينه أن يسيطر عليها، فالتراكم الحضاري المصري، أصعب من أن يخترقه أحد.
-والفكرة مرتبطة بوزير الخارجية الإسرائيلي الحالي "ليبرمان"، الذي كان قد قدم عرضًا بأخذ جزء من سيناء، مقابل جزء من صحراء الأردن، هو ممر بين مصر والأردن، والمخطط فعلًا، داخل أمريكا، أن يأخذوا ٤٥ كم، وعندما تأتي التسوية النهائية، لا يكون هناك مشكلة في عودة اللاجئين!
وهل في اتجاه مصر الآن للدولة الدينية سبيل لتحقيق هذا المخطط على أرض الواقع؟
- اتجاه مصر إلى الدولة الدينية يُخدِّم على الوطن البديل، أي ترحيل الفلسطينيين إلى سيناء، وهذا لن يحدث على أرض الواقع؛ لأن تكوين الشعب المصري ثقافيًّا،
وكذا حضارتنا، لن يسمحوا بذلك، فعِندي نيل وشجر وشعراء وثقافات، فالشعب لن يقبل ذلك التقسيم. والدولة الدينية تخدِّم أيضًا على إسرائيل؛ لأن بظهورها تزول القومية. وإسرائيل كانت، ولازلت تقول للغرب "نحن الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة".
-وإذا أدخلنا فكرة الخلافة الإسلامية، فإن حصول "حماس" على "٤٥ كم" في سيناء لن يكون مشكلة!
وما دور "حماس" في المعادلة الإقليمية حاليًا؟
-"حماس" استُخدمت في فتح السجون، ولو هناك توجه لإرساء دولة دينية، فسيبقى لـ"حماس"، و"الميلشيات" دور كبير، خاصة في سيناء.
هل تقصد أن "حماس" ضالعة في ما يحدث بـ"سيناء"؟
-بالتأكيد.. والأنفاق خير شاهد على ذلك، ومسألة "سيناء" موضوع صعب، يحتاج استراتيجية طويلة المدى.
ما جرى في سيناء وعلى الحدود أثار القلق، كيف تبدو قراءتك؟
-هناك أطراف مثيرة في سيناء، وهناك تقصير فاضح في الدولة المصرية، منذ ما بعد حرب ١٩٧٣، وحتى الآن. فلو كان الرئيس المخلوع مثلًا يزور جنوب سيناء مرتين، وشمالها مرة، لكان هناك إعمار. لكن هناك خطأ جسيمًا وقع في براثنه النظام السابق، ولولا أن هناك محاكمة لمبارك، لكانت محاكمته على ما فعله بسيناء كافية!