ياسر أيوب
لم يكن لوكا لوكوشفيلى يبحث عن أضواء وشهرة وتصفيق وإعجاب أى أحد.. لكنه اكتشف بعد قليل أنه فى هذا العالم لا يزال هناك من يهتم بالجمال أكثر من القبح ومن يجذبه الخير لا الأذى.. واكتشف أيضا أن كرة القدم لعبة لم تفقد بعد قلبها وإنسانيتها.

ولهذا كان لوكا أحد الذين قام الفيفا بتكريمهم الإثنين الماضى فى حفل الأفضل فى باريس وسط مشاهير النجوم والمدربين.. ففى فبراير 2022.. كان لوكا المولود فى جورجيا منذ 25 عاما يلعب محترفا لنادى فولفسبرجر أمام أوستريا فيينا فى دورى النمسا.

وفجأة سقط جورج تايجل لاعب أوستريا وابتلع لسانه وبات معرضا للاختناق والموت فى لحظات.. وبينما وقف زملاء جورج ينتظرون جهازهم الطبى.. جرى لوكا بخبرته الكروية ومد يده داخل فم جورج وأعاد لسانه إلى وضعه الطبيعى حتى قبل نزول أطباء أوستريا للملعب.

وبالفعل تم إنقاذ جورج بفضل تدخل لوكا الحاسم والسريع.. ورغم ذلك.. لم تلق جائزة اللعب النظيف للوكا التى قدمها له الفيفا نفس الحفاوة والاهتمام مثل باقى جوائز الفيفا مع كل الاحترام لتلك الجوائز وأصحابها.. وليست هذه هى المرة الأولى.

فالكثيرون هنا وهناك من أهل الكرة وأصحابها وإعلامها لم يعترفوا بعد بقيمة وجمال هذه الجائزة منذ بدأها الفيفا 1987 وأصبح يقدمها كل عام لمن يمنح كرة القدم أحد معانيها الجميلة.

وكل من يقرأ حكايات الفائزين بهذه الجائزة فى 25 عاما مضت سيكتشف أنه أمام لعبة أخرى أجمل وأرقى من الكرة التى يلعبها البعض فى زوايا وأنحاء كثيرة وتفيض بالعنف والتعصب والكراهية والخداع والغش.. ففى هذه الحكايات سنجد المهاجم الذى تعمد إمساك الكرة بيده حين لاحظ إصابة حارس مرمى الفريق المنافس.

والجمهور الذى يعانى مرارة الخسارة فيقف يصفق للفريق الفائز، احتراما لما قدموه من جهد.. والذين أحالوا كرة القدم إلى فرحة حقيقية لآلاف اللاجئين الذين فقدوا الوطن والأمان.

والمدافع الذى اعترف طواعية بلمس الكرة بيده لتكون ضربة جزاء صحيحة ضد فريقه.. والذين استغلوا شعبية كرة القدم لتعليم الأطفال ورعايتهم وحمايتهم من خوف وجوع ومرض.

والفريق الذى سجل هدفا دون أن ينتبه لاعبوه للاعب منافس وقع على الأرض مصابا فيصر على السماح للفريق المنافس بإحراز هدف حتى لا يكون انتصارا على حساب الأخلاق.. واللاعب الذى أنهى مشواره فى الملاعب دون بطاقة صفراء أو حمراء واحدة.

والذين استخدموا كرة القدم لتخفيف التوتر السياسى بين بعض البلدان.. ولم يكن لوكا لوكوشفيلى هو أول من يفوز بهذه الجائزة لنفس السبب.. ففى يناير 2020.. شاهد اللاعب الإيطالى ماتيا أجنيسى البالغ من العمر 17 عاما لاعبا فى الفريق المنافس يسقط فجأة ويبتلع لسانه فلم ينتظر إيقاف اللعب وجرى إليه وأنقذ حياته.

وفاز بالجائزة أيضا الفريق الطبى للمنتخب الدنماركى فى مايو 2021 حين تدخل بسرعة وأنقذ لاعبه كريستيان إريكسين بعد سقوطه مصابا بأزمة قلبية مفاجئة.
نقلا عن المصرى اليوم