الأقباط متحدون - الإستراتيجية الأمريكية وطائر النهضة
أخر تحديث ١٩:٤٨ | الخميس ١ نوفمبر ٢٠١٢ | ٢١ بابة ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٣١ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الإستراتيجية الأمريكية وطائر النهضة

بقلم: محمد حسين يونس
هل يشعر المصريون الآن أنهم قد ضُلِلَ بهم وتورطوا في المشاركة بالتمهيد لاستنساخ صورة مشوهة ثيوقراطية من نظام فاشيستي، إرهابي، عسكري، شوفوني، إثني، عميل ظل رابضا علي جسد مصر لنصف قرن يعوق تقدمها ويمنع مواكبتها للتطور الحضارى المتسارع في العالم. 
 
التصوير المُضَلِلِّ المتعمد من أطراف مختلفة ومتباينة لأحداث 25 يناير  علي أساس أنها ثورة ،هو الجزء الاعلامي والدعائي من إسترتيجية شاملة يزاولها العدولاستنزاف إمكانيات بحيرة زيت الشرق الاوسط.  
((الإستراتيجية الشاملة :هي علم توظيف القوى السياسية والاقتصادية والنفسية وقوات الدولة العسكرية لتقديم أقصي دعم للسياسات المتخذة سواء في السلم أو في الحرب)).
لقد إقتنعت شريحة كبيرة من المواطنين بما في ذلك مثقفين أنهم يقومون بثورات الربيع العربي وأعطوا لثورة كل قطر رمزا شاعريا يناسبه ليكون نصيبنا زهرة اللوتس بكل نقاءها وعمقها الحضارى، في حين أن النتائج جاءت بتمكين أكثر العناصر رجعية وشذوذا من الحكم وقهر وكبت كل الاصوات التقدمية والليبرالية المخالفة.
 
الولايات المتحدة الامريكية لها إستراتيجيتها التي تحركها كرتيلات إقتصادية ذات نفوذ سياسي واسع تملي علي الجالس علي عرش العالم ما يقوم به لصالحها،تكتيكات تنفيذ هذه إلاستراتيجيات تدورحول محاورثلاثة.
 
أولها : تأمين ولاء تبعية الانظمة الحاكمة وشيوخ البترول وحمايتهم.
ثانيها: إحباط أى فعل يكون من نتائجه معارضة النفوذ الامريكي ويشمل هذا تركيع الانظمة التي عارضت في مصر، العراق وإيران.
ثالثها: تقوية إسرائيل إقتصاديا، عسكريا، علميا بحيث تتفوق علي كل جيرانها مجتمعين .
تركيع الانظمة كما تم في مصر و العراق جرى عن طريق :
هزيمة عسكرية لاضعاف القدرة القتالية ثم ربط الجيش المهزوم بآلة حرب وترسانة السلاح الامريكي.
تعجيز الاقتصاد بتحميله بخدمة ديون تنفق في غير مكانها مع هجرالانتاج الزراعي والصناعي لصالح السوق الامريكي خاصة ما يتصل برغيف الخبز، الميديا، طرق المواصلات والسلاح. 
 
تحكم المشايخ في نظام الحكم وإحلال الخرافة مكان العلم والطقس مكان الفلسفة مع خلق تناقضات إثنية وعنصرية تتصاعد حتي درجة الانقسام والانفصال. 
تركيع النظام المصرى منذ نهاية حكم عبد الناصر حتي صعود رجال المرشد خط ثابت في الاستراتيجية الامريكية لم يحد عنه مستر دالاس ولا ميس هيلارى كلينتون وما حدث خلال العامين الماضيين ما هو الا إجراءات تثبيت اوضاع  التبعية التي إستمرت لثلاثة عقود وإستبدال طغمة فاسدة عسكرية بأخرى ثيوقراطية أكثر فسادا وشرها للسلطة والمال. 
((الاستراتيجية فن، تختلف ممارستها من إنسان إلى آخر)) يستعمل أحدهم السيف والكرباج مثل مستر بوش أو منومات الوعظ وعرض التعاون من جامعة القاهرة مثل مستر اوباما  فالاستراتيجية الامريكية لا تختلف عبر العصور ((تعالج الوضع الكلي للصراع من خلال مخطط وطني يستخدم كل فروعها التخصصية لغرض حشد وتوجيه موارد الدولة تجاه التهديدات الحالية والمقبلة)).
 
الهدف الاساسي لصانع القرار الامريكي( لمنع التهديدات الحالية والمستقبلية)هو المحافظة علي عاملين استراتيجيين غير مقبول المساس بأى منهما. 
 
الأول: هوإستخدام الدولار في  بيع النفط أى دعم عملة البلاد التي لا تتوقف المطابع عن صكها- دون سند- إلا الطلب عليها في السوق وهو أمر يوفره بيع بترول الاوبيك منذ إتفاق الرئيس نيكسون حتي اليوم، وتواجه الدول التي تعصى و تستبدل بيعه باليورو أو الذهب أو أى عملة أخرى بهجوم إقتصادى وعسكرى شرس كما حدث لصدام حسين والقذافي والسودان وما يحدث لإيران الملالي الآن. 
 
إن الحفاظ علي قوة الدولار بدعم البترول هدفا إستراتيجيا غير قابل للمناقشة. 
العامل الثاني: هو تدوير ماكينة الاقتصاد الامريكى محتكر البحث،الاستخراج،التكرير،النقل،البيع،والتوزيع لبترول المنطقة لصالح الشركات الامريكية بالاضافة الي احتفاظ  بنوكها بعائد التسويق وأى محاولة للخروج عن هذا الإطار تقابل بعنف كما حدث للسودان وليبيا ، أى ممنوع السماح بالمزاحمة الدولية في هذه الانشطة الا للشركات (المالتي ناشيونال) المسيطر عليها بواسطة الكرتيلات الامريكية.
 الصناعة الاخرى التي لها وزنها في الاقتصاد الامريكي هي الصناعات الحربية حيث تبيع لدول الخليج (التي في مواجهة مذعورة مع الوحش الايراني) أسلحة من كل نوع ،واى تخفيض للتوتر يعني ضياع مليارات شراء الاسلحة والتدريب وقطع الغيار والذخيرة وهو جانب لا يستهان به من الاقتصاد الامريكي.
 
يتبع هذا فرض أسلوب الحياة الامريكية علي حكام المنطقة الاغنياء لاستنزاف فوائض مدخراتهم من عائد البترول. 
وبالتالي فالعدو الذى يهدد الاقتصاد الامريكي يتمركز حول إحتمالين أحدهما ثورات حقيقية للشعوب ضد حكامها الفاسدين وهو أمر تصر الادارة الامريكية علي عدم السماح به أو السماح بتقدم اليسار الليبرالي ، حتي لا يصل لكرسي الحكم من كان في طموح عبد الناصر،صدام أو حتي ملالي ايران ينادى بمعاداتهم .
وهكذا فرضت أمريكاعلي عسكر النظام السابق في مصر ،تونس وليبيا تسليم عجلة القيادة لمشايخ النظام الجديد بعد هبات الشعوب لتسير الدول بنفس الاسلوب دون أى تغييرلضمان تأمين  المنطقة من الطموح وكسر أرجل وأجنحة طائر النهضة  العربي.  

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter