حمدي رزق
بمعنى لَمْ يَنْبَسْ بِبِنْت شَفَةٍ، لَمْ تَصْدُرْ عَنْهُ وَلا كَلِمَة وَاحِدَة، لم يفتح فاه، سكتَ، لم يتكلّم مطلقًا.. وكأن على رؤوسهم الطير!.
وزير المالية «محمد معيط» تحدث فى ندوة عن استضافة مصر لاجتماعات البنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية أواخر سبتمبر الجارى، وقال أرقامًا مهمة.. للأسف مرت مرور الكرام.
أرقام معيط جدٌّ متفائلة، تحبط خبراء الغبرة الاقتصادية الذين صدّعوا رؤوسنا بعجز الحكومة عن سداد الديون وخدمتها، ولكنهم لا يفقهون أن القروض فروض، ومصر تؤدى فروضها على وقتها.. وتاريخيًّا، لم تتأخر مصر الكبيرة يومًا عن تأدية فروضها وسداد ديونها، ومصداقيتها دوليًّا فوق حملات التشكيك المستدامة، وتشهد بها المؤسسات الدولية.
معيط يقول نصًا: مصر سددت التزامات مستحقة بقيمة 25.5 مليار دولار فى النصف الأول من العام الجارى.. ويزيدنا معيط إيضاحًا: سددت مصر 52 مليار دولار من أقساط وفوائد التمويلات المستحقة عليها خلال العامين الماليين (2021 - 2022) و(2022 - 2023).
توقفت مليًا أمام أرقام معيط، وراجعت المليارات المسددة على تصريح المهندس «مصطفى مدبولى» رئيس الوزراء فى جمع من الصحفيين مشددًا: «الدولة المصرية لم يسبق أن أخفقت فى سداد أى التزامات دولية عليها، ولن يحدث ذلك مستقبلًا».
وتيقنت من صدقية مدبولى ومعيط على بيان البنك المركزى المصرى الأخير، وهو منشور بأقساط السداد وتوقيتاتها. وبعد الحمد والشكر لله، والدعاء بسداد كامل الديون وعلى وقتها، والسؤال للمحللين فى المنصات الإلكترونية والفضائية: هل آتاكم بيان معيط؟، هل طالعتموه جيدا؟، هل اضطلعتم بتحليل البيان وبيان مؤشراته؟، هل صدقتم رئيس الحكومة عندما قالها بملء الفم: «القروض فروض ومصر تؤدى قروضها على وقتها»؟، وهل.. وهل..؟!.
أتصمتون أمام الأرقام الحكومية الموثقة، وتتوفرون على ما دونها مصداقية؟!.. تخيل مثل هذا البيان يمر مرور الكرام، وحديث الديون يملأ أجواز الفضاء!!.
لماذا يتجاهلون البيان؟، لماذا الإصرار على تسويد الصورة؟، لماذا وضع البلاد تحت وطأة الدين وكأنها عجزت عن السداد، أو شارفت على الإفلاس؟!.
البيان فاضح وكاشف للمؤلفة قلوبهم من محللى الغبرة. تخيل يا مؤمن مصر،التى توعّدوها بالخراب الاقتصادى والانهيار والسقوط، تسدد 25.5 مليار دولار فى النصف الأول من العام الجارى، وسددت 52 مليار دولار من أقساط وفوائد التمويلات المستحقة عليها خلال العامين الماليين الأخيرين، رغم خروج ما بين 22 إلى 23 مليار دولار من الاستثمارات قصيرة الأجل (الأموال الساخنة) خلال الأعوام الماضية؟!. فضلًا، ترتفع احتياطياتها الدولارية فى البنك المركزى بنحو 72 مليون دولار لتبلغ نحو 34.878 بنهاية شهر يوليو 2023، مقارنة بنحو 34.81 مليار دولار بنهاية شهر يونيو 2023.. و(34.4 مليار دولار) بنهاية مارس الماضى.
تخيل حجم الاحتياطى وتعجب: (34.878 مليار دولار) من أصل (١٣ مليار دولار) عام 2013، صافى احتياطيات مرحلة الفوضى الهدامة، الله لا يعيدها!.. بعيدًا عن محللى الغبرة الذين يسكنون المنصات الإخوانية أو مسكونين بالرفض لثورة 30 يونيو، أو يعتملون ثأرًا من النظام المصرى، ويتبعهم متحذلقو «النيوليبرالية الاقتصادية» الرافضون وجود الدولة بمؤسساتها فى عصب الاقتصاد الوطنى. ما جرى ويجرى فى سياق الاقتصاد المصرى وتترجمه الأرقام يقول إن هذا البلد تنتظره أيام أفضل كثيرًا، بالعمل الجاد المنتج، والاستثمار المجدى، وتحكيم فقه الأولويات، وليس بالنواح المستدام على المنصات العربية والغربية، وإِنّ غَدًا لنَاظِرِهِ قَرِيب، ويلخصه ابن النحوى بقوله: «اشتَدَّى أزمَةُ تَنفَرِجى.. قَد آذَنَ لَيلُكِ بِالبَلَج».
نقلا عن المصرى اليوم