محرر الأقباط متحدون
قال الدكتور شوقى علَّام -مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم، إن التنوع والاختلاف سنة كونية موجودة وملحوظة فى الخلق، نراها فى الإنسان والنبات والحيوان، وهى مقصودة شرعًا، حيث أن الاختلاف ليس شرًّا ما دام ابتعد عن التعارض المضر بترابط الأمة.
جاء ذلك خلال لقائه الرمضانى اليومى فى برنامج "كل يوم فتوى" مع الإعلامى حمدى رزق، الذى عُرض على فضائية صدى البلد اليوم، مضيفًا أن نموذج الحبشة بين المسلمين والمسيحيين أثبت مدى الرُّقى الذى تعامل به كلٌّ من المسلمين والمسيحيين، وهو نموذج وقف أمام محاولات قريش للوقيعة بين الطرفين؛ بما يثبت أن محاولات الوقيعة بدأت منذ العصور الأولى، لكنها كانت دائمًا تبوء بالفشل، كما عاش المسلمون فى الدولة الإسلامية مع أهل الكتاب، بل مع الوثنيين فى العصور اللاحقة، وكانت بينهم وبين المسلمين صِلَات ومعاملات، ولم يؤمر المسلمون بقتلهم أو إخراجهم من الدولة الإسلامية.
وأكَّد مفتى الجمهورية على جواز ومشروعية إطعام الجار المسيحى الطعامَ وقَبول الطعام منه، بل يجوز إفطار الصائم عنده؛ فكل هذا داخل فى البر والتراحم والإحسان.
وتابع أن التجربة المصرية تجربة فريدة فالنسيج الوطنى بين جناحَى مصر المسلمين والمسيحيين هو نسيج قوى ومتين لا يستطيع أحد أن يقطعه ما داموا فى رباط ووحدة، وقد عاشوا على أرض مصر عبر التاريخ جنبًا إلى جنب؛ بيوتًا متجاورة، ومصالح مشتركة، وأهدافًا واحدة، متضامنين متحابين فى سبيل الوطن، رخاءً وأمانًا، حربًا وسلامًا، حتى يئست منهم كل محاولات الوقيعة التى تتعمد نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار، فهؤلاء المغرر بهم لم يقرؤوا التاريخ جيِّدًا ولم يعرفوا تلاحم هذا الشعب الصامد عبر العصور ضد الوقيعة.
وأكد مفتى الجمهورية أنه لا ريب أن مشاركتنا لشركاء الوطن فى أعيادهم ومناسباتهم وتبادل الفرحة معهم هى من قبيل السلام والتحية وحسن الجوار، وذلك مظهر من مظاهر البر والرحمة والتعامل بالرقى الإنسانى الذى كان يفعله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع من جاوره أو تعامل معه منهم، وعلى ذلك سار المسلمون سلفًا وخلفًا عبر تاريخهم المُشَرِّف وحضارتهم النقية وأخلاقهم النبيلة السمحة التى دخلوا بها قلوب الناس قبل أن يدخلوا بلدانهم.
واستعرض المفتى العديد من النماذج التى رسخها الرسول الكريم فى حسن تعامل الجار كعدم رد الإساءة بالإساءة، وكذلك تفقُّد أحوال الجيران والسؤال عنهم والرفق بهم بغضِّ النظر عن دينهم أو عِرقهم أو لونهم، وكذلك عدم تعمُّد تصدير الأذى والإساءة لهم، أو حرمانهم من حقوقهم أو مضايقتهم.
وثمَّن الجهود المبذولة من المؤسسات الدينية ومؤسسات الدولة فى تنمية الوعى والتى أدت بدورها إلى تخفيض الأصوات التى كانت تنادى فى الماضى بتقسيم المجتمع والفرقة بين أفراده.