الأقباط متحدون - حواجز من ورق
أخر تحديث ١٢:٢٠ | الثلاثاء ٣٠ اكتوبر ٢٠١٢ | ١٩ بابة ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٢٩ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

حواجز من ورق

صورة من مهرجان أحسبها صح الذي جمع بين الطوائف المسيحية
صورة من مهرجان أحسبها صح الذي جمع بين الطوائف المسيحية

Oliver كتبها 

أحد أصدقائي الأحباء أرسل لي الفيديو الخاص بمهرجان (إحسبها صح) الذي أقامته الكنيسة الإنجيلية و شاركت  فيه أيضاً الكنيسة الأرثوذكسية  بعظة ألقاها أبونا القس إندراوس إسكندر كاهن كنيسة العذراء  بدمنهور.
و سألني صديقي المحبوب عن رأيي في هذا التصرف أي في مشاركة القس الأرثوذكسي في مهرجان إنجيلي .مما أثار في داخلي أفكاراً كثيرة .فتركت الرسالة ليومين ثم عاودت قراءة التساؤل من جديد .و أرسلت له ردي كما رأيته و قلت له أنه رأياً شخصياً بحتاً .و سأذكره لكم في نهاية المقال لكن تساؤله جعلني منشغلاً بأفكار كثيرة  فقلت أشارككم  فيها بإعتباركم أحبائي عبر القلم .
 
الفكرة الأولي 
حين نتتبع تاريخ الطوائف الحديثة .الإنجيلية و البروتستانتية و غيرها.نجد أنها بدأت مع عصر النهضة الأوروبية أي منذ أربعة قرون.في العصر الذي بدأ فيه الإهتمام بقيمة الإنسان و حقوقه .
و جميعنا يعرف أن هذه الطوائف جميعها ولدت في حضانة النهضة الأوروبية.و إنتقلت إلينا عبر الإحتلال  في القرنين الماضيين . إنتقلت إلينا العقيدة الإنجيلية و البروتستانتية من خلال عقلية أوروبية متفتحة في وقت كان العقل العربي ( و لا يزال) متخلفاً .
أنا هنا أتكلم عن العقل الأوروبي و ليس عن العقائد.
 
المهم أن أسلوب التفكير الأوروبي إنتقل من خلال التبشير .فإمتزجت العقيدة الإنجيلية و البروتستانتية بمكونات العقل الأوروبي.
في الوقت الذي حافظت الكنيسة الأرثوذكسية علي عقيدتها من خلال ( النسك و الشهادة و التعليم و التقليد و الطقوس).
 و لأن  العقائد الغربية  وفدت علينا بالعقل الأوروبي.لذا نجد الفكر البروتستاني و الإنجيلي يهتم بالصفات الشخصية .و الثقة بالنفس .و الرجاء و الإستبشار و الميل إلي الفرح.و الإهتمام بالجانب النفسي في معظم المعاملات الروحية.و أهمية العلاقات الشخصية و التحرر الفكري و الميل إلي البحث .
بينما الفكر الأرثوذكسي متأثراً بالنسك و التمسك بالعقيدة حتي الموت معتمداً علي إرث تاريخي و عقيدي .هذا الإرث تسبب في تكويين شخصية تميل إلي إنكار النفس.و الزهد في الأرضيات .و تستخدم الحزن الروحي كثيراً في مسيرتها الروحية ربما أكثر من الأفراح.و ليس هذا عيباً .فكل عقل هو نتاج بيئته.و بهذه المعطيات قدمت كنيستنا الأرثوذكسية العمالقة من المفسرين و المفكرين و المعلمين و القديسين المتأثرين بالمنهج الفكري القبطي المصري الشرق أوسطي.
 
و مع أنني لا أري خلافاً بين الشخصيتين.أو بين الفكرين.لكنني أري إختلاف العقلين.عقل يميل لإستخدام نصفه الأيمن و عقل يميل لإستخدام نصفه الأيسر.و كلاهما كما نري نفس العقل.لكن المكونات المؤثرة في تكويين أسلوب التفكير مختلفة.
معني هذا أن الخلاف بين الطوائف يحتوي في جزء منه علي الخلاف بين طريقة التفكير الأوروبية و طريقة التفكير الشرقية  .هذا الخلاف بين العقليتين يضيف بعداً أكبر للخلاف بين العقائد .
 
و إذا إستطعنا الفصل بين خلافات  طريقة التفكير و إستبعدنا أثرها علي العقائد الغربية الوافدة علينا سيتبقي لنا بعضاً من المفاهيم الروحية و التفاسير الإنجيلية يسهل التفاهم جداً بشأنها و الوقوف علي أرضية ثابتة من الإتفاقات الكثيرة بين أعضاء جسد المسيح الواحد. حتي لو لم يحدث هذا التوافق سنكون قد إستبعدنا جزءاً من الإختلاف.
أردت أن أقول أن بعضاً  و ليس كلاً من الإختلافات بين الطوائف ترجع إلي جذور مكونات العقلية التي تبشر بهذه العقائد.و ليست إختلافات عقيدية في الأصل بل فكرية.مع إعترافي بوجود إختلافات عقيدية بالقطع  و إلا ما كانت تسمي طوائف.لكنني أود أن أستبعد الجزء النفسي العقلي و النهج الفكري لأستوضح حجم الخلافات الحقيقي.و حتماً سنجده أقل مما نتخيل و سيسهل علي المتحاورين في مجالس الكنائس التوصل إلي توافق أكبر.و وحدة أقرب مما نتصور.
 
الفكرة الثانية 
صناعة الحواجز النفسية هي أحد فنون إبليس التي يستخدمها لتقسيم جسد المسيح.و هو ماهر فيها جداً لأنه زاراع الإنشقاقات و الخصومات بين الناس هذا إسمه و هذا وصف دقيق لشخصية إبليس.فبهذا الإنقسامات تتقوي مملكته و بالمحبة تتقوض مملكته.لذلك نجده قد إستخدمها ( الإنشقاقات) كثيراً في الكتاب المقدس.و بين الشعوب.فكانت سبباً في حروب كثيرة خلفت مرارات و عٌقد بين قطاعات في الشعب ضد قطاعات أخري من نفس الشعب.
بين الأسباط صنع حواجز وهمية و تقسمت المملكة و تهاوت و ضاع مجدها.
بين اليهود في الجنوب و السامريين ( و هم يهود أيضاً ) في الشمال صنع حواجز جعلت اليهود لا يعاملون السامريين .
بين طوائف الشعب نفسه صنع حواجز .فكانت هناك طوائف منبوذة مثل العشارين.و طوائف تثير الفرقة مثل الفريسيين.و طوائف تقدم التعليم حسب الهوي مثل الكتبة.و طوائف تعد من أعداء الوطن مثل الهيروديسين و العشارين.و طوائف تحرض علي أعداء الوطن مثل الغيورين وكل هذه الحواجز  صناعة شيطانية.
 
 المسيح له المجد تمكن من التعامل مع كل هذه الفئات بنجاح بنفس مقدار المحبة للجميع .لم يرهن عقله لأحد.
فالتلاميذ كانوا مندهشين لأنه يتكلم مع إمرأة سامرية بينما هو يخطط للمبيت في السامرة ليردها إليه بأكملها.هنا المسيح له المجد يرفض أن تٌفرض عليه عقد الناس النفسية.بل يفرض هو عليهم منهجه السوي في حب و قبول الجميع ليس نظرياً بل عملياً و واقعياً .هذا هو الدرس.الذي كرره بالمبيت عند العشارين و الزناة و الخطاة و التعامل مع الجميع دون إدانة مسبقة.ثم موته من أجل بشرية لا تطيق بعضها بعضاً لعل موته يقودها إلي المحبة الحقيقية.
إذن علينا أن نفرق بين الخلافات العقيدية و بين الحواجز الشيطانية.فالخلافات محلها الحوار و الصلاة لأجل إستنارة العقل.و الإتضاع الذي يسمع الآخر بقلبه قبل أذنيه.الخلافات يمكن حلها بالصلاة و الحوار و التقارب.
 
أما الحواجز الشيطانية فهي لعنة.هي رسالة كراهية يجول إبليس لينشرها بين الناس . و لنا سلطان أن  ندوس عليها .بسلطان الروح القدس المعطي للمؤمنين.هذه الحواجز يجب أن نسعي لهدمها و عدم تعليتها يوماً فيوم.
لو إستطعنا إستبعاد الحواجز الشيطانية فسيتبقي بعض الخلافات التي لن تفسد المحبة أو تمنعها.و التي مع محاولات مخلصة و أمينة و خاضعة لروح المسيح ستصل بنعمة الروح إلي حلول و إتفاق.
 
الفكرة الثالثة 
توجد مشكلة تبدو واضحة عند البعض من  أصحاب العلم الغزير.أن إندماجاً يحدث بين علمهم و بين ذواتهم.فيرفض هؤلاء أي إعتراض علي ما يتصورونه صحيحاً.لأنهم يتصورون أن الإعتراض علي آراءهم ينتقص من كيانهم و يهدد ذواتهم المريضة. و يعد طعناً في كفاءاتهم المتفردة. فهؤلاء ينطبق عليهم قول الكتاب المقدس أنهم يكرزون بأنفسهم و ليس بالمسيح يسوع رباً و مسيحاً 2 كو 4 : 15 ...حقاً يكرزون بأنفسهم فيختلقون إنشقاقات في الكنيسة الواحدة.لأن الإنشقاقات دائماً تصاحب المعلمين الكذبة (أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تُلاَحِظُوا الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الشِّقَاقَاتِ وَالْعَثَرَاتِ خِلاَفًا لِلتَّعْلِيمِ الَّذِي تَعَلَّمْتُمُوهُ وَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ.)" (رومية 16 : 17).لذلك مثل هؤلاء يقسمون جسد الكنيسة فيما يظنون أنهم يدافعون عن وحدته.حيثما تجدهم تجد إنشقاقات.هؤلاء ليسوا سفراء عن المسيح بل ممثلين لأبليس.
فماذا لو كف هؤلاء عن الكرازة بأنفسهم؟ ستكون الوحدة في الكنيسة أكثر من الإنشقاقات.
 
طبعاً ليس كل أصحاب العلم هكذا.لأن فيهم المتضع أكثر من البسطاء .لا تكتشف ما فيهم من كنوز و معرفة إلا لو أتيحت لك فرصة ذهبية تجمعك بهم.و تخرج من لقاءهم مبهوتاً و نادماً أنك تأخرت جداً في إكتشاف هذه الشخصيات المبهرة دون أضواء أو ترويج للذات.
إذن يجب علي القيادات في كل طائفة أن تفرز هؤلاء الذين يكرزون بأنفسهم. و ليعرفوا أنه  ليس في الهجوم علي الآخرين من فوق المنابر أية شجاعة.المنبر الذي يهاجم هو منبر ضعيف روحياً.بينما تقديم العقيدة دون هجوم علامة ثقة و ثبات إيمان .لا تجعلك تصنع خصومات..
مع تأكيدنا علي أن هناك فرق بين الذات المريضة و بين التمسك بثوابت الإيمان .فالتمسك بالإيمان فضيلة أما الإعتداد بالذات في صورة التقوي فهو كرازة نفسية تثير الفرقة.
فإذا إستبعدنا الذوات المريضة سيتبقي لنا كماً  أقل من الخلافات و رغبة أعمق في وحدة الإيمان.و بيئة مقدسة معطرة بالمحبة تجمع و لا تفرق.
 
الفكرة الرابعة
 عبر الإنترنت صار هناك ما يمكن أن نسميه  الهجرة الفكرية. و هي أن تعيش بمنهج فكري متأثر بما إنفتح عليه عقلك عبر الإنترنت.و يحدث ما أسميه تلاقي النفوس.
و قد تكتمل الهجرة العقلية إلي هجرة جسدية . لكن  في الحالتين الهجرة العقلية أو الهجرة الجسدية تتقابل و تتفاعل مع غرباء في كل شيء. و العجيب أنك لا تستطيع أن تتهم أحداً بأنه منحرف العقيدة حتي لو كنت تملك ملايين الأدلة بشأنها.فهو حر في عقيدته.و لا ينتظر منك أن تعطه صكاً بصحة عقيدته.إنه شخصية مستقلة غير معتمدة علي أحد في تكويين قناعاته.فكيف ستتعامل مع مثل هذه الشخصيات؟ هل تتجاهلها بينما وضعك المسيح في طريقها؟و ماذا ستفعل لو كانت هذه الشخصية هي إبنك و إبنتك الذين ولدوا في المهجر؟ أو هاجروا أطفالاً و تكونت شخصيتهم في المهجر؟ هل تنفض يدك منهم و تقول ما فعلت إثماً؟
 
 هل تتقوقع؟ لو تقوقعت في المهجر لن تستطيع أن تعيش.فماذا أنت فاعل ؟ حتماً ستحاول تقبل هذه الشخصيات كجزء من الحياة اليومية.و الغريب أن تكتشف إنك تستطيع أن تفعل هذا بسهولة. حسناً فلماذا إذن لا تبدأ من الآن.حتي لو لم تهاجر.لماذا لا تبدأ بقبول الجميع الذين لا تكتمل حياتك إلا بوجودهم فيها.و لا يكتمل جسد المسيح إلا بتبادل المحبة علي أساس المسيح من خلال الكتاب المقدس.
 
هل يمكنك أن تكون مع المختلفين في العقيدة هو نفس الشخص حين تكون مع المتفقين معك في العقيدة؟ فلا تتحول من شخص حنون إلي شخص آخر هجومي؟ و من شخص خدوم و إجتماعي إلي شخص صامت و إنسحابي  يميل لإنهاء المقابلة بأسرع ما يمكن لكي يغرب بوجهه عن هذا المختلف معه؟
هل تري المسيح  يبدل شخصيته حين يجلس مع العشارين أو حين يرد علي الكتبة و الفريسين أو حين يحادث تلميذه يوحنا و هو متكأ علي صدره ؟أما تري منهجه واضحاً المحبة أولاً ثم بعد ذلك يسهل كل شيء.و إذا لم تثمر المحبة فإن العيب سيكون لمن لم يقبل المحبة و ليس من المسيح له المجد. 
لكن من الملاحظ أن البعض مشحون بالرفض للآخر.و عنده أحكاماً مسبقة قبل أن تسوقه الأقدار للتعامل مع من يختلف عنه. هو ليس عن إقتناع يمتنع عن الآخر بل ربما عن خوف؟أو جهل؟أو تحريض؟أو عدم ثقة في عقيدته؟أو عن أمراضه الشخصية التي تدفعه للإنسحاب من التفاعل مع الغير.أو عن خيالات يتخيلها في الغير من وحي ما سمعه أو  أسباباً غيرها كثيرة.
 
أردت أن أقول هنا أن كثيراً من خلافاتنا مع الآخر هي نتاج أمراض شخصية .و نتاج تعاليم خاطئة تربي البعض عليها حتي أنه أعتبر أن التنازل عنها هو تنازل عن عقيدته.بينما هناك فرق بين أن يتنازل عن تصورات خاطئة و بين أن يتنازل عن عقيدة صحيحة إنجيلية لا لبس فيها.هنا يتفاقم الجفاء .لأن إمتناعنا عن الآخر نكسوه بمصطلحات دينية لكنها ليست مفردات المسيح أو منهجه.
 
مع أن كثيراً مما تربينا عليه إكتشفنا حين كبرنا أنه كان خطأً.و إمتنعنا أن نربي أولادنا بنفس الأخطاء لئلا يتورطوا فيما تورطنا فيه .
فلماذا ننقل الجفاء بين بعضنا البعض من جيل إلي جيل؟ حتي أن البعض  يتعامل مع المختلفين معنا في العقيدة كمن يمسك طرفاً من أسلاك كهربائية عارية؟و كأنه سيموت بمجرد التعامل مع هؤلاء؟ و في كل هذا يظن في نفسه بطلاً من أبطال الإيمان و شهيد في سبيل العقيدة الصحيحة.
أنت تستطيع أن تسيطر علي نفسك.و علي عقلك.لقد نضجت بما يكفي لتفكر .و تبحث.و تغربل ما تعلمته.لعل بعضه لم يكن صحيحاً.أو أن لديك قناعات خاطئة عن الغير؟
 
أعد ترتيب بيتك الداخلي.فهناك تستقر مكنونات النفس و أسرارها.و هناك مكامن الطاقات الجبارة التي لم تستخدم منها و لو جزءاً ضئيلاً.فقط حاول.و ستنجح.لأن الروح داخلك ممتلئ بأعاجيب لم تتلامس معها بعد.
المشكلة أنك لم تعرف نفسك جيداً في الوقت الذي تريد أن تقوم بتقييم الآخرين سواء عن أفكارهم أو عقائدهم.أليس بالأولي تعرف نفسك أولاً لئلا تفحم كل المخالفين معك في كل العالم  و تخسر نفسك.
لو ذابت هذه الشحوم الفكرية ستنشط المحبة في القلب.و إذا ملكت المحبة فيك تستطيع أن تقدم ما تعتقده للآخر دون أن تخسره.بل ستكون عندئذ رابحاً للنفوس حكيم.
خلاصة هذه الفكرة أن لا نمزج بين تصوراتنا عن الغير و بين عقيدة الغير.فيتضخم الخلاف.فلنحجم الفارق و نجعله عند حده الأدني إن لم نستطع أن نلغيه.
-------------------
 
الفكرة الأخيرة
هي أمنية أن تتفق كل الكنائس علي ميثاق محبة حقيقي .تتعهد فيه بعدم الإساءة للآخر في عظاتها أو منشوراتها أو قنواتها .و يلتزم به كافة المنابر.و تخطط في هذا  الميثاق للقاءات تجمع الشعب معاً .تتكلم في موضوعات ليس عليها خلاف.و لقاءات تتبادل الخدام .و أن نحصر الكلام في الفروقات العقيدية في قاعات البحث أو بين خدام مؤهلين للتطرق في هذه الموضوعات دون تجريح أو تقليل لأحد.علي أن يتضمن الميثاق تعهداً بعدم إستغلال أية أنشطة أو لقاءات أو مناسبات لخطف أعضاء من طائفة إلي طائفة.تماماً كما تفعل كل الكنائس في مصر بمنع تغيير الملة كمبرر للطلاق.فليكن هذا منهجاً.
أن تضع الكنائس  معاً خطة للخدمات المشتركة مثل (علاج الإدمان- خدمة المرضي-خدمة المحتاجين-خدمات صحية-خدمات تثقيفية-مصايف-معارض منتجات) .
 
الحقيقة أن كل الخدمات ممكن أن تكون مشتركة دائماً بإستثناء الخدمات التي يدخل فيها التعليم مثل مدارس الأحد و الإجتماعات الروحية و الخدمات الطقسية.فهذه لا يمكن إلا أن تكون محصورة في نطاق كل طائفة.أما خدمات المحبة الإجتماعية الآخري فيمكن تشكيل لجنة من خدام الطوائف لتخطيطها و لإدارتها دون أن تتخطي هذا الإطار أو تتعدي علي الترتيبات المستقرة في كل طائفة. لتكون هذه اللجنة بذرة تعاون علي مستوي الشعب حتي لا يكون التلاقي بين القيادات فقط.فالقيادات تتلاقي منذ عشرات السنين دون أن ينتج عن هذا التلاقي أي وحدة.نريد للتلاقي أن يصبح علي مستوي الخدام و الشعب .
و نحن في المهجر نري هذه المشاركات و التعاون بين جميع الكنائس فليس ما أقوله غريباً لكننا نريده أيضاً في الداخل.لكي نغلب مكائد إبليس.
هذه الفكرة ليست من أجل أن نتوقف عن إثراء شعب كنيستنا بالكنوز التي في الكنيسة الأرثوذكسية و التي يشهد بها العالم كله.هي فكرة غرضها الإنفتاح علي الكل و محاولة لربح النفوس.
 
كما أنها  ليست دعوة ليكون الجميع معاً  تحت شعار لا طائفي .بل ليكون الجميع تحت شعار فليجعلنا المسيح واحداً.وليحتفظ من يشاء بما يشاء من عقيدة يريدها لنفسه أما نحن فأرثوذكسيتنا عزيزة علينا جداً و هي غنية من الإنجيل و المسيح الذي يشغل أساس إيمانها.فهذا المقال ليس دعوة للتنازل عن أرثوذكسيتك بل إنفتاحاً علي الكل.
 نمد يداً للجميع و هذا الشعار لا يبرر تخلينا عن أرثوذكسيتنا بكل ما فيها من خصوصية .بل يجعلنا نحملها في قلوبنا و نحن نتلاقي بمحبة قبول لأخوتنا في المسيح.
ربما أنها فكرة مثيرة للجدل.ربما تكون جيدة أو غير جيدة.ربما يختلف عليها الناس فهذا حقهم.لكنها فكرة واتتني و أردت أن أشارككم .
---------------------
 بعد هذه الأفكار أرسلت لصديقي المحبوب رداً علي سؤاله .بأن تواجد آباء كهنة أرثوذكسيين مع أخوته الإنجيليين في لقاء عام هو ترجمة صحيحة للإرثوذكسية.التي تندمج مع الآخر دون أن تفقد خواصها التي تتفرد بها.
التلاقي علي مستويات كهذه يقدم جيلاً خالياً من الخوف من الآخر المختلف معه في العقيدة.و إن كنت أعرف أن البعض منطلقاً من حبه المفرط لأرثوذكسيته قد يعتبر هذا الأمر تنازلاً عن العقيدة بينما في الحقيقة هو تمسكاً بتعاليم المسيح .و تقلداً بالآباء الرسل.الذين جالوا في خدمة محبة يقابلون الفكر بالفكر.و التعليم بالتعليم و يصححون ما هو مغلوط.دون أن يفقدوا فكر المسيح الذي غرسه فيهم بالروح القدس.و دون أن تنتقص محبتهم للغير .و التي كانت تتجلي بالذات مع المختلفين معهم بل و مع مضطهديهم.
لقد فهمت الكنيسة الأولي  درساً عظيماً حين سأل التلاميذ  المسيح عن تصرف تصرفوه دون الرجوع إليه .فسأله يوحنا قائلاً  يا معلم رأينا واحداً يخرج الشياطين بإسمك و هو ليس يتبعنا ( فمنعناه لأنه ليس يتبعنا ؟) فأجابهم أقنوم المحبة  و الحكمة قائلاً (لا تمنعوه.لأنه ليس أحد يصنع قوة بإسمي و يستطيع أن يقول علي شراً ....مر 9 :38
 
هل نسمع المسيح :هذا ليس يتبعنا و لكن لا تمنعوه.أي إقبلوه.لعله يتبع المسيح و نحن لا ندري.
الآن نحتاج إلي تحويل الأفكار إلي صلاة
أيها القدوس الذي فيه كل كنوز العلم.ماذا لو صمتت القلوب أمامك لتتكلم أنت.و تشير علي ما فينا من خبايا النقص و الضعف و الجهل.و تنتزع بزوفاك هذه الشوائب و تنقينا.
ماذا لو عشنا نسلمك أمرنا .لقد قضينا عمراً طويلاً و إستهلكنا كل مجاديفنا دون أن نصل للشاطيء.فهوذا الآن وقتاً مقبولاً نسلمك فيه كل شيء.كل شيء دون إستثناء.و نقف لنراقب عملك العجيب.
أيها الرأس الذي للجسد.المخلص الذي للكنيسة.رأسها الوحيد.متي تلملم أعضاء هذا الجسد.تركبه بتوافقك المدهش.فتكتمل صورتك في الأرض.و يصير أيضاً جسدك الوحيد الذي للرأس الوحيد.
 
ينادي الجميع بإسمك.يصلي الجميع إليك.يحملون فخراً بإنتسابهم إليك .يتباهون بنعمك.و مع ذلك فهم متفرقون؟ متي تجمعهم.لقد خرجت لتجمع المتفرقين إلي واحد. هذا عملك أنت .روحك يصنع هذا برفق.و يحقق طلبتك التي طلبتها من الآب.أن نكون كلنا واحداً معك و فيك.فيا من خلق صورته المبهرة منذ البدء.هذه التي بها رأي آدم حواء نظيراً له و علم  أنها منه .فأحبها كنفسه.هذا ما أردت أن تعيدنا إليه بالخلاص و بروحك القدوس.
علمنا أن نري الآخرين أنهم منا.و أننا منهم. و نحبهم كأنفسنا.
يا إلهي  لا تدع تعاليم البشر تسوق خرافك إلي صراعات.فالخراف يجب أن تظل خرافاً لكي تبقي قطيعك.لأنك لا ترعي الذئاب بل الخراف.فأحفظنا في وداعتك.
 
يا من علمت اللص اليمين أنه سيدخل اليوم الفردوس لا الملكوت.و صححت مفهومه و أنت علي خشبة الصليب .الآن و أنت علي عرش مجدك في سماء السموات صحح مفاهيم من لا يتفق علمهم مع معرفتك.و إحفظ نصيبهم في الفردوس هم أيضاً.
إن لم نحب بعضنا بعضاً نصبح مطرودين من حضرتك.إن لم نترجم حبك إلي حقيقة سنظل واهمين غافلين عن خلاصنا.حتي و لو حوينا كل جبال العلم و تلال المعرفة في قلوبنا.ستبقي معرفة الحب أعظم منها و أسمي.و ستبقي طلبتك عنا لكي نكون واحداً هي أمل الحياة هنا و كل الحياة هناك.
 
دمك القاني كما يغسل الخطايا كذلك يمحو كل عوائق تقف في طريق المحبة.و يزيل كل حواجز إبليس الوهمية.لأنه متخصص في أن يجعل الجبال سهلاً و يجعل مسالكاً في الطرق الوعرة.فمن غيرك نريده جميعنا.كل العيون تتجه نحوك.نعم نحوك أعيننا.
أنت الذي جمع كل النفسيات علي إختلافها في بوتقة محبتك فشهدوا لك و فتنوا المسكونة.أنت الذي ضم إلي أيقونة تلاميذه هذا المختلف عنهم بتأثير تعاليم خاطئة جعلته أسيراً للعداوة.اليوم نريد منك أن تصنع  الملايين مثل هذا الصياد بولس رسولك.اليوم نريدك أن تفرح قلب كنيستك بعودة أبناءها الذين تغربوا عنها.
 
خارج حظيرتك كثير من الخراف .و داخل حظيرتك كثير من الإنشقاقات.داوي الداخل و الخارج يا ماهراً في ربح النفوس.
علمنا أن لا نتباهي بتفوقنا علي الآخر بل نتباهي بمحبته كمحبة النفس.بل نتباهي بمحبتك لنا كلنا.
لقد نجحت يا مخلصنا الصالح يسوع في أن تجمع بين الأرضيين و السمائيين و جعلت الإثنين واحداً أفلا تجمع الأرضيين مع الأرضيين و تجعلهم أيضاً واحداً.
هل حقاً كنيستك سماءاً.لا خصومات فيها أو تحزب؟ نريد منك هذه الكنيسة.و نريد للذين يصنعون الشقاقات أن تبطل مشورتهم.لكي يخزي إبليس .و تكون لك الغلبة و المجد.
 
يا من زين الإنسانبالكيان الواحد و علمنا وحدة الثالوث أسبغ علي كل الطوائف وحدة معرفتك.و أزل ما يخالف مشيئتك بينها.و إعط إتضاعاً للكل فيسمع بعضهم بعضاً من قلب تملح بكل النعمة.و يصير سلاماً للبعيدين و القريبين.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter