محرر الأقباط متحدون
استشهاد المسيحيين الأقباط على يد تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا في العام ٢٠١٥ شكل مصدر حياة جديدة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر. هذا ما قاله في حديث لموقعنا الإلكتروني الكاهن اليسوعي السويسري فيليب لويزيينه أستاذ اللغة القبطية في المعهد الحبري الشرقي في روما، متحدثا عن أهمية اللجنة الفاتيكانية الجديدة للشهداء المسيحيين الجدد والتي شاءها البابا فرنسيس لإحياء ذكرى شهود الإيمان، الكاثوليك وغير الكاثوليك على حد سواء.
 
يتضمن الموقع الخاص بأبرشية الأقباط الكاثوليك في ميلانو عبارة هامة هي "قد يكون المجد الأعظم للكنيسة القبطية صليبها"، ويؤكد الموقع أن الأقباط فخورون بالاضطهادات التي اضطروا إلى مواجهتها بدءاً من استشهاد شفيعهم القديس مرقس، لاسيما خلال الحقبة الرومانية، حيث توجه الإمبراطور الروماني ديوكلتيانوس إلى الإسكندرية في مصر ليمارس الاضطهاد شخصيا.  ونتيجة العدد الكبير من مؤمنيها الذين استُشهدوا حفاظاً على إيمانهم سُميت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بـ"كنيسة الشهداء" وتشكل اليوم الجماعة المسيحية الأكبر عددا في منطقة الشرق الأوسط، وهي في مصر الأقلية الأكبر إذ تشكل نسبة خمسة عشر بالمائة من مجموع عدد السكان.
 
هذه الشجاعة أظهرها للعالم واحد وعشرون قبطياً كانوا يعملون في ليبيا – وهم عشرون مصرياً وغاني واحد – عندما قتلهم تنظيم الدولة الإسلامية ذبحاً على أحد الشواطئ الليبية في الخامس عشر من شباط فبراير ٢٠١٥. وفي اليوم نفسه من العام ٢٠٢١ تحدث البابا فرنسيس عن هؤلاء الشهداء قائلا إنهم لم يتعمدوا في الماء وحسب إنما في الروح القدس أيضا وفي الدم، هذا الدم الذي يشكل بذرة الوحدة بين جميع أتباع المسيح. وخلال اللقاء الذي جمعه مع البابا تواضروس أكد فرنسيس أن هؤلاء الشهداء الأقباط ستُدرج أسماؤهم في دليل شهداء الكنيسة الكاثوليكية كعلامة للشركة الروحية بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة الرومانية. وقد تم العثور على جثث هؤلاء الشهداء في مقبرة جماعية وتم بناء كنيسة إحياء لذكراهم، وتُدعى "كنيسة شهداء الإيمان والوطن" ويزورها مؤمنون يتوافدون من مختلف المناطق المصرية.
 
في معرض حديثه لموقعنا الإلكتروني قال الأب لويزييه إنه إذا تعرفنا على واقع الكنيسة القبطية نرى أن الاستشهاد هو ركن أساسي من أركانها وتوقف عند أهمية الحياة الرهبانية لدى الأقباط، والتي تركت أثراً كبيراً في الغرب. ولفت إلى أن واقع الاستشهاد بالنسبة للكنيسة القبطية لا يقتصر فقط على الحقبة الرومانية، موضحا أنه في منطقة سمالوط في وادي النيل، يوجد العديد من الشهداء القديسين والرهبان الذين يشكلون ركيزة الكنيسة المحلية. هذا بالطبع ناهيك عن "الشهداء الجدد"، أي المسيحيين الذين استُشهدوا بعد الفتح الإسلامي، كما أن شهداء اليوم، شأن الأقباط الذين قُتلوا في العام ٢٠١٥، يتابعون تقليداً غنياً جداً، وهم مرتبطون أيضاً بليتورجيا الكنيسة القبطية. وهم شهود عظماء بالنسبة لمصر اليوم.
 
في ختام حديثه لموقعنا تطرق الكاهن اليسوعي السويسري إلى ما يُسميها البابا فرنسيس بمسكونية الدم، وقال إنه بدءاً من يوبيل العام ٢٠٠٠ حصل إدراك أكبر لمسكونية الاستشهاد، وتم تسليط الضوء على العديد من الشهداء المسيحيين الذين دفعوا حياتهم ثمنا لأمانتهم للرب مذكراً بأن الشهداء الأقباط قُتلوا لمجرد كونهم مسيحيين، وفي إطار الاستعداد ليوبيل العام ٢٠٢٥ تقدم شهادتهم إسهاماً قيماً لمسكونية الدم، وللوحدة النابعة من الإيمان بالرب يسوع.