لو سُئلتَ لماذا قامت الثورة؟ فقل لقد قامت الثورة لتقضي على احتكار السلطة لمصلحة جماعة من المواطنين احتكروها لمصلحتهم، ولمصالحهم الاقتصادية، قل قامت الثورة لأن من ادعوا أنهم حماة الحق سرقوها وسلبوا الناس حريتهم، قل قامت الثورة تنادي بعيش لكل جائع للطعام وليس للسلطة، بعيش لكل فقير حقيقي وليس من يدعي الفقر أو من يريد زيادة عدد محلات بقالاته، نادت الثورة بعيش كريم للجميع وليس لجماعة معينة والباقي يُلبسون الكبار الأحذية، قل إن الثورة قامت تنادي بحرية للصحافة، بحرية حقيقية وليس شبه الحرية، قل قامت الثورة تنادي بعدالة اجتماعية بين الجميع وليس لفئة ما، قل قامت الثورة لإيجاد حق تداول السلطة بين الجميع وليس بين أفراد جماعة، قل إن الثورة قامت بطهرها ونقائها لا تُضمر الشر لأحد، قل إن الثورة تنادي بتعليم محترم ومساواة حقيقية بين الرجل والمرأة ومساواة مأخوذة وليست ممنوحة؛ لأن من يمنح يحق له أن يسترد.
 

عزيزي القاريء، هذه الكلمات أظنها تنفع أن تكون معبرة عن الأسباب التي قامت لأجلها ثورة يناير المجيدة، والسؤال ألم يراودك شعور أن تلك المقالة قادمة من المستقبل، لتحكي لكَ عن ثورة على ما نعيش، أي أن خيال جنابك إن كان عادلاً وليس ملوثاً بتعاليم جماعة إقصائية إرهابية متطرفة يستطيع أن يقول لك موسوسًا بأن ما تقدم من أسباب ثورة يناير يمكن أن يكون أسبابًا لثورة جديدة، فيما يعني لحضرتك أن ثورة يناير لم تحقق أهدافها أو حققت قدر استطاعتها غير أن تلك الصفقة الجهنمية التي أبرمها مبارك والإخوان بإشراف عمر سليمان والتي بمقتضاها تركنا مبارك للإخوان يعاقبونا دون أن يدروا أو عن قصد -الله أعلم- على ما فعلناه بمبارك وأبنائه، فأتوا الإخوان يتبعون نفس نهج مبارك مع فارق أن ما انتهجه مبارك في آخر سنوات حكمه الثلاثين اقترفه الإخوان في أول شهور حكمهم، مما يشير لي أن ما يستندون له الإخوان هنا أقوى مما كان يستند له مبارك، طبعًا حضراتكم تعرفون ما الذي يستند إليه الإخوان، وما يُفرق الإخوان عن مبارك أنهم أكثر بجاحة منه في إجراءاتهم الإظلامية الظلامية الاختطافية بالبلد كلها وليس الثورة.
 

فكما كان مبارك يرهبنا بالإخوان، استخدم الإخوان "السلفيين" وسيلة إرهاب لنا، ظانين أننا نخاف، ولا يدركون أن من قام بثورة على مبارك لا يعرف الخوف لقلبه طريقًا، ولا أنتم ولا السلفيون ترهبوننا، قفوا عند حدودكم وإلا أعدناكم حيث جئتم بثورة ستقوم لنفس الأسباب، تضعكم إلى جوار من باع البلد لكم شريككم السابق في الحكم، طبعًا تعرفونه، نعم أقصد مبارك، فانتبهوا.. إنكم تلعبون بالنار، وتظنون أكثر شطارة من معلمكم مبارك الذي نسيتم أن تتعلموا منه كيف تكونون أكثر حكمة في تصرفاتكم ولا تكونوا استفزازيين؟ وإن كنت عزيزي القاريء، تظن أن ماجرى مع مبارك لا يمكن تكراره مع الإخوان فأنت مخطيء؛ لأن ما طار طير وارتفع إلا وكما طار وقع، وغرور الإخوان وعنادهم سيقودوهم أسرع من مبارك نحو الهاوية، وانظر كيف أن قراراتهم مفضوحة؟ وكيف يقف أمامهم الناس؟ وكيف أن مشاريعهم تفضح بأفعالهم غير المدروسة، وأقولها وأنا كلي ثقة إن لو أخذ الإخوان والسسلفيون نفس نسبتهم أو لا قدر الله أكثر في الانتخابات القادمة فستكون انتخابات مزورة لا جدال في هذا، والدليل انتخابات الرئاسة الأخيرة التي حشدوا وراءها كل إمكانياتهم، وكان منافسهم واحد من رجال النظام القديم ورغم ذلك أخذوها بشق الأنفس، وبدعوات ماما أمريكا التي نقلت دعمها من مبارك للإخوان، فكيف يصلون لنفس نسبتهم السابقة بمجلس الشعب وهم سيتنافسون مع رجال أكثر نقاء، ولن تجدوا بهم عيبًا إلا إن نعتموهم بنعوت الكفر والإلحاد الكاذبة.
 

المختصر المفيد أشتم رائحة ثورة قادمة خاصةً وأن كل أسبابها متوافرة وبأكثر بجاحة ووقاحة.