ورغم انه قليل الحديث ونادر الظهور فى الحوارات الفضائية والصحفية الا انه اختص "الأقباط متحدون" بهذا الحوار. الذى يؤكد فيه على ان المتحولين هم اخطر أمراض نخبة المجتمع، ويرى أن الاصرار علي كلمه ( الربيع العربي) هو محاوله للهروب من الوصف الحقيقي للفعل الثوري الذي جري .. اذ انه –كما يرى- اكثر قليلا من انتفاضه واقل نوعا ما من ثوره .. ويُحمل النخبة المسئوليه التي اوهمت الراي العام اننا سوف نعيش في جنان عدن بمجرد ان يترك الرئيس مبارك وفريقه حكم مصر ولم تكن لديهم بدائل او اطروحات."الأقباط متحدون" التقت "عبد الله كمال" فى حوار صحفى تحفظ فيه على الاجابة على بعض الأسئلة وأجاب على معظمها..

 

 

 

 

 

- أولا انا لست مع التصنيفات الطقسيه او المناخيه  للأحداث السياسيه .. لاربيع ولاخريف ولا شتاء .. خصوصا ان الربيع في المناخ المصري هو فصل يكتم انفاسنا بالاتربه ورياح الخماسين .. والخريف هو افضل فصول السنه في طقس مصر ولايمكن ان اقرنه بالتيار المتاسلم لانني بالفعل من عشاق الخريف .. واقع الامر ان تلك التسميات دعائيه ومستوحاه من تراث اخرين قياسا علي تسميه (ربيع براغ) في زمن  الحرب البارده .

 بعيدا عن هذه النقطه الشكلانيه لايمكنني ايضا ان اصف ماجري في مصر بانه (وكسه) او ( نكسه) كما يردد عدد من الرافضين له .. والمتضررين من نتائجه وهم كثيرون .. لايمكن ان نقول ان مطالبه شعب بالتغيير (وكسه) .. التغيير ضروره .. الثوره هي نداء بالتجديد .. انا شخصيا نشرت مقالا في نهايه ٢٠١٠ عنوانه (نلتق بعد الثوره - مصر ٢٠١٢) كنت اطالب فيه الرئيس مبارك باتخاذ اجراءات محدده بقصد التغيير والتجديد لكي يكون هو صاحب الفعل الثوري .

 

 

 - من ناحية النتيجه خلصت في يوليو الماضي الي اننا بصدد ثوره .. لان خصم نظام يوليو اي مرشح الاخوان المسلمين دخل قصر نظام يوليو لكي يحكم منه .. وفي شهر يوليو للمفارقه .. اما من ناحية التفاعلات فقد كنت اختصر الامر في البدايه بان اصفه بانه فعل ثوري .. لم يرق الي ثوره .. بعض الكتابات الغربيه تصر علي وصفه بانه انتفاضه .. ولاتطلق عليه وصف ثوره .. وبعضها يقول انها اضطرابات .. واعتقد ان الاصرار علي كلمه ( الربيع العربي) هو محاوله للهروب من الوصف الحقيقي للفعل الثوري الذي جري .. اذ انه اكثر قليلا من انتفاضه واقل نوعا ما من ثوره .. 

 

 

- انظر اليها بصوره مختلفه من ناحيه المقياس الزمني .. لا اقيس علي مده حكم الرئيس .. وانما منذ بدأت الاحداث في يناير ٢٠١١ .. ويتوقف الامر ايضا علي نظرة كل طرف لاهدافه .. نداء ( العيش والحريه والعداله ) لم يتحقق بالطبع .. اذا اعتبرنا هذا مطلبا عاما .. بل ان كثيرين يعتقدون ان الاحوال كانت في العصر السابق افضل مقارنه بما هو عليه الحال الان .. لكن من وجهه نظر الاخوان هم حققوا هدفهم من المشاركه في هذه الاحداث وصاروا يحكمون مصر لاول مره منذ حلموا بذلك قبل ٨٢ عاما .. ومن وجهه نظر الشباب الثائر الذي شارك في المطالبه بالتغيير لم يحدث شيء الا تغيير اداره الحكم .. ومن وجهه نظر عموم المصريين هناك معاناه في تحقيق متطلبات الحياه اليوميه التي تندرج تحت بند العيش والحريه والعداله الاجتماعيه ..

 

 

 - المسئوليه تقع علي عاتق كثيرين جدا .. وبالاساس علي النخبه التي اوهمت الراي العام اننا سوف نعيش في جنان عدن بمجرد ان يترك الرئيس مبارك وفريقه حكم مصر .. فلم تكن لديهم بدائل او اطروحات او تصورات او حلول سياسيه او سيناريوهات .. ولهذا تجد الكثيرين يتخبطون لايريدون الاقرار بالذنب ولا بتحمل المسئوليه .. واذا خاضوا نقاشا فانهم يرجعون الي الخلف ولاينظرون الي المستقبل لانهم ليسوا علي قدر استحقاقاته.

هل تعتقد ان امريكا كان لها دور فى الثورة المصرية؟

الامريكان طرف اساسى فى المعادلة المصرية منذ عام 1974 (قدوم نيكسون لمصر) والتحالف بين مصر وامريكا، هم طرف جوهرى فى معادلة مصر منذ 25 يناير اكثر من قبل 25 يناير ويمكن القول ان الادارة الامريكية مؤثرة للغاية.

الثورة بمعناها العام هى نداء بالتجديد ومطالبة بالتغيير، أسمى ما حدث بأنة ثورة عندما دخل مرسى قصر نظام يوليو، أما ما حدث لكى طلق عليه ثورة فهذا  أمر يجب مناقشتة بالتفصيل. هل استفاد أحد من 25 يناير؟ ستكتشف ارتفاع معدل الاحباط وعدم الرضا من مختلف فئات المجتمع المصرى بما فى ذلك من وصل للحكم وليس فقط الأقباط.

 

 

- الحياه اختيارات ، والمواقف لايمكن ان توصف بانها مواقف الا اذا كانت ناتجه عن قناعات ، وليست نابعه من رغبه في تحقيق مصلحه ، او كانت تلك المواقف رداءا مؤقتا سنكون وقتها كمن يحضرون احدي  الحفلات التنكريه .. للاسف الشديد بعض كتاب مصر في ازمنه مختلفه كانوا يحضرون حفلات تنكريه ..  المتحولون لم تكن لديهم اختيارات ، مرتزقه بمواقفهم ، حضروا للحياه العامه ضيوفا في هذه الحفلات خلف اقنعه  ، لاشيء فيها حقيقي ..الجميع يرتدي قناعا يخفي خلفه مايؤمن به .. حتي نسي ماذا كان موقفه الاصلي . 

 

     المتحولون اخطر امراض نخبة المجتمع .. يفقدون الرأي العام ثقته في قيادات الرأي .. تصبح النخبه غالبا بلا مصداقيه .. وينظر الناس اليهم علي انهم اصحاب مصالح . علي كل حال هذا المرض ليس قاصرا علي فئه او تيار .. وهو موجود في اغلب تيارات السياسه .. الذين ايدوا حكم مبارك والذين عارضوه ..وبعد ٢٥ يناير بدل الكثيرون مواقفهم مرات ومرات وسببوا ارتباكا كبيرا في المجتمع .. وهم بالتاكيد مسئولين عن حالة التيه التي يعانيها المصريون الان . 

 

     لن يحدث اصلاح في مصر الا اذا حدث اصلاح في النخبه نفسها .. وان تتحول من نخبه نفعيه تبحث عن وظيفه ومكانه مقابل ماتعلنه من اراء .. الي نخبه تقود المجتمع نحو التطور .. 

 

 

- المسئوليه الاساسيه في مجتمع ترتفع فيه نسبه الاميه يكون علي نخبته ان تقوده لعبور مشكلاته . نخبه مصر تعاني من مشاكل عديده ليس منها التحول في المواقف وحده .. وانما ايضا انها دائما تبدو غير مقتنعه بما تقول .. وليست لديها رؤيه بعيده .. ولاتطرح فكرا شاملا .. وتمالئ السلطه في اغلب الاحوال حتي لو كانت تعارضها .. 

 

 

- في كثير من الاحيان تكون مواقف النخبه من الدوله ناتجه عن ان الدوله منحت واعطت او لم تفعل  اي طلب منها المثقف ان يحصل علي موقع او وظيفه . فاذا حصل عليه كان له موقف . واذا لم يحصل عليه كان له موقف آخر . هذه ظاهره موجوده في مصر منذ خمسينات القرن الماضي .. وفي مختلف التيارات .. مع استثناءات بسيطه وربما نادره !! 

 

- عمليا لم يتم بناء نظام جديد للحكم بعد ..لايمكنني ان اقول اننا في عصر الحكم الاخواني .. نحن في ايام حاكم اخواني .. حوله حزب يريد اخونه الدوله دون ان يكون قادرا علي ذلك .. ليس بسبب مقاومه مؤسسات الدوله وانما بسبب عدم الامكانيه .. الاخونه ليست هي ان تضع كل افراد تنظيمك في الأماكن المؤثره في الدوله .. مشروع الاخوان نفسه ملتبس .. هم انفسهم ليس لديهم الان تعريف محدد له .. حتي مقاربتهم التي سموها مشروع النهضه تبين انها وهم .. علما بانها لم يكن لها بعد ثقافي او سياسي .. وانما مجموعه من الاحلام الاقتصاديه التي ثبت انها بعيده تماما عن الواقع .. 

 

تلك مسأله لايمكن التأكد منها .. قد يحدث وقد لايحدث .. لكنني اعتقد ان هناك تحديات عديده تواجه الحكم منذ اللحظه الاولي .. بحيث يظل خاضعا للاحتمالات .. مثلا مناقشات الدستور كادت ان تعصف به لو تقرر اعاده الانتخابات بعد اقرار الدستور ..ولولا الاغلبيه الاخوانيه في الجمعيه التاسيسيه ربما كنا بصدد انتخابات جديده قريبا .. ايضا انت تجد كل يوم في مصر تفاعلات لايعرف احد نتائجها .. ازمات تنفجر .. مثلا ازمه النائب العام وهي جعلت القضاء حيويا واساسيا في المعادله السياسيه وتوازن الحكم في البلد .. وماعرف بانه وجود عدم ارتياح بين القوات المسلحه .. والعمليات الارهابيه في سيناء والتي قد تؤدي الي تاثيرات امنيه في الدلتا والصعيد .. والازمه الاقتصاديه المتصاعده .. والاحتقان السياسي العام .. كلها وغيرها عوامل تجعل الاجابه عن هذا السؤال بالنفي او الايجاب غير علميه .

 

 

- اذا عدت الي موقع العربيه نت سوف تجدني اول من اشار الي مسأله موضوع الخطابات في المساجد .. كتبت مقالا في ٣٠ يوليو الماضي بعنوان ( رئيس دوله ام امام مسجد؟) .. وهي ظاهره تثير الكثير من التساؤلات حول قناعات الرئيس مرسي بدور دار العباده ومؤسسات الحكم .. وترتبط بقناعات الاخوان فى دور المسجد في السياسه .. الرئيس مرسي بشكل او اخر يعرف قيمه المسجد في الدعايه الدينيه لجماعه الاخوان .. ولهذا هو يعتقد ان هذا سوف يواصل فائدته وقد اصبح رئيسا .. في حين ان الحكم لايكون الا من خلال المؤسسات الدستوريه .. خصوصا واننا في بلد لايمكن لجزء ملموس من مواطنيه ان يدخلوا المسجد .. والا كان علي ان اقبل من وزير مسيحي ان يخطب في الرأي العام من داخل الكاتدرائيه ..  لاتعليق بخلاف هذا لدي علي خطابات الرئيس فقد قال الكثيرون كلمتهم فيها والجميع لديه رأي معلن .

 

 

- انا كاتب ممنوع من الكتابه في بلدي .. وفي الصحيفه التي اسستها وكنت سبب صدورها .. روزاليوسف اليوميه .. وفي المجله التي تربيت فيها وعملت فيها عشارت السنين.. وليس لدي حتي مكتب في مجله روزاليوسف .. وانشر المقالات من حين لآخر في مواقع عربيه مثل العربيه نت ، وايلاف دوت كوم ، وميدل ايست اونلاين ، وجميعها اكثر تاثيرا من روزاليوسف الان .. بخلاف عملي كمستشار لجريده الرأي الكويتيه الذي بدأ منذ عشر سنوات . واتعجب كيف لصحافه في زمن مابعد ٢٥ يناير لاتتحمل مقالا يوميا لي ..

 

 

-آمل ان يصدر في فبراير المقبل باذن الله ، وهو عمل ضخم ، استغرقت في اعداده وتاليفه نحو السنتين .. وساروي فيه قصه ماجري في مصر من زوايا مختلفه .. وكيف ولماذا انتهي حكم الرئيس السابق مبارك.

 

- الفرعون هو وصف حاكم مصر .. واترك للكتاب شرح الفرق بين الاخير ومن هو الذي يليه .. وسوف يجد القارئ في الكتاب بحث مفصل فيما يسمي الفرعونيه السياسيه .. ومواصفاتها وعلي من تنطبق .. ولا اريد ان اكشف الان كل اوراقي . 

 

- اولا اشكر موضوعيتك من حيث انك تتحدث عن المساوئ والايجابيات .. الكثيرون يتبنون وجهه نظر انه لم يكن له سوي سلبيات وهذا حكم تاريخي خاطى .. كانت له انجازات وكانت له اخطاء .. وفي كتابي اشرح هذا بالتفصيل مستندا الي وقائع .. واعتقد ان اهم مساوئ حكم مبارك تكمن في اهم قدراته .. وهي انه تمكن من ان يحكم البلد ٣٠ عاما .. الوصول الي كل هذه المده اقتضي احداث توازنات مهوله .. وايضا ارتكاب سلبيات كثيره .. ومن تحت هذا البند تتفرع امور كثيره جدا .. في السلبيات وفي الايجابيات وفي مسببات انفجار الرغبه المناديه بالتغيير في ٢٥ يناير ٢٠١١ .

 

- اعلنت من قبل انني كنت مستشارا سياسيا واعلاميا له في حملته الانتخابيه .. علما بان كل من عمل مع احمد شفيق في هذه الحمله يتعرض للعنت واجراءات اضطهاديه عقابا له علي ممارسه حقوقه السياسيه .

 

 

- صفقه او مؤامره ؟؟ هذا كلام لابد ان يخضع للتحقيق التاريخي الموثق .. لكن تقارب النتيجه بهذه الصوره التي جعلت لدينا رئيس بنسبه ٥١٪ من الاصوات يثبت ان شفيق كان مرشحا قويا ومؤثرا وكان علي بعد خطوه من منصب رئيس الجمهوريه .. ولك ان تعرف انني الذي كتبت خطاب اعترافه بالنتيجه في ضوء مبادئ وتوجيهات ابلغني بها سياده الفريق نفسه وقتها .. هذا الخطاب هو  الذي اسس فيه شفيق للشرعيه الجديده في حكم مصر لانه لو لم يكن قد قبل لربما كنا في جدل حتي اللحظه .. وهاهو الجدل يتجدد في ضوء الاجراءات الانتقاميه التي يتعرض لها الفريق شفيق .. هو ومن تعاونوا معه .. وساندوه .. ومنطقه الالتباس هنا التي تحتاج الي حسم تتعلق بان اللجنه العليا للانتخابات تجاهلت امورا جوهريه كان يمكن ان تؤثر في النتيجه ..يتكلم عنها سياده الفريق شفيق كثيرا .

 

 

- ليس صحيحا انها فشلت في الانتخابات الرئاسيه ، بل بالعكس ثبت ان نصف الناخبين كان احمد شفيق قادرا علي حشدهم ،وكانت لديه قدره علي المناورات الانتخابيه واقناع الناس بمشروع واضح .. الفرق بينه وبين الرئيس مرسي يعطي الرئيس مرسي مكان الحكم ولكنه لايثبت ان هناك فشل .. اما في الانتخابات التشريعيه فانا اعتقد ان هناك اسباب كثيره .. اولها انه لم يكن هناك سيطره علي الخطاب الديني قانونا .. وقد كان القانون يمنع استغلال الدين في السياسه .. وثانيا الانفاق المالي المهول من التيارات الدينيه علي العمليه الانتخابيه بما لايقارن بالميزانيات التي كانت متوفره لغيرهم .. وثالثا قانون الانتخابات نفسه وبما في ذلك تقسيم الدوائر الذي لم يتح الا للاخوان يسر الحركه علي نطاقات واسعه .. ورابعا عدم وضوح برامج القوي المدنيه التي كانت في هذا الوقت تخسر القوي التقليديه المؤيده للتيار المدني من حيث ان الثوريين كانوا يخاصمون المؤسسه العسكريه .. واسباب كثيره اخري . 

 

 

- سوف اقول لك توقعي حين تكون هناك انتخابات قريبه .. انا شخصيا اعتقد انه لن تكون هناك انتخابات قريبه لاسباب قانونيه وسياسيه .. والاخوان هم اخر من يريد ان يخوض انتخابات الان او بعد اشهر قريبه ..