بقلم: د. رأفت فهيم جندى
كان من حظى اننى قمت بحوار صحفى مع قداسة البابا شنودة فى مساء يوم الأحد 7 سبتمبر عام 2008 فى مقر اقامته بفندق "انتركونتنتل كونفرنس سنتر" وقت علاجه فى كليفلاند كلينك، وُنشر الحديث فى الأهرام الجديد، ومن الأسئلة التى سألتها، أننى لا أستطيع الدفاع عن قداسة البابا عندما يقول لى البعض أن قداسة البابا يحابى لأنتخاب مبارك، ولقد كان هذا بمثابة سؤال لقداسته انه يتدخل فى السياسة.
فرد قداسته على الفور, "انا حااقولك تدافع ازاى, لقد مر علينا ثلاث روساء، عبد الناصر لم يكن ديمقراطيا، ثم أتى السادات معلنا ديمقراطية لها مخالب وانياب, وأتى الرئيس مبارك بحرية وديمقراطية أكبر, واقول لك أن الرئيس مبارك افضل الثلاثة رؤساء فى معاملته مع الكنيسة وطلبات الكنيسة ولكن هناك تيارات صعبة فى البلد أنتم فى كندا لا تفهمونها, فمثلا الرئيس مبارك متفهم لأهمية بناء الكنائس ويسهلها لنا ولكن المشكلة فى التيارات الموجودة فى البلد والتى تعتدى وتقاوم إنشاء الكنائس."
وفى لقاء المذيع وائل الابراشى مع قداسة البابا تواضروس سأل الابراشى نفس السؤال قائلا: "أن البابا شنودة قد مارس دورا سياسيا عندما حث الأقباط لصالح إعادة انتخاب حسنى مبارك"
رد قداسة البابا تواضروس قائلا "أنه لم يكن هناك وقتها ديمقراطية حقيقية فى مصر وكانت الاحزاب الأخرى مجرد حبر على ورق، ولهذا نقول ان اقصاء مبارك عن الحكم فى ثورة 25 يناير كان معجزة، فهل ترسم صورة رغيف على الورق وتعطيه لاحد لكى يسد به جوعه؟ وعندما يكون فى مصر ديمقراطية حقيقية فالوضع سيختلف."
وبهذا يكون قداسة البابا تواضروس فد اجاب على سؤالى لقداسة البابا شنودة، وربما لم يكن لائقا وقتها أن يقول البابا شنودة شيئا مثل هذا، فليس من مبادئ الكنيسة مقاومة او معاداة السلطة القائمة فى مالا يتعارض مع عبادتها، كما تقول رسالة رومية "حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ اللهِ، وَالْمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً". وعندما أمر السادات البابا شنودة بالذهاب للمنفى اطاع على الفور، ولقد كان قداسة البابا شنودة دقيقا فلم يقل لى ان مبارك ديمقراطيا، ولكنه قال ان مبارك اتى بديمقراطية اكبر من ديمقراطية السادات، ولقد كان قداسة البابا شنودة ذو حس سياسى رفيع المستوى وكان اول من قال ان ثورة 25 يناير إسلامية وستأتى بهم للحكم.
كلنا نعلم أن وظيفة البابا الأولى روحية وادارية للكنيسة، ولكن فى بلد مثل مصر هاضمة لحقوق الأقباط يتحتم علي البابا أن يكون متداخلا سياسيا حقوقيا، لأن ما يتم طبخه سياسيا يؤثر على الكنيسة وعلى شعبه من الأقباط، وكل الذين يطلبون من البابا تواضروس الاكتفاء بالدور الروحى فأنهم اما مغرضون لا يريدون للأقباط حقوقا، واما انهم لا يعلمون ماذا يطلبون!
والبابا ايضا لا يوجه الاقباط فى نشاطهم السياسى لأن خضوع الاقباط لقداسة البابا روحى فقط، ولقد حان الوقت ألا يكون امتناع الكنيسة القبطية عن ترتيب رحلات لزيارة مدينة (اورشليم) القدس سببا لادانة من يذهب للقدس من الأقباط فى رحلة غير كنسية، ولقد قال سليمان الحكيم "لِكُلِّ شَيْءٍ زَمَانٌ وَلِكُلِّ أَمْرٍ تَحْتَ السَّمَاوَاتِ وَقْتٌ."